الدكتور شهرياري :
الامن العالمي لن يتحقق الا من خلال الوقوف بوجه المستكبرين
قال الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية "حجة الاسلام الدكتور حميد شهرياري" : ان الامن العالمي لن يتحقق الا من خلال الوقوف بوجه المستكبرين والحد من اطماعهم؛ فعلى الدول الاسلامية خاصة، ودول الجوار ايضا ان تعي هذه الحقيقة بان السلام العالمي وامن المنطقة وتحقيق النمو رهن بترسيخ التعاون بين هذه الدول.
جاء ذلك في كلمة الدكتور شهرياري خلال حفل افتتاح المؤتمر الدولي الـ 38 للوحدة الاسلامية في ايران.
واضاف الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ان "من خلال التعاون بين الدول الاسلامية يتاح للمسلمين بان يحدوا من جرائم الكيان الغاصب المتواصلة في غزة والضفة الغربية واخيرا في لبنان ويضعوا نهاية لهذا السلوك الاجرامي".
وفي ما يلي نص كلمة الدكتور شهرياري خلال المؤتمر الدولي الـ 38 للوحدة الاسلامية، الذي انطلق صباح اليوم الخميس، تحت شعار "التعاون الاسلامي من اجل بلورة القيم المشتركة مع التاكيد على القضية الفلسطينية".
اعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم والحمدلله رب العالمین و صلی الله علی سیدنا محمد وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین و من تبعه باحسان الی یوم الدین
بداية اهنئ ضيوفنا الكرام المشاركين في المؤتمر الدولي الثامن والثلاثين للوحدة الاسلامية لمناسبة عيد المولد النبوي (ص) الشريف ومولد الامام الصادق (ع).
وكذلك اشكر معالي رئيس الجمهورية الدكتور مسعود بزشكيان قبوله دعوتنا للمشاركة في هذا المؤتمر؛ وكذلك نرحب بالعلماء والمفكرين الحاضرين في المؤتمر خاصة الذين جاؤوا من ايران وخارجها متحملين معناة السفر.
المؤتمر الدولي الثامن والثلاثين للوحدة الاسلامية يحمل عنوان "التعاون الاسلامي من اجل بلورة القيم المشتركة حول محور القضية الفلسطينية"، وقد انطلق هذا العام في سياق الخطة الاستراتيجية للتقريب بين المذاهب الاسلامية والنهج الحواري للامة الاسلامية الموحدة وصولا الى هدف تأسيس اتحاد الدول الاسلامية.
وفي هذا السياق نشكر معالي رئيس الجمهورية الذي اكد على تحقيق النهج الوحدوي خلال زيارته للعراق. وعلينا اليوم ان نعير اهمية قصوى لتحقيق هذه الاستراتيجية التي كان قد دعا اليها اول مرة مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني الراحل (قد) .
الهدف الرئيسي الذي يركز عليه المؤتمر الدولي للوحدة في دوراتها الاربعة الماضية هو تحقيق احدى الثوابت القرانية، اي تأسيس اتحاد الدول الاسلامية لازالة الحدود التي تفصلها تدريجيا، وضرب عملة اسلامية موحدة وتشكيل برلمان موحد لتقنين قوانين وقرارات مشتركة بين الدول الاسلامية.
وفي هذه الظروف التاريخية الحساسة حيث العالم يعاني من حربين مدمرتين نؤكد على الامور التالية :
1- تعاليم القران الكريم ، ككتاب وحياني، ارسل الى کافة البشر، ومن ضمن هذه التعاليم تحقيق السلام والتعاون بين المسلمين وحلفائهم ومقاومة الطاغوت وظلم المستكبرين، بامكان تحقيق التعاون وتعزيز العلاقات بين الشعوب الاسلامية في المنطقة من خلال التأكيد على ثلاث قيم مشتركة وهي كرامة الانسان وتحقيق العدل واستتباب الامن، الذي يدخل ضمن اطار الاهداف الاسلامية المشتركة بين دول المنطقة.
الكرامة الانسانية، هبة وهبها الله للإنسان ليكون التعامل و التعاون بين ابناء البشر مبنيا على المساواة في الحقوق بغض النظر عن الانتماء الفكري والعقائدي.
ومن خصائص الكرامة الانسانية التفكر والتعقل ومعرفة الخالق وهما ما يميز الانسان عن سائر المخلوقات. ولكي نحافظ على كرامة الانسان يجب علينا ان نراعي حقوقه البديهية من توفير حاجاته الرئيسية من سكن وغذاء وماء.
2- ان انتهاك تلك الحقوق يشكل ابرز معالم الظلم، فتحقيق العدل هو واجب عقلي والهي ليستطيع الانسان في ضوء ذلك بناء الدولة التي تحقق المساواة في الحقوق بين المواطنين خارج نطاق الانتماء الديني والمذهبي والعرقي وتمهد للعلاقات الاجتماعية السليمة. ولهذا نرى ان مستكبري وطواغيت العصر يسعون دائما عن طريق استخدام ثلاثية المال والتزوير والاضطهاد، الاعتداء على حقوق الشعوب ونهب ثرواتهم. ولتحقيق مآربهم الغير مشروعة يرتكبون ابشع المظالم بحق الشعوب المقهورة، کما نشاهد الیوم من جرائم قتل بحق النساء والاطفال في غزة وسائر الاراضي الفلسطينية المحتلة؛ مما يذكرنا بحوار الملائكة مع الباري تعالى في القران الكريم، [أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ]. التوبيخ والتنبيه الالهي يشمل امما امثال "بني اسرائيل" الذين نقضوا عهدم بعدم اراقة دماء الاخرين واخراجهم من ديارهم.
و[َإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ// ثُمَّ أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُم].
