سكوت العلماء مدعاة لتجرأ التكفيريين والجهلاء

سكوت العلماء مدعاة لتجرأ التكفيريين والجهلاء

  

سكوت العلماء

مدعاة لتجرأ التكفيريين والجهلاء


 

                                                                                الدكتور عبدالامير سليماني

                                                                                                 استاذ في الجامعة الاسلامية الحرة

                                                                                                       واحد جنوب – طهران

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المقدمة:

لا يسعني في هذا البحث الدقيق العنوان والخطر الشأن إلاّ أن أقول أن الإمام هو الموجه الأول والراعي الأهم في المجتمع إذ تتجه له الأنظار وتستعينه الأمة بعد الله سبحانه لقيادتها وابلاغها شاطئ الأمان لأنه الأمين على الرسالة والحامي حقوقها والقائم بها، وقد نقل في كتاب «أمير المنابر» الذي ألف حول المرحوم العلامة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي كما أفاد هو (رحمه الله) أنه كان في الطائرة في رحلة له وبجنبه أحد الوهابيين راكباً ولما جاءت المضيفة لتزودهم بالغذاء بادرها بقوله «أعطِ هذا الكلب أولاً مشيراً للشيخ وباللغة الأنجليزية متصوراً أن الشيخ لا يتكلم الأنجليزية!!!! فقال الشيخ (رحمه الله) للمضيفة «لا... أولاً اعط هذا الرجل النبيل» أيضاً باللغة الأنكليزية! فتعجب الرجل الوهابي من الشيخ ومتسائلاً «لماذا أنا أقول عليك كلباً وأنت تصفني بالرجل النبيل» فقال الشيخ له أتعلم لماذا؟ قال الوهابي نعم! قال الشيخ (رحمه لله) إنّ أمامي علمني هذا الأسلوب وأنت أمامك علمك هذا الأسلوب!! حينها تندم الوهابي واعجب بأخلاق هذا العالم المسلم الذي يسير على نهج مدرسة آل البيت (ع) وأعتذر للشيخ وتبنى مذهبه .

هذا يدلل أن الأمام قائد في مجتمعه يتبعه المثقف وغير المثقف ، بل هو الهادي لأمته وانصاره يصحح أخطاءهم ، نعم إن العالم الرباني والمتصدي لهذه الوظيفة الحساسة هو قائد ودليل وهو المرجع في الأمور الحياتية، وقد شاهدنا من دراسة التأريخ أن العلماء هم المحرب والموجه للأمة سلباً أو إيجاباً، ماذا فعل وعاظ السلاطين بكذبهم وتزويرهم الحقائق من أجل مصلحة السلطان، وماذا فعل العلماء الربانيون في توجيه الأمة وكم أنقذوها من وهنات الضعف.

إن هذا البحث هو وقفه صامته أمام مسؤولية العالم الديني في هذا الوقت الذي تسرح فيه الأمة في تخبط أعمى. وتنتشر فتاوى التكفير اللامسؤول من قبل مدرسة آل سعود وأمثالهم لذا وضعت الموضوع كالآتي:

المبحث الأول/ مفهوم العالم الواعي في القرآن الكريم.

المبحث الثاني/ التفكيريون وتاريخهم الماضي والحاضر.

آ - على ماذا يستند هؤلاء التكفيريون.

ب - التكفيريون ونشر الكراهية .

المبحث الثالث: الدين الإٍسلامي يتعارض والتكفيريين.

 - مفهوم العالم الإٍسلامي ووظيفته.

المبحث الرابع: صناعة القدوة .

المبحث الخامس: الإعلام وأثره في تثبيت الفضيلة ونشرها.

الدكتور عبدالامير سليماني

                                                                           استاذ في الجامعة الاسلامية الحرة

      واحد جنوب – طهران

 

المبحث الأول:

مفهوم العالم الواعي في القرآن الكريم

لم يكن القرآن إلا كتاب هدية لهذا المخلوق المكرم الذي قال الله تعالى فيه: P وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ... O بل هو «الأنسان» أشرف مخلوقات الله سبحانه، وقد أودعه مالم يودع أحداً من مخلوقاته من أجل يرتفع إلى المكانة التي أرادها الله تعالى له، وتحقيق انسانيته التي حددها الله تعالى له وأن خليفة الله في الأرض. فشرع الله، السلام، وشرع العدالة بعد أن وصف نفسه جلت قدرته «بالعدل» المطلق، ورسم الله نظام العبودية الحقة عبودية الإنسان للملك الجبار ليسير هذا الإنسان نحو التكامل والتسامي ويصبح حقاً سيد المخلوقات على الأجماع، فبعث الله سبحانه أنبياءه ورسله وأوصياءهم وأرسل الشرائع والأديان لتحقيق أمرين وهدفين هما:

