نساء في مهاد التكفير

نساء في مهاد التكفير

 

نساء في مهاد التكفير

 

 نازي كريمي

عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي للنساء المسلمات -  مملكة البحرين

 

الخلاصة

هذه المقالة محاولة لإثبات وجود مهاد نسوية تهيء وتعد وتمهد للفكر التكفيري، بشكل لا واعي، ويختصر في تعريف التكفير ونشأته وآثاره على بيان تاريخه وبداياته في المجاميع البشرية عموما، ثم في المجتمعات الإسلامية خاصة، ويسلط الضوء على المجتمع النسوي المنتسب للمذهب الشيعي، بفعل مخاوف جادة وراء بعض المجموعات التي تمارس الدين في صورة يصدق عليها العديد من سمات الغلو والتقديس، وغيرها من الملامح الخفية والجلية.

وتؤكد المقالة أن الحاجة ضرورية لدراسة هذا الموضوع بشكل علمي؛ للتأكد من صحة مدعاه، رغم أنه قائم على دراسة ميدانية لقضايا الانحراف العقائدي في أوساط نسوية مماثلة انتهى بها المطاف إلى عواقب وخيمة أثرت على الأفراد والمجتمع وسمعة الفكر الديني، كما تقترح بعض الآليات العلاجية والوقائية، فضلا عن استنتاج الحل الأمثل وهو أطروحة المرأة في النموذج الحضاري للإسلام، والذي تمثل بجلاء في ثورة الإمام الخميني قدس سره الشريف، وتأسيس الحكومة الإسلامية في إيران، واستمرارها في الحضور على المستوى العالمي في القضايا العالمية والمصيرية للأمة الإسلامية وللشعوب المستضعفة ولقضايا المرأة والموقف الديني / الإسلامي من التكفير.

 

 

الكلمات الرئيسة

التكفير– الغلو - مهاد- الحضارة الإسلامية

المقدمة

نساء في مهاد التكفير، هذه المقالة قبل كل شيء مطروحة للمناقشة والتداول، وليست فكرتها الجوهرية ولا حتى نتائجها حتمية ونهائية، فهي بصدد إثبات وجود مهاد للتكفير، وتسعى لبيان البدايات غير المحسوسة لنشأة الجماعات التكفيرية في الوسط النسوي، والتي تهيء وتحتضن الفكر والعناصر النسوية التي من شأنها أن تكون في المستقبل (عقدين أو أكثر) رافدا - بشكل مباشر أو غير مباشر- للفكر التكفيري، تزوده بالعناصر المؤهلة للتحول إلى كوادر وطاقات يتم استثمارها، كما هو المشهود حاليا داخل أمثال هذه الجماعات.

ولا شك أن هذه العملية تسير بوجهين، الأول أن أصحابها يعملون بوعي تام، ويعلمون جيدا أنهم يمتلكون مهاد حقيقية لصناعة التكفير، ومثالها داعش، والمقالة لا تقصد هذا الوجه لأنه لن يبرز مهاده أمام العيان، بل ستبقى نشطة ومؤثرة دائما وهي في أوكارها.

وأما الوجه الثاني والذي يهمنا هنا، هو أن تتواجد جماعات صغيرة متناثرة، وفي الظاهر تتبنى الإسلام التقليدي وتمارس نوعا من الغلو، وتمهد لتأسيس الفكر التكفيري من دون وعي وقصد، والمقالة تسلط الضوء على هذه الحالة أو الظاهرة التي تبرز في بداياتها للعيان في أوساط المجتمعات الإسلامية ولها ممارساتها التي سنبينها لاحقا.

مثل هذه الجماعات النسوية الدينية، رغم أنها في الظاهر تمارس الطقوس الدينية بامتياز، وتحرص على تطبيق الأحكام الشرعية بصرامة، ودون نقاش أو توضيح، وتربي صغارها بطريقتها كالالتزام بالمظاهر الخارجية التي تبث الاطمئنان فيها، وتكاد تصرح أنها تعيش في المدينة الفاضلة، وتمارس الدين وتمهد للظهور وتنبذ السياسة رغم أنها تمارسه بطريقتها، كما هو التشيع اللندني، وما إلى ذلك، ولكن تكمن خطورتها في تداعياتها على أفرادها وعلى المجتمع من حولها، فالمرأة في هذه الجماعات وسيلة فعالة وأداة طائعة يتم استثمارها بشكل عميق وواسع لاحقا.

