وسائل الإعلام والتيارات الفكريــة
وسائل الإعلام والتيارات الفكريــة
قيس محمد تيسير ظبيان
مدير عام مجلة الشريعة الاردنية
عندما نتحدث عن وسائل الإعلام، نتحدث عن وسائل متقدمة تكنولوجيا، يمكنها الوصول
إلى أي إنسان، وفي أي مكان بكل بساطة وسهولة.
فبعد أن كانت وسائل الإعلام سابقاً تعتمد على الصحف الورقية والمذياع- الراديو- أصبحت الآن تعتمد وسائل مذهلة فمن التلفزيون، والفضائيات المختلفة، وأجهزة الخلوي التي تتلقف أي خبر فوراً وفي أي لحظة.
لذا أصبح استعمال التكنولوجيا المتطورة سهلاً جداً وفي متناول الجميع.
وأخطر ما في هذه الأجهزة إمكانية إيصال الخبر يوميا وفي كل ساعة، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك، والتويتر، والانستجرام.
داعش نقطة تحوّل واضحة :
فلو أخذنا على سبيل المثال: تنظيف الدولة الإسلامية "داعش"، نستطيع أن نعلم كيف تمكن هذا التنظيم من استقطاب العشرات بل المئات من مختلف البلدان، سواء العربية أو الإسلامية من جهة، والدول الأجنبية من جهة أخرى، حيث خدع الجميع بأهداف هذا التنظيم المخادع الذي أخذ يستقطب الشباب والفتيات بكل بساطة بسبب أسلوبه الإغرائي في استمالتهم بخدعه المعروفة من حيث الرواتب المجزية وتزويج المقاتلين وما إلى ذلك، وكذلك بالنسبة للفتيات خصوصا من هن في سن المراهقة حيث كانوا يُشدون لاغراء دعوة هذا التنظيم سواء من ناحية القتال أو الرواتب المجزية أو حتى الزواج، أو العلاقات المحرمة التي تقع بها بنات أوروبا .
والغريب في الأمر، أن أسلوب هذا التواصل يشد نوعين من الناس، الشباب الذين أعجبهم وجود تنظيم بإسم الدولة الإسلامية، يقاتل الأنظمة بشكل عام، نتيجة الظلم والقهر الواقع عليها وأنه يسعى لتحقيق العدالة والمساواة وتطبيق شرع الله، وكإنسان مسلم تشده هذه الشعارات الفارغة التي لم ولن يتحقق منها أي شيء، فيقبل الشباب العربي بلهفة للإلتحاق بهذا التنظيم غير السوي لهدفين إثنين: أولهما معرفة هذا التنظيم الإسلامي ومشاركته في القتال، وثانيهما بسبب إغراءات مادية من ناحية الرواتب المجزية التي تعطى لهم، وكذلك يحصل للفتيات الأجنبيات اللواتي تستهويهن الإغراءات المادية والجنسية على حد سواء.
القنوات الفضائية وتأثيرها الفعّال:
لا يستطيع المرء أن ينكر تأثير القنوات الفضائية على الإنسان، والمواطن العادي، فالأخبار تنقل فوراً فيعرف الواحد منا ما يجري في آخر المعمورة وهو في مكانه، فيتأثر بها، فكيف إذا كانت هذه القنوات تقدم برامج تأثيرية دينية تستحوذ على عقلية هؤلاء الشباب وطموحاتهم، خصوصاً إذا عرفنا حسب ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن هناك أكثر من 7000 سبعة آلاف مقاتل شيشاني في سوريا يقاتلون مع المعارضة.
لماذا جاء هؤلاء؟ وما الذي أثر فيهم؟ إنه شعار هذه "الدولة الإسلامية" الذي يشد جميع مسلمي العالم لاعتقادهم أنه بهذا الشعار فلقد قامت الدولة الإسلامية الحقيقية.
ولكن، والحمد لله، أن الجميع أخذ يتفهم أن هذا الشعار هو شعار مخادع لا يضر ولا ينفع بل بالعكس يضر أكثر من النفع....
قبل فترة، نشرت صحيفة ألمانية أن المخابرات المركزية الأمريكية والإنجليزية والإسرائيلية قامت بتأسيس هذا التنظيم لإحداث بلبلة في المنطقة ولإثارة الفوضى وعدم استقرار بين أبناء شعوب هذه المنطقة، والمؤلم أن السيدة هيلري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أصدرت مؤخرا كتابا يتناول الأحداث بشكل عام وذكرت فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من قامت بتأسيس تنظيم" داعش" وأمدته بالسلاح والعتاد اللازمين.