وبعد ان نقض بنو اسرائيل عهدهم مع الباري تعالى وتلطخت اياديهم بدماء الابرياء وتشريد الفلسطيين من ديارهم، وبسبب هذه الجرائم توعدهم الله تعالى بالخزي والعار في الدنيا والعذاب الشديد في الاخرة، [فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ] .
لقد تحقق الوعد الالهي اليوم، حيث ان الكيان الصهيوني الغاصب يعاني حالة من الخذلان والهزيمة. ففي الجانب العسكري لم يحقق اي مكاسب تذكر، وفي الجانب السياسي يعاني الانشقاق الداخلي، واجتماعيا يواجه الاحتجاجات الداخلية المستمرة، وثقافيا تخلي الكيان من السواح وفقد مكانته الدولية، واما على الصعيد الاقتصادي فتحمل خسائر جمة منها توقف الاستثمارات الاجنبية؛ كل ذلك من مشاهد الاذلال والخذلان .
3- الامن العالمي لن يتحقق الا من خلال الوقوف بوجه المستكبرين والحد من اطماعهم؛ فعلى الدول الاسلامية خاصة، ودول الجوار ايضا ان تعي هذه الحقيقة بان السلام العالمي وامن المنطقة وتحقيق النمو لن يتحقق الا من خلال التعاون بين هذه الدول. ومن خلال هذا التعاون بامكاننا ان نحد من جرائم الكيان الغاصب في غزة والضفة الغربية واخيرا في لبنان ونجعل نهاية لهذه الجرائم.
الاتحاد العملي بين الدول الاسلامية، هو السبيل الوحيد لتحقيق الامن في المنطقة ومواجهة الكيان الغاصب ووضع حد لاعتداءاته وحماية الشعب الفلسطيني وتوفير الامن له.
ان ترسيخ الامن في المنطقة والاستفادة من عقلانية حكام دول غرب اسيا، سيساعدنا في تأسيس الحضارة الاسلامية الحديثة .
الحرب في اوكرانيا ليست حربا بين روسيا واوكانيا، بل هي حرب بين الناتو بقيادة امريكا ضد روسيا، ونوصي الاتحاد الاوروبي ان لا يجعل مصالحه ضمن مصالح الولايات المتحدة وان يعيد النظر في التعاون مع روسيا في اطار المصالح المشتركة.
الاستكبار العالمي بقيادة امريكا وبريطانيا، يسعى الى انهيار الاتحاد الاوروبي وحذف اليورو من التعاملات الدولية، فعلى الاتحاد الاوروبي ان ينتبه الى هذا المخطط .
4- العالم الاسلامي اليوم يتحرك نحو استقرار السلام العادل من خلال طرد الفكر المتطرف والمتشدد. وقد رحبنا بوقف الحروب العبثية في سوريا واليمن ووعادة فتح السفارات العربية في دمشق. كما نؤكد بان استقرار السلام المستديم في المنطقة يأتي عبر الحوار بين الدول، ولهذا نرحب بمساعي المملكة السعودية وتركيا اجراء حوارات بناءة بين الدول الاسلامية، ومدّ الجسور بين المذاهب الاسلامية على اساس المشتركات وبعيدا عن لغة التكفير والتفسيق.
اننا ندعو هاتين الدولتين بتعزيز علاقتهما الاقتصادية والثقافية مع الجمهورية الاسلامية في ايران. وكذلك نرحب بمساعي هاتين الدولتين للتخلي عن الفكر القومي الشمولي من خلال طردهم المتطرف القومي والمذهبي. ونأمل ان تتبع سائر الدول هذا المسار وتتنبه الى هذه الحقيقة بان الدول الاجنبية لن تمنحها الامن الاقليمي المستديم.
نحن نأمل بتعزيز العلاقات والتعاون بين الدول الاسلامية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والامنية، وتبادل الخبرات والمكاسب في مجال التكنولوجيا.
وندعو كذلك الى تعاون بناء بين وسائط الاعلام الاسلامية شريطة تجنب التحريضات المذهبية. كل ذلك يمهد تأسيس اتحاد الدول الاسلامية (كما حدث في الاتحاد الاوروبي).
5- حركة طالبان لديها فرص مميزة من خلال الاعتراف بحقوق كافة القوميات والمذاهب وتسهيل الخدمات لهم وفرص العمل بشكل مساو وعادل لكي تدحض اتهامات العصبية القومية والتفرد في مسار تشكيل الحكومة الجديدة.
ان تاجيج العصبيات القومية والمذهبية لن يكون بمصلحة الامارة الاسلامية لانه سيعيد النزاعات القومية والمذهبية في هذا البلد؛ وان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية يبدي استعداده للتعاون مع الامارة الاسلامية في سياق تشكيل حكومة شاملة في افغانستان.
6- ندعو المدارس الاسلامية والمعاهد ومراكز التعليم في انحاء العالم الاسلامي، وخاصة دولة باكستان، الى نبذ افكار التطرف والتكفير، واليوم حيث تقف الدول الاسلامية جنبا الى جنب بعضها الاخر اكثر من اي وقت مضى، تبادر هذه المراكز الى تربية وتخريج طلاب يوجهون اطراف اقلامهم نحو مقارعة المستكبرين وطواغيت عصرهم، ويدابون على تجنيب العالم الاسلامي مغبات الفرقة والصراعات التي يحاك لها من قبل اعداء الامة والدين.
وفي الختام اشكر مرة اخرى معالي رئيس الجمهورية وجميع العلماء والمفكرين الذين شاركوا في هذا المؤتمر خاصة ضيوفنا القادمين من بلدان اخرى متحملين اعباب السفر. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم -[وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحࣱ قَرِيبࣱۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ].
والسلام علکیم و رحمة الله وبرکاته