اية الله التسخيري يؤكد ضرورة دراسة الابعاد الفكرية للمفكر الراحل سمير سليمان
اية الله الشيخ محمد علي التسخري : لقد ركز الدكتور سمير سلميان في مسيرته العلمية على العلاقة بين العالم الاسلامي والعالم الغربي وما مرت به هذه العلاقة من تحديات، وقد كتب وحاضر في كثير من الملتقيات العالمية في الغرب والشرق.."
(تنـا) اقام المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق بالمشارکة مع الجامعة اللبنانية حفلا تكريميا للمفكر الاسلامي الراحل الدكتور سمير سليمان، بمشاركة جمع غفير من الشخصيات الدينية والسياسية والعلمية المرموقة، بمافيهم اية الله الشيخ محمد علي التسخيري مستشار الامام الخامنئي لشؤون العالم الاسلامي، وحجة الاسلام السيد علي فضل الله نجل العلامة الراحل السيد محمد حيسن فضل الله، وممثل البطريرك الماروني "جورج فارس"؛ الى جانب وزير الدولة (اللبنانية) لشؤون التنمية الادارية محمد فنيش، والنائبان في البرلمان اللبناني محمد رعد وعلي فياض، بالاضافة الى السفير الايراني لدى لبنان غضنفر ركن أبادي، ورئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، فضلا عن ممثلين لرؤساء الطوائف الاسلامية ورؤساء وممثلي الاحزاب اللبنانية وأسرة المكرم يتقدمها نجله الدكتور ريان سليمان ..
وقال الشيخ التسخيري، في مستهل كلمته بالمناسبة "لا أكاد أصدق أني أقف في حفل تكريم للعزيز المفكر الثائر، ولكنه الواقع والقدر الذي نرضى به ونستسلم له".
واشاد سماحته بجهود الدكتور سلميان العلمية والبحوث والاثار التي خلفها الفقيد للعالم الاسلامي قائلا "لقد ركز الدكتور سمير سلميان في مسيرته العلمية على العلاقة بين العالم الاسلامي والعالم الغربي وما مرت به هذه العلاقة من تحديات، وقد كتب وحاضر في كثير من الملتقيات العالمية في الغرب والشرق.."؛ مؤكدا على ضرورة "دراسة أبعاد فكره وسلوكه فهي غنية معطاءة ".
وفي ذات السياق تطرق اية الله التسخيري الى اهم الاسس الفكرية والابعاد التي ركز عليها المفكر الراحل الدكتور سليمان في مسيرته العلمية؛ ولاسيما "الغيرة على الحضارة الاسلامية وخصوصا في الاندلس"، "النظرة الجامعة للعلاقة بين الاسلام والغرب"، "الدفاع عن الثورة الاسلامية"، "تأييد حركة التقريب وتقديم الطروحات الثورية للنهضة الاسلامية"؛ مشيرا الى ان الفقيد ركز على البعد الاخير "في مقاله المنشر في الموسوعة الرائعة التي أشرف على إعدادها بتكليف من المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية والتي تتناول مجمل العلاقة بين العالمية الاسلامي والغربي".
من جانبه قال رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، في كلمته بالمناسبة "نحتاج في هذا الزمن الى أمثال العالم الراحل الدكتور سليمان، مناضلا بالفكر الاسلامي الوسطي، بعيدا عن التطرف والغلو، الفكر الهادف بلا تردد الى رفعة الانسان كل انسان".
وتابع "نتطلع الى جيل من الجامعيين المتابعين لنهج الإبداع العلمي والتجدد الثقافي والحضاري، جيل من الرواد الذين فهموا الوسطية في الاسلام إنفتاحا وعدلا وكرامة انسانية، جيل من علماء الاجتماع، وليكن في مضمار اجتماع الثقافة كما كان عالمنا مكافحا من أجل إعلاء حرية الكلمة بعيدا عن القهر".
واضاف "كما نتطلع الى جيل من المتابعين لنهضة الوطن والامة بعيدا عن أسباب التخلف ومما ترسب من مفاهيم خاطئة في عقول الطائفيين والمذهبيين"؛ منوها بدور الدكتور سلیمان نحو سمو الفكر الاسلامي قائلا "شارك الفقيد في منتديات الفكر والثقافة من فرنسا الى المغرب العربي الى بلدان المشرق ولم يتراجع عن نبل الهدف الثقافي ولا عن سمو الفكر الانساني".
بدوره قال حجة الاسلام السيد علي فضل الله ان المفكر الراحل الدكتور سمير سلیمان "حمل قلمه وعبر به بوابة حياة اخرى تاركا تراثا من الكلمات والحكايات، وزادا من الافكار والمشاعر والنبضات المتدفقة في عروق اهله وأصحابه ومحبيه".
واضاف فضيلته "في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الذي شغل ( الدكتور سليمان ) عضوية هيئته العلمية أكثر من خمسة عشر عاما والى حين وفاته، كانت له مساهمات ثرية وخصوصا في تعزيز روح النقد العلمي، وتكريس أعراف بحث قائمة على الدقة والموضوعية، وفي تنويع مجالات الاهتمام ومسارات العمل، وفي تقبل تعدد الآراء وتباينها، كما وضع بين أيدينا خلاصة تجربة انفتاحه على طيف واسع من النخب الفكرية المناضلة في أنحاء العالم ولا سيما في بلدان المغرب العربي".
