بيان منظمة المؤتمر الإسلامي في الذكرى السابعة والثلاثين لتأسيسها
وكالة الأنباء الإسلامية الدولية
تحتفل منظمة المؤتمر الإسلامي في هذا اليوم (25 سبتمبر 2006م) بذكرى تأسيسها السابعة وثلاثين. وقد تعاقبت على العالم خلال هذه الحقبة من السنين أحداث وتطورات عديدة، عاصرتها المنظّمة، وعايشتها وتعاملت معها بما كان لديها من امكانات ووسائل. وإذ نقف اليوم لنحيي هذه المناسبة الجليلة، فإننا نرجع بذاكرتنا إلى مؤسس هذه المنظمة جلالة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز الذي رأى بحصافة فكره، ونفاذ بصيرته أن العالم الإسلامي أضحى بحاجة ماسّة لجامعة تضمّ شتات المسلمين، وتكون موئلا يلجأ إليه المسلمون للتشاور وتنسيق المواقف، وللتّناصر والتّضامن.
وقد أثبتت هذه المنظمة عبر السنين فائدتها القصوى، إذ استطاعت أن توحد – في كثير من الحالات – مواقف المسلمين، وأن تقوّي أواصر التضامن الإسلامي، وأن تُنَمِّي الجوامع المشتركة بينهم. وما لبث أن تطورت أعمالها وتوسّعت أنشطتها لتشمل ميادين كثيرة اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية وعلمية وإعلامية وتكنولوجية.
ومع تلاحق الأحداث المتسارعة التي شهدها العالم، وتقلّب الأحداث الجيوسياسية، وموازين القوى الدولية، وتغير المفاهيم الفكرية، والممارسات الاقتصادية والقيم الاجتماعية، والتطور التكنولوجي الكبير الذي ساهم في خلق الثورة المعرفية الراهنة، تعالت أصوات عديدة منذ بضع سنين تطالب بإعادة هيكلة الأمانة العامة بل وإصلاح "منظومة" المؤتمر الإسلامي كلّها، وتأصيل ذلك قانونيا بتعديل الميثاق ومؤسساتيا بإعادة الهيكلة لإدارتها ومؤسساتها المختلفة، بهدف جعل المنظمة أداة عصرية تخدم قضايا العالم الإسلامي المعاصرة.
وقد بدأ العمل بهذا الإصلاح منذ مدة قريبة، وَوُضِعَت لذلك دراسات عن طريق مؤسسات متخصصة رسمت كثيرا من التصورات النظرية للعمل الإسلامي المشترك.
وقد تزامن هذا مع المبادرات التي جاءت بها الإدارة الجديدة، والتي اتسمت بانفتاح الأفق، ونبذ العادات القديمة البالية، وبالتزام نظم الإدارة الحديثة القائمة على المهنية والحرفية والكفاءة وباتباع أساليب الشفافية.
ومن حسن الطالع أن هذا التوجّه الجديد قد تلاقى مع القرارات الرسمية للدول الأعضاء التي باتت تحرص على وضع نظام جديد للعالم الإسلامي يعين على مواجهة تحدّيات العصر والألفية الجديدة في جميع المجالات، وتنظيم أدوات العمل الإسلامي المشترك وآلياته، بحيث تكون للمنظمة ومؤسساتها الفرعية دور محوري في إدارة دفة المستقبل للأمة الإسلامية عن طريق روافد المنظمة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية.
وقد جاءت القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة التي عقدت في مكة المكرمة في بداية شهر ديسمبر الماضي لتحقق هذه الآمال، ولتضع خطة عمل عشرية تعين الأمة الإسلامية على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين في المجالات كافة، سواء منها ما تعلق بالقضايا السياسية وكيفية التعامل معها، أو القضايا الاقتصادية أو الثقافية والفكرية.
وانصبّ اهتمام هذه الخطة على ترتيب الشأن الإسلامي الداخلي، فيما يتعلق بالإصلاح، والحكم الرشيد، والتعاون الاقتصادي والتجاري، والدعوة إلى الالتزام الحقيقي بمبدأ التضامن الإسلامي بين أبناء الأمة الواحدة، وإلى مباديء التسامح ومحاربة التطرف.
وقد اعتبرت قمة مكة الإسلامية نقطة تحول في تاريخ المنظمة، وانطلاقة واعدة لمسيرة العمل الإسلامي المشترك، بالنظر لاتسامها بالنهج القابل للتطبيق العملي. وقد ابتدأ العمل التطبيقي للقرارات، عن طريق خريطة مفصلة تحدد الأهداف وآجال تطبيقها، وتمّ بالفعل تطبيق بعض القرارات التي ستحدث تغييرا جوهريا في التعامل مع القضايا الإسلامية المشتركة، والدفاع عن القضايا الإسلامية، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية، بما يعيد للإسلام والمسلمين موقعهم المرموق المتميز على الساحة الدولية، مما يجعلنا نتطلع إلى المستقبل بكل ثقة وأمل.
ويطيب للأمانة العامة للمنظمة أن تعرب عن امتنانها للتأييد المتزايد الذي تحظى به أنشطتها المتنوعة، وقراراتها ومواقفها العديدة في نصرة الإسلام والمسلمين، والتي أخذت تنحو في الآونة الأخيرة منحى عملياً يستهدف حسن التنفيذ العملي.
داعين الله أن يحقق لأُمتنا الإسلامية المجيدة ما تصبو إليه من وحدة ونماء وعزة، إنه سميع مجيب.
"وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.