من المعروف أنّ لوسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما وفعالا في تعزيز الأمن الفكري لدى فئة من المعروف أنّ لوسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما وفعالا في تعزيز الأمن الفكري لدى فئة الشباب، وإبعادهم عن الإرهاب الفكري الذي تتعرض إليه هذه الفئة كثيراً فكيف يكون ذلك؟، وما السبل الحقيقية التي من شأنها أن تعزز من استثمار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في توعية فئة الشباب أنفسهم لفئة الشباب بمخاطر الأفكار المنحرفة؟، ولماذا لا يتم استخدام الطرق والوسائل الفكاهية والطريفة في سبيل إيصال الأفكار للشباب بدلا من طريقة الإملاء والفرض عليهم؟، تساؤلات مطروحة في ظل واقعنا الحالي .
تعزيز الأمن الفكري
بداية يؤكدّ بعض الأكاديميين أنّ مواقع التواصل الاجتماعي باتت عنصرا مهما ورئيسيا في زماننا هذا، يستقبل من خلاله شبابنا بجنسيهم الذكر والأنثى شتى أنواع الفكر السياسي والاجتماعي والترفيهي والديني والتعليمي، ولما لكل ذلك من سلبيات قد تحصل في حال تمّ استغلال ذلك لتضليل المعلومة والغاية المبيتة غير السليمة، فإنّهم يتحولون الى أهداف من قبل جهات إرهابية محلية ودولية، وإن هذا الأمر أصبح هاجسا وهما دوليا ليس فقط لدينا بل تعاني منه أغلب دول العالم، مشدداً على أنّ هذا ما يدفعنا إلى تعزيز الأمن الفكري إذ إنّ الفكر لا يواجه إلا بفكر فيتم مواجهة الإرهاب الفكري بالوقاية قبل العلاج، وألا يكون اهتمام الأمن مقتصرا على حماية الأرواح والأموال فقط وإهمال الاهتمام بأمن العقول والأفكار، لذا فإنّه لا بدّ من أن تتضافر جميع جهود المؤسسات الحكومية والخاصة الدينية والتربوية والتعليمية والاجتماعية والرياضية والأمنية والإعلامية لنشر وترسيخ الأمن الفكري، وتحصين شبابنا من الأفكار الدخيلة الهدامة والتشددية، مؤكداً أنّ الحاجة لتعزيز الأمن الفكري تعدُّ ذات أهمية وعنصرا ذا أولوية في عصرنا الراهن، بل هو تحدٍ عالمي يواجه الأمم جميعها ومرحلة لا يمكن تجاوزها عند إدارة مواجهة المخاطر العالمية المتعلقة بالاضطرابات الأمنية أو المواجهات الإرهابية، منوهاً إلى أنّ الأمن الفكري يتمثل في النشاطات والتدابير والجهود المشتركة بين مؤسسات الدولة والمجتمع لتجنيب الأجيال والمجتمعات شوائب عقدية أو فكرية أو نفسية تكون سببـاً في تطرف السلوك والأفكار والأخلاق والقناعات عن جادة الصواب.