1 - التوحيد: والتوحيد في كل شيء، توحيد الله جلت قدرته. فإذا تحققت تحققت الوحدة بكل أشكالها وحدة الإنسانية ووحدة الأمن والأمان، ووحدة الكلمة ووحدة الحق.

توحيد الله تعالى مفتاح لكل أنواع الوحدة. والتوحيد نبراس الكرامة والعزة والعلو والرفعة أنها المثل العليا.

2 - العدل: وهو الهدف الثاني لكل الأنبياء في أقامة العدل الإنساني بل العدل الإلهي في كل مخلوقات الله العظيم.

ومن العدل أن يتعلم الإنسان العلم ويهنأ بنتائجه ويتلذذ بمكتشفاته وتطوره وتقدمه. بل شجع الخالق العالم العليم عبده على العلم والتسلق بالعلم حتى صار العلم واجباً من واجبات الإنسان المسلم. فقال سبحانه في محكم كتابه  Pيَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ Oوقال في آية أخرى  P هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ  O.

أما رسوله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» فكانت درجة العلم في الخمسة احكام الأسلامية «الوجوب» بعدما ساعد الله سبحانه الأنسان في طلب العلم  «وعلمنا الإنسان ما لم يعلم».

وقال تعالى:  P الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ O ا(الرحمن:1).

وآيات كثيرة تعظم العلم وتأخذ بأيدي العلماء وتشجعهم وتشوقهم. بل بعض النصوص جعلت كسب العلم إلى آخر لحظة من حياة الإنسان كما في الحديث «أطلب العلم من المهد إلى اللحد» وبالتالي فينبغي أن يحكم العلماء الناس ويديروا أعمالهم فإذا كان من شروط القاضي أن يكون مجتهداً فالحاكم والوالي له لابد أن يكون كذلك كما حرم الاسلام الفتوى بدون علم بل هدد الإسلام هؤلاء حتى ورد في الحديث الشريف: «من أفتى برايه أكبه الله على منخريه في النار» فكان حبر العلمءا أفضل من دماء الشهداء المجاهدين ، كما في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء».

ورب سائل يقول لماذا هذا التعظيم الكبير لأهل العلم ولماذا الاهتمام بذلك؟

والجواب على ذلك ، نقول:

إن وظيفة العالم وظيفة مهمة وخطيرة جداً لأنها تحتل موقع قيادي وموقع تحتاج إلى الدقة والملازمة والورع والفكر والمتابعة.

ولو رجعنا إلى تأريخ الأمة لوجدنا أثر وجود العلماء والوظيفة التي يجب أن ينهضوا بها، والعلاقة التي تشد الناس إلى الدين والأخلاق فالعالم الفقيه يجوز له مالا يجوز لغيره كما جاء في الكثير من الموروث الفقهي الإٍسلامي سيما في باب التزاحم وهو كثير كما «لو تزاحم أداء الدين المستحق مع حكم الصلاة في وقتها الموسع» أو الأمر بالوضوء مع أنقاذ نفس ضامية». أو تقديم الوفاء بالدين على الحج.. بأعتبار الوفاء بالدين مشروطاً بالقدرة العقلية والوفاء بالحج مشروطاً بالقدرة الشرعية.

ففي القرآن الكريم ورد ما يعرف بسد الذرائع والذي بدوره «سد الذرائع» يرجع إلى وجوب البحث في موضوع التزاحم. كالتزاحم مثلاً بين وجوب نداء اسرى المسلمين وحرمة إعانة الكفار في الأنتفاع بمال المسلمين فالأمر يدور بين الأهم والواجب والأوجب.

فالإمام أو ولي الأمر له حق تحريم الوسائل المباحة عند أستغلالها للأقدام على الحرام كتحريم استقبال البث الخارجي للتلفزة الغربية المعادية للوسائل المتبعة. لأنّه لابد أن يعمل القائد الذي يعتمد الشريعة على درء المفسدة ونفيها بكل الطرق التي تؤدي اليها حتى ولو أحتمالاً.

