استاذ البحث الخارج للفقه والاصول في الحوزة العلمیه - قم المقسة :
قاعدة التعايش السلمي يعني تجنب الخلافات غير الضرورية والتركيز على ما يجلب السلام لحياة الناس
قال استاذ البحث الخارج للفقه والاصول في الحوزة العلمیه بمحافظة قم المقسة "آیة الله عندلیب همداني": إن قاعدة التعايش السلمي تعني أن يحترم كل فرد يعيش في المجتمع، القانون الذي يقبله الطرف الآخر، وتجنب الخلافات غير الضرورية أو غير المجدية والتركيز على ما يجلب السلام لحياة الناس.
وفي مقال قدمه "اية الله عندليب همداني"، خلال المؤتمر الافتراضي الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية، (الذي اقيم في الصعيدين الافتراضي والحضوري) خلال الفترة من 28 سبتمبر الى 3 اكتوبر 2023م، اشاد هذا العالم الاسلامي الايراني شكره للمجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیه على توجيه دعوة له بالمشارکه في هذا الموتمر.
وفي ما يلي نص كلمة اية الله همداني في الجلسة الافتراضية لمؤتمر الوحدة الـ 37 :
بسم الله الرجمن الرحيم
الحمدالله رب العالمین وصلی الله علی سیدنا ونبینا ابي القاسم المصطفی محمد وعلی اهل بیته الطیبین الطاهرین المعصومین.في حديث لسيد الساجدين الإمام زين العابدين (ع): " صلاح حال الناس التعایش والتعاشر" یجب على المجتمع المكون من آراء ومعتقدات ومذاهب وأديان مختلفة أن يتجنب النزاعات والصراعات قدر الإمكان. من المؤكد أن هذا البحث، بحث عقلاني وفكري وقرآني وروائي، لكن المهم هو ما الذي يجب فعله حتى يكون بين هذه الآراء المختلفة تعامل وتعايش سلمي؟
لا يكفي مجرد ترديد شعارات التعايش السلمي بين الأديان والمذاهب، ولا يكفي مجرد التبليغ الديني لإيجاد الوحدة والألفة والمحبة بين المذاهب الإسلامية المختلفة. مفيدة أما غير كافة. إذا لم تبنى هذه الشعائر والشعارات على نظرية وإستدلال فقهي، فهي غير مقبولة.
في هذا اللقاء القصير، يمكنني ان أبين أصل بحثي، وأقدم المقترحات عليه، لان هذه اللقاء القصير ليس مكاناً للتباحث ولا للنقاش العلمي، طرحي هو اقتراح، لدى فقهاء الشيعة الكبار قاعدة تسمى قاعدة الإلزام، لجهة التعامل مع الإخوة من أهل السنة، وقد تم تقديم تفسيرات مختلفة لقاعدة الالتزام. والظاهر أن ما يسميه الفقهاء القاعدة الإلزامية تخضع لقاعدة فقهية عامة تسمى قاعدة التعايش السلمي، يجب شرح هذه القاعدة، وبيان حدودها وتعريفها، ودليلها وتوثيقها. إن قاعدة التعايش السلمي تعني أن يحترم كل فرد يعيش في المجتمع القانون الذي يقبله الطرف الآخر، وقاعدة التعايش السلمي يعني تجنب الخلافات غير الضرورية أو غير المجدية والتركيز على ما يجلب السلام لحياة الناس.
لقد اتخذ العلماء خطوات في هذا الاتجاه وبينوا هذه القاعدة، لكن رجائي من علماء المسلمين، سواء الشيعة أم السنة، هو التركيز على هذه القاعدة بحسب المصادر القرآنية والروائية. كما قلت سابقاً حتى لا تكون النقاشات علمية أو فقهية أو تقنية، فلا يكفي عقد ند وات ولقاءات ومحاضرات، أقترح على علماء العالم الإسلامي التدخل في هذا الموضوع. وبالنتيجة، كل فرقة أو مذهب كما هي متمسكة بآرائها ومعتقداتها وفقهاها تعيش بطريقة لا تضر بآراء ومعتقدات الديانات والمذاهب الأخرى.
في هذا الزمان، ومع هذا التشتت في الآراء، وكثرة الأعداء من التكفيريين والمتطرفين، ما من سبيل للتعامل معها، ومواجهة التيارات التكفيرية والمتطرفة سوى التعامل العلمي والتقني والفقهي. الطريقة التي أقدمها، في هذا البحث، يجب تبيان معنى الإيمان والكفر بشكل صحيح، ويجب تبيان حقيقة الأخوة التي يتحدث عنها القرآن، ويجب أن يتم تبيان حقيقة الكرامة لكل إنسان، يجب أن نقبل كل إنسان بأي معتقد كان عندما يعيش في مجتمع، يجب أن تراعى حقوقه.
يجب أن نقبل أننا لا نتخطى على القانون، يجب أن نقبل أن التشنجات والنزاعات والصراعات، نفقدنا ما نملك، ونجعل الناس تشكك بأصل الدين والتعاليم الإلهية. لقد رأيت بعض العلماء العرب، من السنة والشيعة، الذين كتبوا عن هذا الموضوع، لكن هذا لا يكفي. يجب أن يركز بحث الخارج في الحوزات العلمية على كيفية التعامل، والتعايش، والتعاشر فيما بيننا مع الفرق والأمم المختلفة، بما في ذلك إخواننا السنة. لیس هذا الزمن زمن أن أجلس في منزلي، وأتصور أنني الحق المطلق والجميع على باطل، أکفر، وأهین وأحقر الجميع، لا ، لیس لي الحق وإن کنت طالباٌ حوزویا شیعیا، ولا لعالم من أهل السنة هذا الحق، لیس من حق أحد، فلنقبل أن التناقض المنطقي في الآراء يجب أن يطرح، عملاً بهذه الآية من القرآن الكريم "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" .
لا نقول إن القضايا الدينية التي هي موضوع خلاف بين الشيعية والسنية يجب أن تنسى، ولا ينبغي أن تطرح، أبدا، ولا نقول إن الخلافات بين القضايا الشيعية والسنية لا ينبغي أن تثار، ليس لدينا مثل هذا الاعتقاد، هم يقولون كلامهم، ونحن نقول رأينا أيضًا. أما "وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" هو أسلوب جميل ويعني أولاً أن أتجنب الإستهزاء والتحقير والتكفير والإهانات، "جادل بالتي هي أحسن" هذا يعني، ثانيًا، أنني أتقبل فكرة أن تصوري قد يكون خاطئاً، بينما أنا أدافع عن نظريتي الخاصة قدر الإمكان، كما أنني أعطي إمكانية الخطأ. "جادل بالتي هي أحسن" يعني ثالثًا أن أتجنب الإلحاح والإصرار على رأي أعلم أنه باطل، لذا فإن ما أقترحه في هذا اللقاء القصير، هو قبول مختلف الاجتهادات، ونسمح بطرح مختلف الأحاديث، عندم اعلان قبولنا فهذا لا يعني أن كل شيء على حق، لا، يجب أن يُطرح في إطار فقه التعايش السلمي، حتى
إن شاء الله يتسنى لفقهاء الأمة الإسلامية تفحص مختلف جوانب هذه القاعدة الفقهية بشكل جيد.