وعن السبل الحقيقية التي من شأنها أن تعزز من استثمار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في توعية فئة الشباب، يرى العلي أنّ لوسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما وفعالا في تعزيز الأمن الفكري لدى فئة الشباب، وإبعادهم عن الإرهاب الفكري الذي تتعرض إليه هذه الفئة، وذلك من خلال استقطاب الشباب إلى مواقع توجد لهم الجواب على كل ما لديهم من أسئلة عامة وخاصة تدار من قبل متخصصين في شتى المجالات، خلافاً لمواقع متخصصة لمتابعة أغلب مواقع التضليل، وتقوم بتوضيح الشائعات والملابسات في جميع قضايا الشبهات التي تنشر، بحيث تكون هذه المواقع كمراجع موثوقة للعامة مع وضع مواد حول الوقاية من الإرهاب توضح كيف يمكن للشباب تحصين أنفسهم من مواقع الإرهاب والتطرف، ومعرفة السبل الناجحة للوقاية منها والإبلاغ عنها، مشدداً على أنّه من المهم أن يتم المتابعة والبحث عن جميع المواقع المشبوهة، وإغلاقها خلافاً عن إيجاد مواقع للتبليغ عن أي موقع مشتبه به، بحيث يتم تشجيع الجميع على الإبلاغ عن هذه المواقع وتكون هناك مكافآت تشجيعية لمن يقوم بالإبلاغ عن أي مواقع ذات فكر تضليلي، منوهاً إلى ضرورة الاستفادة من المتخصصين في مجال مواقع التواصل الاجتماعي، واشراكهم في عملية تعزيز الأمن الفكري والبحث عن سبل من شأنها أن تعزز من استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدامها في توعية فئة الشباب أنفسهم لفئة الشباب بمخاطر الأفكار المنحرفة والتيارات السياسية والدينية المتطرفة والتي تهدف إلى خلخلة مجتمعنا وزعزعة أمن الوطن، مناشداً ولاة الأمر بضرورة تشكيل (هيئة وطنية لحماية الأمن الفكري بالمجتمع) بشكل عاجل، فنحن بحاجة ماسة لذلك على أن تتكون من جميع مؤسسات الدولة المعنية مثل وزارة الداخلية والتربية والتعليم والثقافة والاعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب، للقيام بورش العمل والدراسات والأبحاث وتنفيذ برامج ونشاطات وإرشادات بصورة مستمرة على مدار العام دون انقطاع، لتشمل أيضاً الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والمحافل الرياضية والمهرجانات بالمناطق والمحافظات، بالإضافة إلى الإعلام المقروء والمسموع والمرئي لتحقيق الأمن الفكري، مؤكداً على أهمية أن تكون هناك غرفة عمليات مشتركة تؤمن جميع الوسائل والإمكانات، كما أنّ عليهم استخدام جميع الطرق والوسائل والأساليب، وابتكار أساليب جديدة بما فيها الوسائل الفكاهية والطريفة في سبيل إيصال الأفكار للشباب بدلا من طريقة الإملاء والفرض عليهم.
دور الإعلام
إنَّ دور الإعلام في الأمن الفكري يعتبر كبيراً وحيوياً، فالإعلام أصبح يسيطر على الساحة إعلامياً وهو الذي ينقل الأفكار وينقضها في نفس الوقت. وإذا كان الإعلام ينقل الأفكار الحسنة فلا مشكلة في ذلك ولكن المشكلة تكمن في نقل الأفكار المدمرة بأي شكل من الأشكال سواء كان تدميراً فكرياً أو سلوكياً، ونشير هنا إلى أنّ الدور الذي ينبغي أن تقوم به المؤسسات الإعلامية في الأمن الفكري هو التعريف بالفكر الصحيح الذي يوجه الشباب التوجيه السليم الذي يخدم بلادهم، وفضح الفكر المنحرف الذي يتوغل إلى نفوس الناشئة، وخاصة إذا لبس هذا الفكر لبوس الدين وجعلهم ينحرفون عن المسار السليم وعن الفكر الديني الصحيح إلى الفكر المنحرف، مؤكداً أنّ الفكر المتطرف والمنحرف لا يكون واضحاً لكل أحد وفي كل وقت إذ لا يملك ذلك إلا المؤهلون القادرون على ذلك، مهيباً بأهمية رسم استراتيجية واضحة وقوية لتنمية ودعم الأمن الفكري لتتحقق طموحات الدولة في توفير الأمن والمسارعة في وضع الإجراءات الوقائية، ومتابعة المتغيرات والصراعات الخارجية إقليمياً وعالمياً مصحوبة بالجاهزية والاستعداد لعلاج المشاكل والأزمات التي تهدد الأمن الوطني. ولذلك فإنّ الحاجة للأمن الفكري تزداد وتستوجب الاهتمام في مثل هذا الأمر، حيث إنّ المجتمعات المعاصرة تعاني دون استثناء ظواهر الغلو والتطرف والذي بات يهدد الضرورات الخمس، مؤكداً أنّ السعي لنشر مفهوم الأمن الفكري وترسيخه لا يتنافى مع حق الإنسان في التفكير وأنّ الجهد الأمني ليس كافياً وحده للحد من ظواهر الانحراف في الفكر، وأنّ إشاعة الفكر الآمن عامل أساسي لتعزيز الوحدة والتماسك داخل المجتمع.