 

العلماء في الإسلام

العلماء في  الإسلام هم النجوم التي يهتدى بهداهم وهم الأدلة على الشريعة وحراسها وحماتها وهي وظيفتهم فحراسة الشريعة هو منع المتطاولين عليها، ونهر المتجرأين ضدها وفضح المصرين ذلك لحفظ حقوق الناس وتطبيق الشريعة.

والعالم: هو من فقه كتاب الله وحديث رسوله الصحيح وعمل بذلك مراعياً الزمان والمكان بعيداً عما يرضى الله من الخرافة والغلو نعم العالم هو الذي يظهر سماحة الإسلام وعزة الإسلام وانسانية الإسلام. لا تأخذه بالله لومة لائم. ولا تهزه عصبية سلبية رعناء ولا قومية شوهاء. فليس في الإسلام طائفية ولا مذهبية وفراق وتفرقة وأفتراق. بل الإسلام هو الجامع للأمة  P وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا O.

 

ماهي صفات العالم الرباني:

1 - الخوف من الله تعالى: وهو ما ذكره الله في القرآن الكريم P إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورO (فاطر: 28) ، وقوله تعالى:  P وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ  O(الأحزاب: 37) .

وقوله جلت قدرته : P فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاًO (المائدة:44). وقوله سبحانه: Pفَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ  O( التوبة:13). وقوله أيضا سبحانه: P وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ O (النور:52).

وآيات كثيرة تؤكد على خشية الله ولزوم الصمت في أظهار الحق.

2- أن يحمل العلم لله ولا يكتمه بل ينشره ويعمل على نشره. فزكاة العلم نشره، ولا يكذب على الله ولا يكون ممن في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة.

3- أن يفقه الحديث «العلماء ورثة الأنبياء» فلا يجبن ولا يتغافل ولا يداهن وإنما يعمل كما يعمل النبي(ص) في أظهار حقيقة العلم.

4- أن يفهم العالم ويتصف بأن العالم هو الحامل للحق وأن علم الدين هو الحق  P أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ O (الرعد:19) فلا يكتمه أي الحق . فالله سبحانه القائل: P لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ O (المائدة: 94).

5- ليعلم العالم أنه لا يتساوى مع الذين لا يعلمون الآية: P قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَO(الزمر:9).

6- أن لا يكون العالم قد أتخذ علمه وسيلة للرزق والطمع فتبع هواه أو يشابه أهل الكتاب الذي قال الله تعالى فيهم:     Pفَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَO (البقرة: 79).

7- أن يكون العالم شجاعاً لا يخاف إلا الله فلا يعير أهمية لمن خرج عن حدود الله  P وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونO (الجاثية:18). وأن يتذكر قول الرسول في سورة هود حينما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) «شيبتني سورة هود» وقصده الآية المباركة P فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ O فالعالم هكذا... يقول الحق جل وعلا P وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ O (الشورى:18).

وصفات كثيرة لكن أهمها هذه على العالم أن يقف عندها ليكون عالماً. وبالتالي فإن ما يحدث من قتل الإنفس وتدمير البلاد والعباد لا يمكن للعالم أن يسكت عنه، لابد أن يصرخ ضد ذلك. لأنه الأمين.

 

العالم ومسؤولية ولي الأمر:

لا يكون العالم عالماً إذا لم يراجع التأريخ ويطلع على مفاهيم الإسلام الحقة من مصادرها الحقيقية من الأنبياء والأوصياء.. مفاهيم الإسلام وأحكامه تؤخذ من النبي الأعظم(ص) ومن خلفائه الذين قال عنهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هم مصباح الهدى وسفينة النجاة بل قال أن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تركها غرق وهوى.

كما نعلم أن أمامة المسلمين هي وظيفة جعلية الله يجعلها وليس الناس فهي كوظيفة النبوة. قال المولى P إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ O (البقرة: 124) وحينما تكون كذلك فإن العلماء الباقين هم معاونون لهذه الوظيفة. وكما أن الإمام هو ولي أمر الأمة. فإن العلماء الربانيون الفقهاء هم أولياء الأمة بحكم تصديهم وهم القادة، وهذا الولي في الأمة يجب أن يحافظ على آلية الولاية ويعمل على تحقيقها ويحرسها من البغاة والطغاة، فإذا كان الإمام هو الحارس فعليه مهمة حراسة الأمة والنظام وقد هيء له الله تعالى وسائل مختلفة منها يستعملها من أجل أجراء العدل الذي أشرنا إليه سابقاً.

