تل أبيب في قبضة القانون
د.عباس خامه يار : شكوى جنوب أفريقيا تكلف إسرائيل الكثير / اقتحام الأقصى يتحول إلى تسونامي
قال الخبير في القضايا الإقليميةلوكالة (خبر أون لاين: ):-رغم أنه من غير المرجح أن تصدر محكمة جنوب أفريقيا حكما ضد إسرائيل، إلا أنه يبدو أن تصرفات جنوب أفريقيا ستكلف الكيان الكثير.
واوضح الخبير في القضايا الإقليمية، الدكتور خامه يار في حوار اجرته معه وكالة ( خبر اونلاين )ان سبب تقديم جنوب إفريقيا شكوى ضد إسرائيل على الرغم من علاقاتها الطبيعية مع إسرائيل: كون هذا البلد(جنوب افريقيا ) رأى الوضع بطريقة أدت إلى انتهاك معاهدة حظر القتل الجماعي الصادرة عام 1948. الإجراء القانوني لهذه المحكمة فيما يتعلق بالشكوى ضد النظام الصهيوني هو أن المحكمة شكلت لجنة من 17 قاضيا وشخصين من كل طرف في القضية للدفاع عن الاتهامات. كل واحد من هؤلاء الأشخاص لديه ثلاث ساعات للدفاع.
ووصف خامه يار تصرف جنوب أفريقيا بأنه عمل شجاع، قائلا: إن جنوب أفريقيا أخذت عملية القضايا في اتجاه آخر بعملها الشجاع. وخاصة أن وجود وزير العدل بجنوب أفريقيا على رأس فريق من الخبراء والقانونيين الدوليين ذوي السجلات المماثلة في مثل هذه النزاعات له تأثير كبير.
القضية التي أثارها وزير العدل الجنوب أفريقي في الجلسة الأولى هي أنه رفع جريمة الصهاينة برمتها إلى المحكمة ليس اعتبارا من 7 أكتوبر بل من عام 1948. وعلى هذا الأساس قدمت هذه الدولة إلى المحكمة معبري رفح وغزة كمنطقة احتلتها إسرائيل عام 1967. وهذا يدل على العزم على تقديم شكوى ضد الصهاينة ، والقضية بالنسبة لجنوب أفريقيا ليست مجرد قضية استعراضية. وبغض النظر عن نتيجة المحكمة، ولا آمل أن تحكم ضد إسرائيل، فهي خطوة مهمة للغاية. هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها مقاضاة إسرائيل بهذه الطريقة ويتم تقديمهم إلى المحكمة وعليهم الدفاع عن أنفسهم بطرق مختلفة. سيكون لهذه المشكلة ردود فعل عالمية. وفي رأيي لو علم الملاحون أن عاصفة أكتوبر كان لها مثل هذا الانعكاس لبحثوا بالتأكيد عن اسم آخر وربما أطلقوا عليه اسم تسونامي.
ومضى يقول إن تبني جنوب أفريقيا للقضية الفلسطينية والجرائم الإسرائيلية أمر استثنائي. فهذه الأمة -نفسها -ضحية للفصل العنصري، وقد عانت من العنصرية والإبادة الجماعية. وبالمناسبة، فإن النظام الصهيوني كان حليفاً لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لسنوات عديدة، وكان له تعاون واسع النطاق معه. تتمتع دولة جنوب أفريقيا بسجل عظيم من النضال وتمكنت أخيرًا من الانتصار على الفصل العنصري تحت قيادة نيلسون مانديلا.
ومن المفيد ان دولة جنوب افريقيا لم تدخل معترك الصراعات في غرب آسيا، وكانت محايدة منذ البداية ولم تتدخل في الصراعات، وبطبيعة الحال، في الأدبيات السياسية اليوم، يمكن القول أن هذا البلد كان محايدا وأن الجوانب الإنسانية فقط هي التي صنعت هذا البلد.
وقال الخبير في شؤون العربية والاقليمية : إن جنوب أفريقيا تتمتع بعلاقات واسعة مع الغرب وليست متهمة بالتطرف التي طالما يستخدمها الغربيون في وصف الدول المعادية لهم ، ودولة جنوب افريقيا خالية من هذه الاتهامات الغربية. وبهذه الأبعاد تضاعفت أهمية العمل الشجاع وأصبح له تأثيره على العالم. مع كل الخلافات بينهما، كان رد فعل السلطات الإسرائيلية كالمجنون، وللمرة الأولى منذ بداية حرب غزة، نشر نتنياهو مقطع فيديو مفاده أن إسرائيل لا تحاول قتل الفلسطينيين ،وفي هذا الفيديو، باللغة الإنجليزية، يحاول نتنياهو شرح احتلال غزة وتهجير الفلسطينيين من غزة بعد الجلسة الأولى للمحكمة. لقد حاول تبرئة نفسه في موقف دفاعي تمامًا. ويقول نتنياهو إنه بينما تحارب إسرائيل دمار دولة ما، فإنها متهمة بتدمير دولة أخرى. وهذه القضية ثقيلة على تل ابيب لدرجة أن نتنياهو يقول إننا نشهد عالما مقلوبا رأسا على عقب، بينما نحارب الإرهابيين والكذابين، ويدعي أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. ويصرح جالانت، وزير الحرب في هذا النظام، أيضًا أن هذه الحرب وهذا الجيش هي حرب أكثر أخلاقية ،!!
العمل العظيم الذي قامت به جنوب إفريقيا في جلب إسرائيل إلى طاولة المحاكمة. وحتى الأميركيون تدخلوا وزعموا أن تل ابيب لم يرتكب جريمة قتل جماعي.
وفي الختام اشار د عباس خامه يار: إن هذه الخطوة، وإن كانت خطوة نبيلة وإنسانية وشجاعة من جانب جنوب أفريقيا، إلا أنها تشكل فضيحة للعديد من الأنظمة العربية التي تشهد بعينها الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني فيما التزمت الصمت بهذا الشكل. وفي الوقت نفسه فإن آثار وعواقب اجراءات جنوب أفريقيا سيكون لها صدى على مستوى الرأي العام العامي ، وسيكون هذا الإجراء حافزا لانتفاضات جيل الحالي في العالم الغربي. العالم بدعم القضية الفلسطينية وفضح دعوات الغرب التي تطالب بحقوق الإنسان.
حتما هذه مؤشر نهضة أخرى في الغرب. لا ينبغي تجاهل هذا الإجراء ولا ينبغي الاستهانة به. إن العمل الشجاع الذي قامت به جنوب أفريقيا سيظل خالدا في عمق التاريخ. وبغض النظر عن النتائج الا انه سجل عصرا جديدا من المواجهة مع عدو متغطرس اسمه اسرائيل .