التسخيري : العلماء التكفيريين لا يدركون مصالح الأمة بكاملها والتطرف يسوقنا إلى التكفير وعواقبه وخيمه

التسخيري : العلماء التكفيريين لا يدركون مصالح الأمة بكاملها والتطرف يسوقنا إلى التكفير وعواقبه وخيمه

وكالة الأنباء الإسلامية
قال سماحة الشيخ محمد علي تسخيري نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين والأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية بالجمهورية الإيرانية: أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى تحويل النزاع والخلاف من الكفر والإيمان إلى الخطأ والصواب.
وقال أن القيام بحملة إعلامية بأصول الإسلام الأولى، أي بالأطر التي تجمع الأمة الإسلامية والتي إذا آمن الإنسان بها دخل في هذه الأمة، ، فإن الجماهير بطبيعة الحال ستتجه نحو الأخوة والوحدة والتقريب في الفكر، مع إفهام الجماهير أن الإسلام بعد هذه الأطر فتح الباب للاجتهاد الإسلامي أن ينطلق للاستفادة من الاجتهادات المختلفة.
وأشار سماحة الشيخ التسخيري إلى أن الثقافة الحالية للشعوب بحاجة إلى جهد كبير للتوعية مما هي عليه الآن من أجل ترسيخ مفهوم التقريب، الأمر الذي يتطلب معه أن تبدأ حركة التقريب مع العلماء والمفكرين؛ لأنهم الأقرب إلى روح الإسلام.
منوها بأن هذه الحركة إذا استقرت بشكل يرسخ معه التقريب في قلوب العلماء فإنهم سينشرون ويكافحون من أجل نشر هذه الفكرة.
وأضاف : الإسلام هو دين الوسطية والتوازن حتى في تطور الإنسان على الكون، والتوازن في التعامل دون إفراط أو تفريط.
مضيفا: إذا حركنا روح التوازن والوسطية في الأمة فإننا سنمهد لحدوث وترسيخ قضية التقريب على الساحة الثقافية للأمة الإسلامية بشكل طبيعي.
مشددا سماحته على أن الخلاف بين العلماء يمكن مواجهته بتعميق ثقافة الحوار الإسلامي، "التي تؤكد أن الاختلاف في الفكر يجب ألا يترجم باختلاف الموقف كما كان الصحابة يختلفون، وأئمة المذاهب التي كانت بينهم اختلافات واسعة، لكن كل هذا الاختلاف يتم في إطار الحب، وفي إطار الموضوعية، وفي إطار الحقوق الإسلامية المشتركة".
واعتبر سماحته أن الاختلاف المذهبي يشكل غنى حضاريًّا للأمة، وتعدد الآراء في المجتمع يشكل رحمة إلهية، وقال في هذا الصدد" إذا تعددت الآراء فإن الدولة تستطيع أن تتخير أصلح الآراء ما دامت كلها شرعية لتحقق مصلحة الأمة".
مشددا سماحته على الحرص على تعلم لغة الاختلاف، وأسلوبه، "وهذا ما يسميه علماء الأمة السابقون علم الخلاف الذي له ضوابط، فيجب أن يتفق المتحاوران على الأصول الحوارية، وأن يتفقا على احترام كل منهما للآخر، فالقرآن الكريم يعلم هذه اللغة فيقول للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ".
وقال سماحته: عندما يجتمع المتحاوران عليهما أن يذكّرا بعضهما البعض على عدم الدخول في جزر منعزلة والتركيز فقط على محور النقاش، فإذا اتبعنا القرآن في نظريته الحوارية أدركنا أن علم الخلاف هو لصالح الأمة وليس ضدها.
ونفى سماحة الشيخ أن هناك صراعًا بين العلماء الواعين سنة وشيعة.
وقال: هناك بعض العلماء المتزمتون أو المتطرفون، وهؤلاء سوف يسيرون إلى الخط العام في مسألة التقريب في النهاية، وأعتقد أن بعض العلماء التكفيريين عندما يصرحون بنواياهم وفتاواهم لا يدركون مصالح الأمة بكاملها، وأعتقد أن التيار العام سيعيدهم للمسيرة الصحيحة.
وقال أن من أسباب إخفاق محاولات التقريب بين السنة والشيعة التآمر الخارجي، فالعدو لا يرضى لنا أبدًا أن نتحد ونسمو على خلافتنا، وكذلك التطرف الذي يحدث عند بعض علمائنا، فهذا التطرف يسوقنا إلى عواقب وخيمة ويسوقنا إلى التكفير، وعندما ندخل في التكفير فحينئذ نبتعد كثيرًا عن بعضنا، ويجب أن ننقل نزاعنا من الكفر والإيمان إلى الخطأ والصواب، وهو ما أكده أئمتنا من قبل قائلين "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
مؤكدا على ان هذه اللغة "يجب أن تسود علاقتنا، وأعتقد أن القيام ببعض المستفزات هنا وهناك، والتطرف والجهل كلها عقبات أمام تحرك قضية التقريب إلى الأمام".
وقال في حوار أتاحه موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن الحوارات المكاشفة بين علماء سنة وشيعة تُعَدّ خطوة هامة على طريق التقريب المذهبي
هذه الحوارات بلا ريب تؤصل التقريب، لكن ينبغي أن تكون هذه الحوارات مذاعة على مستوى إعلامي، ويجب أن تكون أكاديمية ويدخل الجميع الحوار بروح الموضوعية، وحينئذ سيكتشفون أن كثيرًا من الخلاف لا واقع لها.
وقال ان لجان التقريب هي وسائل لدعم فكر التقريب، وهي نقاط انطلاق وأدوات لتحريك القضية، ولكن ليس فيها الكفاية، فإيجاد دور ولجان ومجامع التقريب، والندوات العلمية المشتركة بين السنة والشيعة وكل المذاهب سيؤدي إلى تعرف البعض على البعض الآخر، وبالتالي الوصول إلى علاقات مشتركة.
مؤكدا بأن التقريب في أصله يهدف إلى أن يحتفظ كل مذهب بخصائصه بشكل كامل، ثم يبحث المذهبان عن المساحة المشتركة فيما بينهما وهي كبيرة.