1 -  نشر الثقافة الإسلامية الحقة التي تحقق العدل والأخلاق الإسلامية ويقف بوجه كل ما يخالف ذلك، ويفضح ألاعيبهم ولا يسمح لهم بالحديث فإذا ما أصروا وجب اصدار التهديد والعقوبة عليهم. لأنهم أصبحوا أداة طغيان وكذب.

2- العمل بدليل الأحتياط وحسن الأحتياط.. حيث توجد هناك مسألة «سد الذرائع» إذ إعتمد القائلون فيها من أن سدّ الذرائع يكون بوجوب الأحتياط كقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «دع ما يبك إلى مالا يبك» وأعمال التكفريين ليس هي ريباً أو شبهة بل هي حقيقة سلبية ليس من الدين وإنما وسيلة لهتك الدين والتوهين به ومحاربته.. أو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «الحلال بَيّنِ والحرام بَيّنِ وبينهما شبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن أتقى الشبهات أستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كان كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه ألا وأن لكل ملك حمى. ألاّ وأن حمى الله في أرضه محارمه»([1]).

وكذا يمكن الأفادة من الآية الكريمة P وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ O (البقرة:195). وعلى الرغم من أن هذه الآية تحوي دلالتها نهياً إرشادياً لا مولوياً. ولكن كما يقول الإمام الشهيد الصدر (رحمه الله): «يجب أن لا يكون إلى الحد الذي يوجب الأفلاس والتعرض إلى الهلاك([2]) أو أنها ترشد إلى لزوم الأنفاق في الجهاد وإلاّ تعرضت البلاد للفناء .

 

مسألة التنازع:

وهي ما تشير إليه الآية الكريمة  P فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ O (النساء: 59) فإن الآية تنهى عن أقتحام الشبهة وتأمر بالرد إلى الله والرسول ولابد إذن من أطاعة الله ورسوله. وفي الحقيقة إن العالم لا ينبغي له السكوت أمام ما يحدث في العالم وعليه أن يظهر علمه وإلاّ الجمه الله بلجام من نار، لماذا يسكت من يسمون بالعلماء. وأمامهم هذه الدلائل القرآنية والحديثية؟؟!!

إنّ الأحكام الواردة والمقبولة والمؤيدة عقلاً والصادرة عن الله تعالى أو المعصوم ينبغي الرجوع اليها، كي يمكن الوصول إلى حسن الأحتياط كما ورد في «من أتقى الشبهات فقد أستبرأ لدينه»([3]).

وعند عدم تشخيص هذا الأستبراء فيعمد إلى الاستبراء العام من كل شرّ وعمل هذا الشر، ومن كل سوء وعمله، ومن كل مكروه وعمل هذا المكروه ثم الحديث الآخر «أخوك دينك فأحتط لدينك بما شئت»([4]). وذكر ما شئت تأكيداً للاستحباب.

كذلك الحديث: «أورع الناس من وقف عند الشبهة»([5]). أيضاً لا دلالة له على الوجوب.

أما حديث «الأمور ثلاثة: أمر بيّنٌ ذلك رشده فأتبعه وأمر بَيّنِ لك غيّه فأجتنبه وآخر أختلف فيه فرده إلى الله»([6]).

ولا يفوتنا أن ولي الأمر له الحق في تحريم بعض المباحات أو الأمور المباحة في حالة الضرورة وحين يجلب هذاالمباح ضرراً محتملاً كتحريم التقاط بعض القنوات التلفزيونية أو تحريم استقبال البث الخارجي للتفلزة الغربية المعادية والمخالفة للأخلاق الإنسانية الفاضلة.

بعد هذا الكلام الذي مرَّ لابد للعالم أن يظهر علمه ويفصح عن مكنون الشريعة وإلاّ شملته لعنة الراضي على هذه الأعمال بل وكان عاملاً لنشر هذا الفساد المزدوج.

الفساد الأول: هو الكذب على الله ورسوله والإسلام بأبتداع الكذب والخداع والسلوك الشائن.

الفساد الثاني: هو التشويه للرسالة السماوية ودين الله تعالى الذي أراده للبشرية إلى يوم القيامة.