وعن السبل الحقيقية التي من شأنها أن تعزز من استثمار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في توعية فئة الشباب، يؤكدّ الخبراء على أهمية التوظيف الأمثل لوسائل الإعلام واستثمار وسائل الإعلام الجديدة لنشر الفكر الآمن والتحذير من الفكر المنحرف، على أن تأخذ في الاعتبار مراعاة ضوابط العمل الإعلامي ووسائله وتقنياته، بما يخدم سلامة النشأة الفكرية لأبناء البلاد وحمايتهم من التأثيرات السلبية للفكر المنحرف بمختلف أشكاله، مع ضبط وتقنين الإعلام الترفيهي ليسهم في بناء عقل سليم قائم على العمق وليس السطحية، منوهين على ضرورة التأكيد على تبني آليات فعالة في التأصيل لثقافة الحوار البنّاء والجدل بالحسنى وإيجابيات ومتطلّبات الانفتاح، والتفاعل الرشيد مع الثقافات المختلفة وكذلك الاستفادة من وسائل الإعلام الجديدة في نشر فكر الاعتدال وتأسيس مواقع تفاعلية في الجامعات والمؤسسات التربوية يقوم عليها مختصون تخاطب الشباب وتبني أفكارهم على أسس سليمة تعالج ما يطرأ من أفكار خاطئة، وتشجيع الشباب ودعمهم على نشر المقاطع والأفلام الفكاهية والترفيهية التي من شأنها أن تسهم في مكافحة الفكر المتشدد فالشباب يميلون كثيراً إلى مثل هذا النوع من الإعلام، وكذلك يجب العمل على تبني وتطوير الكوادر الإعلامية الشبابية في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي من شأنه أن يخدم مكافحة الأفكار المنحرفة.
الكتاب والمثقفون
ويرى أحد الكتاب والباحثين في الشؤون الاجتماعية، أنّه يمكن الحد من حماية الشباب من الارهاب الفكري الذي يتحول الى ممارسة حقيقية على أرض الواقع، بمنع من يحملون هذا الفكر من بعض المشايخ وأدعياء العلم من الكتابة إذا أمكن ذلك من الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعتهم، وأهمية تشجيع المعتدلين فكرياً من الكتاب والمثقفين بالكتابة وتقييد الأراء المتطرفة وتوضيح التدين المعتدل، مؤكداً أنّ جذوره ليس من السهل اقتلاعها ومن هنا فإنّه يجب أن يساعد المسؤولون عن هذه المواقع في منع نشر هذه القنوات، طالما بات هناك إجماع من قبل الكثير من الجهات على محاربة هذا الفكر المنحرف.
وأما المجلات وخاصة الاسلامية فعليها دور كبير نظراً لايمان الشاب المسلم باعتبارها مصدرا للمعلومات ولكن المشكلة تمكن في انعدام التمويل لهذه المجلات الاسلامية حتي تؤدي الدور المطلوب فيها وحول السبل الحقيقية التي من شأنها أن تعزز من استثمار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في توعية فئة الشباب، يرى القاضي، أنّه يجب التوضيح للشباب من يقف وراء هذه الجماعات المتطرفة ودعمهم مادياً واعلامياً، وما هي أهدافهم الدينية بتمزيق وحدة المسلمين واستغلالهم من قبل الحكومات الاجنبية والاستعمارية، لتنفيذ مخططهم بتقسيم الوطن العربي والاسلامي واستغلال ثروات بلادهم وبقاء التخلف والجهل والفقر والامراض بدلاً من النظر لمسقبلهم، مؤكداً على أهمية استغلال مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق نشر وحشية هذه الجماعات في القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من الجرائم باسم الدين، ولا مانع من نشر بعض الفديوهات الفكاهية عنهم والتندر عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
آراء الشباب
وفي سياق متصل نرى من الناحية القانونية أنّ الحاجة ماسة لتعزيز الأمن الفكري عبر كافة الوسائل الممكنة، ـ والنظام يسعى بمواده للحد من تلك الجرائم المرتكبة بوسائل التواصل الإجتماعي، ونهيب بأهمية وضرورة استثمار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في توعية فئة الشباب أنفسهم بمخاطر الأفكار المنحرفة، واستثمار أوقات التواصل قي تنمية الشخصية والكفاءة البشرية وزيادة الطاقة الإنتاجية بالأنشطة التطوعية والتوعوية، مؤكداً على أهمية أن يعبر الشباب عن آرائهم وفق الأسلوب المناسب الذي من شأنه أن يحدث التأثير الفاعل والمباشر شريطة ألا يخرج عن قاعدة الثوابت والأخلاق العامة، منوهاً إلى أنّ الفكاهة هي جزء أساسي من الحياة اليومية وليست كل الحياة فهي مطلوبة في مواضع ومنهي عنها في مواضع أخرى.