لم أجد من تطرق إلى هذا الموضوع في البحوث العلمية بالمقدار الذي تيسر لي فيه البحث، وإذا وجدت فذلك دليل على كونها ظاهرة متوقعة في تاريخ الجماعات ولاسيما الدينية منها عامة.

ومنشأ الفكرة هي ملاحظات من جهات قريبة من الجماعات النسوية وذات صلاحية في رصد الواقع النسوي الديني لتوجيهه، وتتابعه على مدى عقود من العمل الإسلامي النسوي، لذا فالمقالة تستند إلى البحث الميداني، واستقراء الواقع على امتداد ثلاثة عقود، من خلال التجارب التي تمر بالباحث في مجتمع البحث وتقترح استراتيجيات وقائية للحيلولة دون بلوغها مرحلة التكفير.

والمراقب لظاهرة التكفير يجد بجلاء أن العديد من مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية تبادر إلى دراستها ميدانيا بشكل مكثف، نظرا لما يكتنفها من مظاهر تحتاج للدراسة الدقيقة والاستقراء والمنهجية العلمية والأدلة، لضمان الوصول إلى رؤية واضحة حولها، وصولا إلى صياغة استراتيجية الحل والوقاية من مخاطرها.

 

 

التكفير، تعريفه، نشأته، آثاره

للأسف لا يوجد اتفاق على تعريف موحد للتكفير لدى البشر، وهذا في حد ذاته إشكالية لا تزال تعاني منها المعرفة البشرية، ولكن أصل التكفير أنه "منهجية صادرة عن عقلية إقصائية تختزل الحق والخير والصلاح وتحصره في أفق الذات لتبني عليه رفضا مدمرا للآخر المختلف، ووالتكفير بهذا المعنى هو مزاج أيديولوجي يجتاح الجماعات بتنوعها الفكري والديني والمذهبي"[1].

فلايقتصر وجود التكفير على المذاهب الإسلامية، بل يتسع ليشمل الأديان وغيرها من المذاهب الفكرية والفلسفات، وحتى اللادينية منها، والتكفير مسألة خلافية في الفقه الإسلامي، فلا يوجد إجماع على تعريفها، والمعروف في العصر الحديث أن التكفير ينسب إلى الحركات السنية السلفية بشكل أكبر من غيرها بسبب سرعتها في إلصاق حكم التكفير بكل من خالفها، مسلما أو غير مسلم، في حين أثبت الواقع نفسه أن التشيع اللندني يعتبر نسخة من الفكر التكفيري الذي ينسب نفسه زورا إلى المذهب الإمامي الاثنى عشري، وهكذا الحال في المذاهب والأديان الأخرى.

والتاريخ يقدم لنا نماذج مثل الخوارج الذين يعتبرهم البعض أول بذرة لمثل هذا التوجه، وتمتد أصوله إلى الجاهلية والقبلية بما كان يمارسه من قتل ووأد وتمثيل بالجثث واستعباد وغيرها، واستمرت هذه النزعة في الطواغيت الذين حكموا العباد والبلاد وأسسوا دول البطش في التاريخ الإسلامي ومعهم تكونت جماعات التكفير، وكانت بداياتها مسائل فقهية كما فعل ابن حنبل ثم توسعت مع ابن تيمية ونمت وتجذرت مع ابن عبدالوهاب.

وتثبت بعض مراكز الدراسات أن "التكفير ليس منتجاً إسلاموياً بمقدار ما يبدو لنا اليوم. فالظاهرة التكفيرية كنص وضعت أحكامها ابتداء في التوراة والتلمود .. أما الممارسات التكفيرية واسعة النطاق فهي ظاهرة مسيحية غربية من القرون الوسطى، بمقدار ما لا يبدو ذلك واضحاً اليوم. وقد كان المسيحيون الشرقيون بعض ضحاياها على مدى قرون"[2].