 

المبحث الثاني

التكفيريون

دعاة التكفير ومسألة التكفير وإن كان لها جذور . إلاّ أنها لم تكن ذات آثار لها وقعها في المجتمع، وقد حوربت في مهدها من قبل أهل العلم وحينها كان الإمام الوصي للرسول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي وقف بوجهها وعدم توسعها وأستطالتها، وخفتت وغاب وجودها. ولم يكن له حقيقة تذكر بالشكل الذي ظهرت فيه في القرنين السابقين من عمر الرسالة الإسلامية والتي كان أساسها الفكر التكفيري الذي أسسه أبن تيمية أسسه ابن تيمية الحوراني الذي أبتدع البدع وجاء بالكثير مما يخالف النصوص القرآنية حتى يمكن القول بأنه جاء بما لم يكن موجوداً ، بل وعادى أهل بيت النبوة وعلى رأسهم وصي الرسول الأعظم وخليفته بالحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 0(عليه السلام) حتى أنكر العديد من الفضائل وقلل من أهمية فضائل أخرى.

وحتى نقف على هذه الهجمة للتكفيريين في الوقت الحاضر نرجع إلى أفكار محمد بن عبدالوهاب (في القرن 12 الهجري) الذي شذّ هو الآخر عن سلوك العلماء وطريق العلم فقلد ابن تيمية الحوارني وأدخل في الرسالة ما ليس فيها بحجة «التوحيد» وكفر الناس جميعاً سُنةً وشيعة وحرم ما يشاء وأبتدع ما يشاء وفق المنهج البريطاني الذي وجهه به المخابرات البريطانية في أسطنبول عند دراسته هناك وقد جوبه من قبل كافة المسلمين حيث كان العلماء آنذاك أشد حرصاً على الإسلام حتى قام حاكم مصر «محمد علي باشا الكبير» بتجهيز حملة كبيرة لحرب الوهابيين وقادتهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومتابعتهم للقضاء عليهم وفعلاً ما حدث حيث تفرقوا في مختلف البلدان ولجأوا في مناطق مختلفة منها الكويت الحالية. أذ كانت أمارة تابعة لولاية البصرة العراقية حتى أواخر عام 1914م. لقد هتكوا حرمة الدين وشوهوا صورته وهي سياسة أستعمارية مخيفة، وخلال هذه الفترة هاجموا المساجد والأضرحة والمقابر بحجة هذه من الشرك وكان من بين ذلك الهجوم على قبر النبي محمد(ص) وأفراغ متحفه أو ما تسمى بـ(غرفة النبي(ص) ) مرتين والسطو على كربلاء وضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (ع) وقتل الآلاف بحملتهم المسعورة من مجاميع الجهلة المتوحشة.

هذا الفكر الوهابي الظلامي تبناه آل سعود وطبق المعاهدة بين الثلاثي الإنجليز والسلفية الوهابية وآل سعود الذين نصبوا أنفسهم بقوة السيف والقتل وقطع الرؤوس بصورة بشعة لم يوافقهم بها حتى عشائر السامبو الأفريقية المتوحشة.

أخذ الفكر الوهابي يفرخ طلايه وهم يحملون هذه الأفكار المنحرفة حتى القرن الحادي والعشرين، بعد تأسيس جماعة الأخوان المسلمين في مصر على يد السيد حسن البنا عام 1928م.