التواصل الاجتماعي
وعلى الصعيد نفسه نعتقد أنّ النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يعدّ من الأمور الثابتة، فهناك من يستطيع الوصول إلى الجمهور لكنّه لا يكون عنصراً إيجابياً في التأثير، وهناك من يفسد على الآخرين أفكارهم، فهناك مواقع تفيد المجتمع ومواقع على النقيض منها، مشدداً على ضرورة تعزيز دور الشباب في بناء المجتمع وأخذ رأيه واعطاء مساحة من الحرية فهو الحل الجذري بدلا من التهميش الذي يؤدي إلى التطرف، وأنّ هناك العديد من الوسائل التي من شأنها أن تعمل على كبح الفكر المنحرف من ضمنها المقاطع المضحكة والفكاهية التي تجسد واقع مثل هذه التيارات. ومن هنا يجب تعزيز البنية التحتية وبناء مؤسسات تخدم الشباب وتضمن حقوقهم الانسانية قبل الوطنية، ولا بدّ للشباب من جدية العمل بعد تعزيزه بدراسة علمية.
الحسابات التحريضية في «تويتر» تعمل على تأجيج العواطف والوعد بالخاتمة الحسنة
إنّ الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى قيام الساعة، وهي إرادة كونية أرادها الله كوناً وقدراً، وما نشاهده من صراع فكله داخل في ذلك وشبكات التواصل الاجتماعي انتقل إليها الصراع فأصبحت مرتعاً لكل عابث يعبث في عقيدتنا وفي شبابنا ويتصيدهم عن طريق تحريك عواطفهم وتهييجهم فوجدوا طريقاً سهلاً للشباب يؤثر سريعاً ويفتك في الشباب فتكاً، وأؤكد أنّ الإسهام في الحد من المحرضين والتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي يكمن في نشر العلم الصحيح وترسيخ العقيدة الصافية في أذهان النشء وتربيتهم على الكتاب والسنة، وتربيتهم تربية ذاتية لمراقبة أنفسهم، وعبر نشر ثقافة الحوار التي تبين هشاشة هذه المواقع، وكشف مخططاتها والتحذير منها والتشهير بها، ومطالبة مواقع الفيس بوك وتويتر بحجبها، إضافة إلى العمل على غرس المنهج الرباني الصحيح في نفوس الأبناء والبنات، وفتح قنوات حوار مع الشباب، على أنّه من الممكن خلق حملات مضادة للردّ على الأفكار التحريضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والرد على هذه الأفكار عبر هذه المواقع أيضاً فهي من أعظم السبل لمحاربة هذه الحسابات والتشهير بها فلو استغلت أحسن الاستغلال لعرف الشباب الخطر، والآن نشاهد جهوداً جميلة للبعض والتي بدأت تؤثر تأثيراً ايجابياً على الشباب.