وفي العصر الحديث ومع التقنية صاغت دول الاستكبار حربها بنعومة ومخملية عبر وسائل الاعلام وكل سبل العيش والعلم والعمل لتحكم العالم والمجتمعات الاسلامية خاصة وتضمن مصالحها فيها، وصنعت جماعات التكفير بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ووفرت لها كافة سبل النفوذ لتحقيق مخططاتها، وهكذا يفرض الاستكبار على الأذهان صورة الإسلام التكفيري ويغيّب الإسلام الحضاري، حتى بلغ الحال بالأمة إلى ما نحن عليه من تناحر وحروب وتشتت وتضافر أهل الكفر وحكام الجور علينا مما يعجز القلم عن وصفه. 

وأما التشيع اللندني الذي برز قبل سنوات قليلة فقد كانت بداياته في جماعات صغيرة وتطورت إلى جماعات ذات خط ومنهج فكري معلن، وقاعدة جماهيرية تتوسع كالأخطبوط حول العالم، ثم بلغت مرحلة شكلت طفرة دينية، نحتاج لدراستها للتعرف على ملامحها وجذورها بشكل علمي ودقيق، إلى أن أسست من داخلها الفكر التكفيري بوعي أو بلا وعي، وأصبحت حاضنة تصدر علماءها ومفكريها باسم البيوتات الشيعية.

هذه الجماعات قد تبقى راكدة مع غلوها وممارساتها التقليدية، وقد تتطور في زمن ما، وفي كل الأحوال تعتبر بيئة خصبة لأعداء الإسلام يستغلونها في وقت الحاجة، ويبقون دائما يدعمونها، بعلمها وبدون علمها، مباشرة أو بشكل غير مباشر.

هذا والظاهر من الكتاب والسنة وكلام الفقهاء والمتكلمين أنّ الناس لابدّ لهم أن يجتنبوا عن تكفير المسلم ويمتنعوا منه حتی يقوم الدليل علی خلافه؛ لأنّ الأصل بقاء المسلم علی إسلامه.[3]

المرأة في الفكر التكفيري

المرأة كالرجل في الإنسانية ومورد خطاب الله تعالى في التكاليف الشرعية، وتحمل كما الرجل مسؤولية الأمانة الإلهية، ولكل منهما خصوصيات تحدد له دورا لايمكن للآخر القيام به، وبالتالي هي عنصر مهم في الوجود كما الرجل، ونظرا لدورها العظيم في الأمومة، والتربية، وتنشئة الأجيال، فإن كل الكيانات تهتم بها، وتدرك أهمية دورها، وهكذا الجماعات التكفيرية التي استقطبت المرأة واستثمرتها أيما استثمار، فأولت لها أدوارا كثيرة في تنظيماتها، وأوكلت إليها العديد من المهام، التي تحقق للجماعات نجاحا يفوق الرجل لو قام بها، كالعمليات الانتحارية والاستخبارية، وتنفيذ جرائم القتل، ومراقبة المواقع، وجمع الأموال، والترويج للفكر في محيطها، والعمل على مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغت إلى حدود تجاوزت فيها غسيل الدماغ والتهديد، فلعبت في أحكام الشرع وفق مصالحها، وابتدعت ما يسمى بجهاد النكاح مثلا، فقط لتحقق أهدافها.

المرأة تعتبر سلاح ذو حدين، فالتكفير يستثمرها، ويمكن محاربة التكفير بواسطة المرأة أيضا، فقد أشار مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء في مصر، إلى أن المرأة عامل مهم لدى الجماعات التكفيرية، 10% من العمليات الانتحارية ينفذها النساء، واستخدامها كخلايا منظمة يناط بها مهام عدة كالوقوف عند نقاط التفتيش ورصد ومراقبة المواقع المهمة[4]، وفي الوقت نفسه أشار رئيس مجلس الوزراء في مصر إبراهيم محلب أن (المرأة المصدّ الأول لفكر التكفير والعنف)[5]، أي أن المرأة هي التي تصد وتقف حاجزا دون التكفير عندما تكون على درجة كافية من الوعي!

وقد أثبتت دراسة سعودية حديثة أن أسباب مشاركة المرأة ضمن جماعات متطرفة تكون بنسبة 16% عاطفية، 32% فكرية، 53% اجتماعية، وتدل على أن إمكانية الوصول إلى المرأة والقدرة على تجنيدها أقل كلفة من تجنيد الرجل لكنها في المقابل تكون أكثر فداحة من حيث النتائج، – باعتبار – أنها قادرة على تربية أجيال من الإرهابيين الصغار[6]، وهذا دليل على ضرورة توعية المرأة وتثقيفها فضلا عن صيانتها وحمايتها من هذه المخاطر.