وبعد مصرع المؤسس حسن البنا على يد فاروق مصر ملك مصر آنذاك جاء إلى ارشاد الأخوان الداعية سيد قطب، وكان سلس القلم. فكتب عدة كتب أهم كتابين كان لها الأثر في تجذير الفكر السلفي التكفيري هما «معالم في الطريق» وكتاب تفسير «في ظلال القرآن» وقد كان لهذين الكتابين أهمية لدى الأخوان المسلمين سيما بعد اعدام مؤلفها (سيد قطب) في عام 1965 على يد جمال عبدالناصر رئيس البلاد يومها وحدثت حينها أعتقالات كثيرة، وكان سيد قطب قد صاغ نظرية خاصة تخالف نظرية الأخوان طرحها من خلال كتابيه تفسير في ظلال القرآن. وكتاب معالم في الطريق، إذ وجد القطببيون أن نهج البنا لا يلائم ولا يتوائم مع طرح البلد للمرحلة الجديدة في الموقف من الحكم وتتركز هذه الأفكار([7])، أن المجتمعات المعاصرة مجتمعات جاهلية بما فيها المجتمعات الإسلامية وكفر الحكومات القائمة في بلاد المسلمين وعدم المشاركة في الحكم أو ممارسة العمل السياسي في ظل الحكومات الكافرة ووجوب جهاد الحكومات الكافرة، وكذلك رفضوا الدعوة العلنية وتفضيل نهج التنظيم المغلق، كما أن أفكار سيد قطب امتدت خارج مصر للعالم الإٍسلامي وأوربا، وقد شكلت هذه الأفكار بريقاص جذاباً للمسلمين في كل مكان وتحول «التيار القطبي» إلى تيار عالمي، ولا يزال هذا التيار موجوداً وله أثر كبير في شباب العالم الإٍسلامي، ولذا يمكن القول أن سيد قطب بأفكاره هذه يعد المرجع الأول لفكر تكفير الحكام وأحياء الجهاد في هذا العصر وتكفير حب الوطن([8]).

هذا الفكر والمنحى في تبني الأخوان أو طرح أفكار سيد قطب وأعتمادهم على كتاباته خلق تياراً يسمى «التيار القطبي» أو «القطبيون» كما يحلولآخرين وحمل هذا التيار التكفير بعد أن عانت جماعة الأخوان المسلمين إنشقاقاً فكرياً وليس تنظيميا عام 1965م كما أسلفنا بسبب أفكار سيد قطب وأنتشر أولاً في داخل السجون حيث كان الأعضاء آنذاك في سجون جمال عبدالناصر وقد حاول المرشد العام آنذاك حسن الهضيبي إلى السيطرة على الوضع للتوحيد بين الأخوان حيث بعث برسالته التي أصدرها لجماعة الأخوان المسلمين.

وفي هذه الأثناء حدثت محاكمات داخل السجون حيث تأثر الكثير بأفكار قطب لكن رجع البعض منهم إلى الرسالة التي كتبها حسن الهضيبي. وبقي الباقون مصرون على نهج افكار قطب وتأسيسهم التيار القطبي أمثال عبدالمجيد الشاذلي صاحب كتاب «الإيمان وحقيقة الإٍسلام» والمرشد الثامن للجماعة «محمد بديع» وكذلك محمود عزت وصبري عرفه الكومي الذين وطنوا الفكر القطبي داخل الأطروحة الأخوانية([9]) كما كان لأفكار سيد قطب تأثيراً واضحاً على شباب دول الخليج الفارسي على الرغم من أن هناك بعض الأختلافات بين الفكر السلفي الوهابي والسلفي القطبي([10]) حيث وضع بديباجة سلفية خاصة.

ولابد من الذكر ان الأخوان بعد أن لجأوا إلى السعودية تولوا التعليم وإدارة المؤسسات الدعوية كرابطة «العالم الإٍسلامي» التي لها دور في مؤتمراتها ونشرياتها. وكذلك الندوة العالمية.. حيث كان للمؤلفات والكتب المؤلفة التأثير الواضح في تبني أفكار القطبية، وبدأ هناك خلاف بين فكر قطب والسلفية . حيث أن سيد قطب كفر المجتمعات الإسلامية والمسلمين بالجاهلية الكافرة فساوى بينها وبين البوذية والشيوعية ، مما جعل السلفية تشن حرباً على القطبية والآراء التي جاء بها سيد قطب بل هناك من اعتبر السلفية مخالفة لعقائد السلف من أهل السنة، وقد دافعت القطبية عن نفسها، حيث يتهم السلفيون القطبين بربطهم التوحيد كأساس عقيدي بتواجد الدولة([11]).

*       *        *

 كما أن هناك جماعة التكفير والهجرة والتي تسمي نفسها (جماعة المسلمين) والتي نشأت وتبلورت داخل السجون المصرية هي الأخرى كانت تكفر الدولة والناس فالتكفير صناعة مثلث الغرب والصهاينة وحلفاءهم العرب «أو الأعراب» وذلك واضح لخلق فتنة حيث أن التكفير فتنة، فهو يؤدي من أجل خلق الأضطرابات والفرقة والراغبين كما يقول كميل الطويل في كتابه «القاعدة وأخواتها».