المكان الخصب للترويج لهذه الأفكار
من جانبه، ويرى بعض الأكاديميين بأنّه إذا أردنا أن نضع الأمر تحت المجهر فإنّه يجب أن نوضح مدى ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي مثل: الفيس بوك وتويتر والواتس أب من هامش حرية وتواصل بين منتسبيها ليس على مستوى الدولة بل على مستوى العالم مما يشكل اتصالا مباشرا ذا حرية مفرطة في إيصال المعلومة أو الفكر بشتى أنواعه مع صعوبة مراقبته من قبل الجهات الأمنية، منوهين إلى أنّ هذه المواقع شكلت نظام عمل سهلا واتصالا سريعا مع كافة الأعمار مما دعا جميع من له أهداف سياسية وتصديق ما بها وإعادة نشرها وتبادلها أو التعليق عليها حتى إنّه من المتابعة تجد أنّ في هذه المواقع أو اجتماعية أن يبث سمومه عبرها، سواء بتواجده الحقيقي أو من خلال حسابات مستعارة، وبذلك وجدت كل الجهات التي تعمل على استهداف بلادنا في أمنها وتدمير مجتمعاتها من كافة الأعمار، مشددين على أنّ هذه البلاد على وجه الخصوص مستهدفة هي وأبناؤها سواء كانت جهات استخباراتية لدو ل أو منظمات ارهابية فهي المكانالخصب للترويج لنفسها سواء كانت تكفيرية أو جهات تعمل على الرذيلة أو شق الفرقة بين أبناء البلد من طرح لأمور داخلية بها شبهات ليقع في فخها البعض،ونشير هنا إلى أنّ انجراف البعض بمختلف أعمارهم وثقافاتهم خلف تلك المنشورات أصبح كل من له حساب بها يشارك ويبدي رأيه في شتى المجالات، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو رياضية فقد تحول الأغلبية الى ناقدين وخبراء ومحللين.
ونرى بأنّ مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت خطراً وهاجساً مخيفاً ومدمراً على كافة أبناء المجتمع والتي يفوق بكثير خطر القنوات الفضائية، حيث لا يمكن السكوت عليها لما بها من اتصال واستهداف سهل وسريع ومباشر في وقت أصبح أغلب من في مجتمعنا له حساب أو اكثر بها،ونؤكد على أنّ مثل هذه المواقع قد تسببت في تدمير دولنا ذ لابدّ من وقفة قوية يشارك بها الجميع ابتداء من الأسرة، حيث لابدّ من أن يعلم الجميع مدى خطورة هذه المواقع وما يبث بها من سموم انجرف اليها الكبير قبل الصغير، إنَّ أعداءنا كثر ومتنوعو الفكر، ولا يتمثلون فقط بالمنظمات الإرهابية فالمسؤولية تبدأ على رب الأسرة مع نفسه ثمّ مع أسرته ثمّ يكون هناك دور فعال للمساجد وخطب الجمعة، للتعريف بهذا الخطر الهدام والتشديد عليه ثمّ تتولى المدارس والجامعات دور التوجيه والنصح لطلابها وعمل لافتات تحذيرية وأن تكون على مدار العام وليس لفتره وينقطع.
كما يجب أن تتولى الجهات المختصة عبء مراقبة الحسابات عبر هذه المواقع ومحاسبة أفرادها في حال كانوا من الداخل، ونشدد على ضرورة وضع الأسس في مثل هذا العمل وذلك عبر عمل حملة مشتركة بين كل من وزارة التربية والتعليم ووزارتي الداخلية والثقافة والإعلام، ومستشارين نفسيين، وكذلك رعاية الشباب لتوعية المجتمع بكافة أفراده بخطر مواقع التواصل الاجتماعي، وما يهدد مجتمعنا من أبنائنا وبناتنا لما بها من سموم تهاجم فكرهم وعقيدتهم وأخلاقهم فبدون أن تتعاون كل هذه الجهات يصعب علينا مجابهة هذه المواقع نظراً لتوسع الجبهات وكبر عدد حساباتها وصعوبة مراقبتها، مضيفاً بأنّ اليوم الذي تدمر أو تحجب فيه موقعاً فيه أفكار شاذة ينشأ مواقع أخرى، واذا لم يتحرك الجميع بأقصى سرعة للعمل للتصدي لفساد هذه المواقع فإنّ العواقب ستكون وخيمة.