إن نشأة الجماعات التكفيرية تبدأ في مراحل غير واضحة المعالم، حيث يصعب الحكم عليها في مهادها، ودخول المرأة وإقحامها في هذه الجماعات تشكل خطورة عظمى على البشرية نظرا لعظمة دور المرأة، وهذا الإقحام بمثابة إنحراف لدور المرأة الطبيعي، ومقاومة وتحدٍ لقوانين السماء، وبالنتيجة سيدفع المجتمع والمرأة ثمنا غاليا لهذا التحدي، الذي يهدد هويتها، وحقوقها رغم كون التكفير متعلقا بالصراعات السياسية. 

إن الجماعات التي نقصدها هنا - في هذه المقالة - أنها مهد للتكفير تضعنا في الواقع الحالي أمام طريقين؛ الأول صعوبة الجزم في الحكم عليها بالأدلة الدامغة، وبالتالي استحالة أو صعوبة إمكانية المواجهة بالتصريح، أو حتى بالنصح المباشر، أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوب حكيم، لما في ذلك من توقعات لردود فعل خطيرة في الغالب، وحتى مقاطعتها اجتماعيا، خاصة وأنها تعتمد السرية والكتمان بشكل كبير، هذا فضلا عن الحكم الشرعي الذي يشدد ولا يسمح بالسهولة في إصدار الحكم على الآخرين إلا بالأدلة الدامغة.

والثاني ضرورة مراقبتها باستمرار، وهذا لا تتوفر إمكانياته إلا في ظل الحكومة الإسلامية، لذا فالمجتمع يظل باقيا في مهد الخطر إلى أن تعلو الأرضية لتكشف عن الحقيقة مع الزمن أو بفعل أحداث مزلزلة.

في دراسة ميدانية لإحدى المؤسسات النسوية الإسلامية[7]، للتعرف على ظاهرة انحراف قيادات نسوية لها أتباعها ومريديها، فبعضها انتهى أمرها إلى دخول مستشفى المجانين، وأخرى لخلع الحجاب والتحول إلى نموذج سافر وفاسق، تعمل في المؤسسات الاستكبارية، وبعضها لايزال في مراحله السابقة، ولكن يتنبأ لها بمستقبل أشد خطورة من حيث الانحراف العقائدي، نظرا لتواريها خلف العديد من الأستار، كما أنها تحمل أفكارا مضادة للوحدة والتقريب وتمارس الغلو في ولاءها المذهبي.

كشفت الدراسة بشكل مؤكد عن ثلاثة إشكاليات ساهمت في بروز هذه الظاهرة، أولها الغياب أو الضعف أو التزييف في التخصص العلمي الديني، مما جعلها سهلة الانفلات للإغراءات الفكرية والخداعة، وثانيها توظيف التقديس في غير محله، وثالثها التبعية العمياء من الأتباع وصفاتهم التي كان لها الدور الكبير في سَوق القدوة إلى التقديس وصولا إلى الانحراف.

هذه الدراسة كشفت بصورة غير مباشرة عن وجود مهاد للتكفير، وسلطت الضوء على جماعات أخرى يُتنبأ لها بالمثل، وكلها يتم استثمارها بشكل لاواعي من جهات مجهولة.