وختم السيد علي فضل الله بالقول "ها نحن نفتقدك في قمة عطائك، وأنت الذي أعددت نفسك لمهمة أطول، فنتذكرك أخا كبيرا وافر العطاء مستسلما قبل أي شيء آخر لروابط الاخوة والصداقة".
الى ذلك، ألقى رئيس مركز مسارات للدراسات الفلسفية والانسانيات في تونس الدكتور فوزي العلوي كلمة قال فيها: "ان معرفتي بالفقيد الغالي تتجاوز الاطر العادية للتلاقي بين البشر لما في هذه الشخصية من ابعاد متنوعة غائرة في ما هو وطني وقومي وانساني، ويحق للبنان الرسمي والشعبي ان يفخر بهذا الرمز الذي هو صاحب مشروع حضاري مبدع".
من جانبه قدم وزير الدولة (اللبنانية) لشؤون التنمية الادارية محمد فنيش، كلمة في هذا اللقاء جاء فيها "أتيح لي شرف معرفة الراحل الدكتور سليمان مع مجموعة من اصدقائه في بداية انتصار الثورة الاسلامية في ايران، جمعنا معا هذا الحدث الكبير لما له من تأثير على القضايا المشتركة بيننا والهموم والآمال التي نحملها لا سيما قضية مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وأجزاء من لبنان وبعض الدول العربية وكذلك طموحنا في تحرير ارضنا ونهضتها واستعادة دورها الحضاري الرسالي".
وتابع فنيش قائلا : إرتسم القلق دائما على وجهه (الدكتور سلیمان) ليبرز تواضع المثقف والعالم والمبدع الذي يتجه الى فهم الذات وتجددها كما فهم الآخر على حقيقته, وهو لم يكن منشغلا في اهتماماته الفكرية بالتفاصيل المؤدية الى الابتعاد عن الاسباب والجذور لاي ظاهرة اجتماعية او حدث سياسي، وهو المتابع الذي لا تخفى عليه التفاصيل، بل كان همه فهم الاسباب وارتباط النتائج بها، وعدم فصل الآتي عما سبقه من تطورات وما يرتبط به من اهداف".
وأضاف: "نظرته للغرب يحكمها منهجه البحثي في إبراز إشكالية التعايش والصراع، فهو ليس منكرا للغرب تقدمه وتطوره وإسهامه الحضاري، ولكنه لا ينبهر به نموذجا وقدوة في قيمه ومنظومة علاقته وثقافته ونظرته للانسان والحياة وهو يتجاوز ممارساته ودوره في مآسي العديد من الامم والشعوب وخصوصا أمتنا وعالمنا الاسلامي، ولا يراه متفوقا بمعيار القيم الانسانية والحضارية. ومن موقع المفكر الذي ينتمي الى الاسلام، يأخذ الدكتور سليمان على الغرب تعامله مع الآخر بغطرسة، ويأخذ على المسلمين او البعض منهم عدم فهمهم للغرب وثقافته ويدعوهم الى معرفة المشروع الحضاري الذي ينافس مشروعهم والا سيكونون في غربة كاملة عن فكره وفلسفته وقيمه او عن تشكل نظرته الى العالم والى الانسان".
واكد الوزير اللبناني ضرورة اتباع نهج المفكر الراحل بقوله : كم نحتاج للاستفادة من هذا المنهج التحليلي في رؤية أنفسنا ورؤية الآخر اي الغرب الذي رآه الدكتور سليمان، ونحتاج هذه الرؤية في مقاربة العديد من القضايا التي تجري في عالمنا العربي والاسلامي فالصحوة الاسلامية التي شغلت الدكتور سليمان لا يمكن ان تبلغ أهدافها والبعض من مكوناتها إما منغلق عن معرفة الغرب غارق في بث الكراهية والتفرقة واستباحة القتل والدماء حتى لمن يختلف معه في الموقف او الاسلوب او الرؤية او المفاهيم من ابناء الامة الواحدة، او ان يلجأ البعض لتوهم إمكانية تحالف مع الغرب يمكنه بلوغ السلطة بمعزل عن مشروعه الحضاري وعداء الغرب في فلسطين وسائر الاراضي العربية المحتلة".
وخلص فنيش الى القول: ما يجمعنا مع فكر الراحل الكبير هو نظرته الى علو الدفاعات التي شيدتها المقاومة في لبنان وفلسطين وبدعم من ايران وسوريا والعديد من الحركات الوطنية والقومية الاسلامية في مواجهة الغزو الغربي ودعمه للمشروع الاستحواذي او الكيان الصهيوني، ستفي كتاباتك وفكرك ايها العزيز الراحل زادا لاجيال تحمل شعلة المعرفة وثقافة المقاومة وعيادة الجهاد التي وصفتها بانها من أشرف العيادات الاسلامية، حتى تصل أمتنا الى ما تصبو اليه من دور يليق برسالتها وقيمها وثقافتها، بك تكبر الاوطان والامة كما كبرت بها".
وفي الختام ألقى نجل المفكر الاسلامي المكرم ريان سليمان كلمة اعلن فيها "إطلاق الجائزة السنوية للدكتور سمير سليمان بقيمة خمسة ملايين ليرة والتي تمنح في الـ ١٣ من تشرين الاول في كل عام، لمتفوق من الجامعة اللبنانية".