تركز الحسابات على صغار السن
ونؤكد هنا بأنّ فكر الغلو والتشدد من الظواهر التي نهى عنها شرعنا المطهر وهي لا تغزو الأمة إلا من خلال الترويج لها واستغلال الأحداث وتطويعها لخدمة أهدافها، وهذا الأسلوب يستخدم للتغرير بالشباب وهو أسلوب يلجأ إليه التكفيريون حتى تتغلغل في أوساط أبناء المجتمع باستغلال بعض الشعارات الزائفة التي يلجأوون لها لإغواء الشباب وتجنيدهم للانضمام اليهم والانغماس في أفكارهم وتنفيذها فكان اللجوء لهذه الحسابات التي تؤثر في الفئات المستهدفة من قبلهم مستغلين ما قد يحدث من أخطاء لبث أفكارهم والتركيز عليها والتأليب عليها، مشيراً إلى أنّبعض المجتمعات العربية تصل نسبة الشباب من 60 -70 %، وتركز تلك الحسابات على صغار السن والأحداث لاستغلال جهلهم وظروفهم المعيشية ومشاعرهم الصادقة النبيلة تجاه إخوانهم المسلمين وما يعانونه من ظلم وجور وتقتيل وتهجير، فتعمل على تأجيج عواطفهم ووعدهم بالخاتمة الحسنة والفوز بالجنة، على أنّه لابدّ أن يكون هناك رصد لتلك الحسابات التي وجدت لبث الشائعات والتأثير على الشباب وصغار السن وتجنيدهم لخدمة أهدافهم الإجرامية ولابدّ من مراقبة الهاشتاقات التي تظهر، ومن مهامها التوجيه العاطفي والعمل بطريقة الإغراق في المعلومات عبر الحسابات المجهولة، والمراقبة يقطع عليهم الوصول لأهدافهم وإنقاذ الشباب من الوقوع في مصيدتهم خاصة وأنّهم هم الهدف الأول لأولئك المخططيين الإجراميين، متسائلاً بالقول: «كم من شباب فقدهم الوطن وتلوث فكرهم بسبب بث أفكار ضالة إليهم مخالفة للدين والشرع، وبالمراقبة للحسابات الهدامة أولا بأول، حيث يجب الإسهام في الحد من خطر تلك الحسابات التي تتنامى عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأمن الوطن أمن للجميع)).
وحول إمكانية خلق حملات مضادة للردّ على الأفكار التحريضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نؤكدّ بأنّه يجب إطلاق حسابات تبين شرور تلك الحسابات وبيان خطرها في حينها حتى يبتعد عنها الشباب المغرر بهم، ويكون هذا التنبيه باب وقاية لهم من التأثر بما يبث من أفكار دخيلة على الإسلام، حيث تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعي، ونشدد على أنّ مساهمة المشائخ والدعاة في هذه الحملة أمر مطلوب لأنّ لهم تأثيرا على الشباب والمتلقين وتبيان أهمية خطرهم، ونؤكد على أهمية أن يكون هناك حوار مع الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يمكن إقناعهم بشكل غير مباشر خاصة الفئة الصامتة التي تحتاج العمل الأكثر لأنّها قد تسمع وتشاهد وتنفذ.
سببها يعود إلى نشأة الطفل على الكراهية
وهنا فإننا نرى أنّ بروز الحسابات التي تروج للأفكار المحرضة للعنف سببها يعود إلى نشأة الطفل على الكراهية ضد الآخر، حيث نجد إما والده أو أحدا من أهله أو المدرس والمدرسة من طلبة وأساتذة، ونشير إلى أنّ وجود جانب مهم أيضاً وهو أنّ بعض أئمة المساجد يبثون خطبا تساعد على التحريض والتمردّ على المجتمع وعلى كل ما هو مختلف، حيث إنّ بعض أئمة المساجد وخطبائها لا يتقنون خطب الجهاد خاصة في إطار فهم ظاهرة النص لا عمقه الفلسفي وأسبابه، ولا يتطرقون عن أسباب التفكك الأسري برغم هذا الأمر ظاهر ويتزايد عاما بعد عام، ونشيرإلى أنّ انتشار الشبكة العنكبوتية في يد كل فرد بدأ تفريغ ما هو متراكم عبر السنين على صفحات الوسائل الاجتماعية الالكترونية، حيث إنّ مخرجات التعليم هي أوسع دائرة في تشتيت الطالب، إذ إنّ التعليم مقصر جداً في مدى استيعاب المقررات، فمن وضع تلك المناهج لم يكن ذا كفاية بعلوم الدين وباب الاجتهاد.