بالنتيجة ، هل توجد فعلا نساء في مهاد التكفير؟

نعم، توجد نساء في مهاد التكفير، ورغم أن المقالة لم تستوفِ أدلتها لعدة أسباب، فنية وفكرية، ونظرا لخطورة المسألة التي ابتليت بها الأمة الإسلامية وصارت عاملا في الفرقة والاختلاف لذا نؤكد أن هذه المقالة تحذر من إلقاء التهم ونسبتها للآخرين، فلا بد من توافر الأدلة الشرعية للتثبت من هذه المخاطر ثم مواجهتها في مرحلة لاحقة. إلا أن الرسالة موجهة للمرأة نفسها، وتخص المرأة المسلمة بالتحذير، كما وتحذر بقية الأطراف المعنية في المجتمع، من تبعات وجود مجموعات نسوية صغيرة، لها ممارساتها الخاصة بها، وتعتمد السرية التامة من جهة، وتبرز للعلن من جهات أخرى، وتؤيد الثورات ولكنها تنبذ السياسة وأهلها، وتدعو للعمل للتمهيد للظهور فقط، وذلك طبقا لطريقة فهمها للسياسة وللعقيدة المهدوية، وكما توظف مجموعة من الآليات لتثبت أركانها في المجتمع، مثل التودد، الالتزام بمظاهر التقديس، المال، إحياء بعض الشعائر الجماعية التقليدية، وغيرها، ويظهر الغلو في العديد من ممارساتها، بالتعمُّق والتشَدُّدُ في الاعتقاد والعملِ والمواقف والخروج عن حد الاعتدال في الدين اعتقاداً أو عملاً، أو هما معاً، ورغم التفاوت بين الغلو والتكفير، إلا "أن التكفير بالمفهوم الذي أصبح يُحيل إليه في العصر الحالي هو مظهر أو نتيجة من نتائج الغلو في الدين .. لكنه مظهر أو نتيجة هي من أخطر النتائج المترتبة عليه .. وأصول الغلو باقية، وتنبعث كلما توافرت أسبابها في أي زمان وأي مكان وبيئة، لا سيما مع الأحداث الجسام والفتن، فنزعة الغلو والتشدد التي قد تنشأ عنها ظواهر التكفير والعنف قد تصاحب كل نهضة أو دعوة وتشذ عنها". وقد تطورت ظاهرة الغلو والتكفير اليوم إلى أن أصبحت منهجا وأسلوبا له أصوله ومنطقه الذي يستند إليه، وشُبَهُه التي ينخدع بها معتنقوه من شباب الأمة ، وصار يهدد الدين والرسالة ذاتَها في تشويه صورتها وهدمِ مقاصدها، والأمةَ في أمنها وسلمِها واستقرارِها وتنميتِها.. وهكذا فقد أصبح الغلو يمثل تحديا حقيقيا للمجتمعات المعاصرة[8].

وبالتالي لابد من مواجهتها في مهادها بأساليب وقائية نقترح منها على سبيل المثال لا الحصر:

1.       المتابعة المنهجية، والرصد العلمي المستمرين وبطريقة تتناسب مع مقتضى الحال.

2.       التواصل الاجتماعي مع أفرادها كلما أمكن.

3.       توجيه النصح والإرشاد بذكاء وحكمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشرطه وشروطه).

4.       توعية المجتمع النسوي المحيط بها خاصة، ووقايته من تبعات الجماعات المنحرفة بالتعرف على تاريخ بعض النماذج منها.

 

الحل الأمثل: المرأة في المنهج الحضاري الإسلامي

من أفضل الرؤى التي وجدتها مطروحة في الشأن النسوى هو نتاج علمي للشيخ محمد تقي سبحاني في كتابه (شخصية المرأة، دراسة في النموذج الحضاري الإٍسلامي)، ويقدم فيها مقارنة بين المناهج الإسلامية الثلاثة المطروحة في عصرنا الحاضر وفقا لاستنتاجه، وهي: النموذج التقليدي (المتحجر)، النموذج التجديدي الحداثي (العلماني)، والنموذج الحضاري الإٍسلامي، وإني لأجد مصداق هذا النموذج الحضاري في التطبيق العملي للإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه لنظرية ولاية الفقيه التي أثمرت هذه الرؤية الأصيلة والحضارية للمرأة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

تميزت الرؤية الحضارية عن غيرها بالطرح العالمي للحكومة الإسلامية، ولم تفصل الدين عن السياسة، "وجعلت للقرآن الكريم دورا أساسيا في نهضتها باعتباره وحيا إلهيا يحوي المعارف الأساسية التي تحتاجها البشرية للوصول إلى الكمال والسعادة، وفي مقدمتها الأمور السياسية والاجتماعية، وضرورة الإيمان بديمومة حضور القرآن في الزمن، فحققت الثورة الإسلامية انتصارها واستمرارها .. كان دور القرآن حاسما في تشكيل وعي القيادة والشعب ضد الطاغوت، ودفعهم إلى القيام بالثورة والصمود ضد جبروت السلطة الملكية الاستبدادية "[9]، وهذه الرؤية تمثل الحل الأمثل لإنقاذ الجماعات النسوية الصغير التي قد تكون في مهاد التكفير.

الحلول العملية المقترحة

1.       فكرة المرصد الوقائي، لمتابعة ورصد الواقع النسوي الفردي والجماعي في البعدين الفكري والسلوكي.

2.   توسعة دائرة الخطاب النسوي الإسلامي ليستوعب المجتمع النسوي العالمي وفق برنامج عملي، ويبدو أن الاتحاد العالمي للنساء المسلمات هو المصداق الأفضل المتوفر حاليا[10].

3.   الوحدة والتقريب هي التي أغاضت الإستكبار وأعداء الإسلام المحمدي منذ صدر الإسلام وقبلها في الأديان السماوية قبل أن تنحرف، لذا فالوحدة والتقريب بين المسلمين سبيل مهم وجوهري لمواجهة التكفير في كل زمان ومكان، وهو يمثل روح رسالة الإسلام (رحمة للعالمين).

 

المصادر

1.       جرادي، شفيق، الإسلام في مواجهة التكفيرية (قراءة في الإسلام السياسي والسلفية)، ط1،2015م، دار المعارف الحكمية، لبنان

2.   سبحاني، محمد تقي، شخصية المرأة (دراسةفي النموذج الحضاري الإسلامي)، تعريب: علي بيضون، شاكر كسرائي، ط2، 2013م، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، لبنان

3.   مجموعة من الباحثات، نساء قدوات وإشكاليات الواقع، (دراسة ميدانية)، مؤتمر الإسلام العظيم والمرأة التاسع، 2016م، مملكة البحرين

4.       مجموعة من الباحثين، دور القرآن الكريم في بناء نهضة الأمة ووحدتها، ط1،2015م، دار المعارف الحكمية، لبنان

5.       مصادر انترنتية.

 



[1]  - جرادي، شفيق، الإسلام في مواجهةالتكفيرية، ص25

[2]  - موقع المركز الوطني للأبحاث واستطلاعات الرأي، 25 أغسطس2015م، الفكر التكفيري في الفكر الصهيوني، http://ncro.sy/?p=2538

[3] - موقع نقد الوهابية، 2ديسمبر 2015م،ظاهرة التكفير لدى المذاهب الإسلامية، مبلغي، حميد http://alwahabiyah.com/ar/Article/View/87396

2 - يوتيوب، مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، 6أبريل 2015م https://www.youtube.com/watch?v=5mzsjUhwpr8

3 - يوتيوب، أخبار الوطن، مصر، 15 فبراير 2015م مؤتمر مجلة نصف الدنيا (المرأة المصرية والعربية 2030، ريادة الأعمال الطريق إلى المستقبل)   https://www.youtube.com/watch?v=Pp9fodWxfc8

[6]  - المرأة على ضفة الإرهاب، 5 مارس 2015م،  http://www.assakina.com/

[7]  - مؤتمر الإسلام العظيم والمرأة التاسع، 2016م، نساء قدوات وإشكاليات الواقع.

[8]  - موقع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 1 يونيو2016م، ظاهرة الغلو والتكفير، الصديق، د.محمد محمود، في مؤتمر "الإرهاب وضرره على التنمية والاستقرار" نظمته رابطة العالم الإسلامي بالعاصمة السنغالية دكار http://www.cmers.org/component/content/article/164-2016-06-01-16-20-41

[9]  - مجموعة من الباحثين، دور القرآن في بناء نهضة الأمة ووحدتها، ص 97.

[10]  - الجدير بالذكر أنه تم عقد ملتقى إقليمي في تونس 28 سبتمبر 2016م، تحت عنوان « نحو خطاب ديني لمواجهة الفكر التكفيري وإرساء ثقافة السلام : تشخيص ومعالجة » وذلك بمشاركة 40 شخصية علمية ودينية من سبع دول عربية .وأشارت فيه الدكتورة بدرة قعلول، مدير المركز الدولي بقولها: كشفت العديد من الإحصاءات، التي قام بها مختصون ما للخطاب الديني المتعصب من دور في تغذية النزاعات سواء بين الديانات السماوية أو داخل الديانة الواحدة. http://www.radioculturelle.tn/