وحول إمكانية خلق حملات مضادة للردّ على الأفكار التحريضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نؤكد بأنّ هناك حملات مضادة إعلامية لا نستطيع إنكارها، ولكن لا تصل إلى أدمغة المجتمع ولا يتقنون استيعابها كخطر تنظيم داعش مثلاً على جسد الأمة أو التعصب والغلو من دعاة التحريض عبر وسائل التواصل في تويتر والفيس بوك وبعض المواقع التي تحمل شحنات سالبة، والتي تعجل الشاب ليحمل أيديولوجية تناهض الآخر وتعتاد على الكراهية، مؤكداً بأننا لو درسنا الأمر جيداً وجدناه صعبا للتخلص من الشبهات التي أحاطت بالمجتمع من كل جانب من حيث الشبكات الإلكترونية أو الكتيبات وبعض الدعاة في أشرطتهم او مقالاتهم بالصحف والاعلام، حيث كانوا مندفعين ولا يعلمون ذلك. منوهاً على ضرورة علاج هذه الأمور من مصادرها والبحث عن سبل لتحديثها وتطويرها ورفعها لحياةٍ مدنية، حيث اليوم نعيش نتاج الصحوة التي عبثت بالبلاد في ثلاثة عقود مضت، وهنا لا بدّ من صحوة اجتماعية وطنية مضادة لتلك الصحوة السابقة، عن طريق أكاديميين ونخب ثقافية وكتُاب صحفيين؛ لديهم وسائل اجتماعية ونفسية لعلاج الضرر الذي لحق بنا جميعاً، ونّه يجب العمل على بث رسائل نصية عبر حساباتهم للمناصحة، وإن لم يفد هذا الإجراء يجب حجب وإغلاق صفحاتهم كما تُحجب صفحات الرأي الآخر، واذا كان هذا الرأي غير مناسب فمن الأفضل عن طريق كُتاب الرأي والإعلاميين في الصحافة من التحذير من فسادهم الاجتماعي، مشدداً على ضرورة حث أئمة المساجد والدعاة بتغيير أساليب دعوتهم وأن تقتصر على أمرين، الأول أن يكون اجتماعيا لصالح المجتمع، والآخر أن يكون دينيا عن كيفية ارتباط المرء بربه.
ويراينا ان على المجلات الاسلامية عبئا هاماً بايجاد طريقة مخاطبة هذه الفئات.
تضاؤل سطوة النظام والقانون:
وفي سياق متصل نعتقد أنّ السبب في ظهور مثل هذه الحسابات وتزايدها يعود إلى تضاؤل سطوة النظام والقانون على العامة فلو تمّ محاسبة كل متجاوز سواء بعنف جسدي أو لفظي أو معنوي، ما راجت لغة العنف بين العامة وتحولت لسلوك عادي يتحول أحياناً ليكون سمة للقوة، ومشدداً على أنّ هناك تقصيرا كبيرا في هذا الجانب من قبل الجهات المعنية والتي يجب عليها متابعة ورصد لغة العنف خصوصاً وإن تكررت من أشخاص معينين، وعليها كذلك ايضاح طريقة سهلة وواضحة للابلاغ عن كل متجاوز من هذا النوع، مشيراً إلى أنّ أفضل حملة مضادة قد نقوم بها هو محاولة السمو والارتقاء بوعي العامة وترسيخ مفهوم أنّ العنف جريمة ويعاقب عليها فعلياً كائناً من كان حتى لا تكون اسلفت من السلوكيات الشائعة في المجتمع، حيث إننا بتنا أمام معضلة حقيقية إن استمرت على هذا الحال.
وأخيراً، فإننا نرى أن قنوات الإتصال في عالمنا العربي والإسلامي حتى خارج بلادنا أصبحت من أخطر الأدوات التي قد تكون مميزة وجيدة، وقد تكون فعالة وخطرة على شبابنا وفتياتنا، علماً بأن المسؤولين في وزارات الإعلام وسواها لم يسيطروا بعد على ما يتسرب من هذه القنوات من آثار سلبية مدمرة قد تضر ولا تنفع، وإذا لم تتكاتف أجهزة الإعلام في جميع الدول العربية لتتعاون معاً لإيقاف إنتشار تلك الآفات المدمرة فإن مجتمعنا العربي فسيبدأ السير نحو الهاوية.. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كم اننا باعتبارنا وسيلة من وسائل الاعلام الاسلامية نرى ضرورة ايجاد قنوات اتصال بين معتنقي المذاهب المختلفة حتى تكون قوة اسلامية يحسب لها الف حساب بدل ان تتصيد اخطاء بعضها وتتنابر بالالقاب والاتهامات وبراينا ان هذه اهم نقطة يجب الاهتمام بها حتي نقول اننا انجزنا شيء... لابد من اطلاع كل طرف الطرف الآخر بوجهة نظرة حتي نقضي على هذه الخلافات اة على الاقل تضييف هذه الهوءة...