هذه الصيحات تتعالى ثم تخفت، ولكن يبقى الفكر الذي يغذي هذه الصيحات وهو الفكر السلفي والوهابي الذي صممه وصنعه الغربيون. وهو فكر يقوم على الخرافات والترهات التي هي ليس من الدين وأنما فتش عنها أعداء الدين من الصهيونية والمخابرات الدولية لتربي عليها أفراداً ولكي يعلنوا شعاراً وكما يقال «كلمة حق يراد بها باطل». حتى أخطاء الذين عملوا السيئات التي قام بها بعض الصحابة ولم ينفذ بهم حكم الله ولم يخضعوا لحدود الله سبحانه أتخذها هؤلاء التكفيرون حجة لأعمالهم كعمل خالدين الوليد الذي قتل المجاهد الشهيد مالك بن نويره وهو ضيف عنده وأطعمه ثم دخل بزوجته رحمة الله، بعد قتله مباشرة وقد أعلنوها صريحة أنهم يقلدون ما قام به خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة الذي أمتنع عن أعطاء الزكاة، وللأسف أن الخليفة ابو بكر لم يقم عليه الحد فقد عمل خطيئتين في آن واحد قتل المجاهد الكبير مالك بن نويره (رحمه الله) وممارسته الزنا بزوجته التي في عصمة الشهيد أعلى الله مقامه. مما جرأ هذا العمل التكفيريين ليقولوا نحن نقطع الرؤوس كما عمل سيدنا خالد في قتل المرتدين تخويفاً للآخرين وتهديداً لهم والدخول بزوجته([12]).

 

على ماذا يستند التكفريون

إنّ التكفيريين جاءوا بكلمة حق يراد بها باطل ورفعوا شعار الحكام الطواغيت والظلمة والدكتاتوريين والعصاة والحاكمين بغير شرع الله وعملاء الأستكبار لذا فهم كفار يحكمون الأمة بالنار والحديد والقوة والأكراه وأن الأمة التي تطيعهم فهي مارقة يجب أن تعيد موقفها من الإسلام، ولابد من الجهاد وأدخال الأمة في الإسلام ومعاقبة الظلمة. ولما كانت الأمة كلها غير راضية على حكامها العملاء وعبيد الأستكبار والحاكمين بغير الشرع والقاتلين للمؤمنين فعلى الأمة أن تتطوع للجهاد.

الشعار: جميل.. كلمة حق.. لابد منه. وهو غلاف الهدف المطلوب والمحضر والمصنوع من قبل أمريكا الظالمة والصهيونية العالمية ودول الأستكبار العالمي. أن المخابرات الدولية الكبرى لها بالغ المشاركة والعلم من أجل القضاء على شعوب المنطقة وتجزأتها إلى دويلات. وولايات تم السيطرة عليها ، وحماية إسرائيل.

المحتوى: 1 - هدم الإسلام وتشويهه.

2- تقسيم الدول وتفرقتها وتمزيقها إلى أوصال ودويلات متناحرها وفق المذهب أو القومية أو العرق أو المصالح.

3- نشر العداوات ونشر الكراهية والتطرف بين الناس، واعمال القتل على الهوية.. وحتى داخل المذهب الواحد واعمال القتل وفق الجماعة والمنطقة.

4- تشويه الإسلام بشكل كامل وأظهاره بأنه مقررات متوحشة جاءت بالسيف والأكراه وأستعباد الناس بالخرافة والغلو والتسلط، وهي تعاليم خالية من أي صفة إنسانية.

5- أعلان العنف والقتل والإرهاب بين الناس وأبتداع مختلف وسائل القتل المتنوعة التي لا يتصورها الإنسان طبق تخطيط مسبق. كالقتل بقطع الرؤوس وأحراق الناس ووضع الناس بالأثقال ليغرقوا.. والرمي بالرصاص. والدفن أحياً . وأستعمال المقاصل .... الخ.

وهذا كله لبث الرعب والخوف.. وهي بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، فهم ينشرونها ويبثوها حية بدون حياء أو خجل. لأن الهدف هو هذا «الأرعاب» وهذا العمل لا يقتصر على محارب بل يشمل النساء والشيوخ والأطفال.

6- نهب أموال الناس وسرقة أملاكهم وتهجيرهم أو قتلهم بأعذار واهية لا معنى لها.

7- تخريب الحضارة العريقة وهدم الآثار وسرقتها وبيعها على الدول الأستكبارية بعد سرقتها من في العراق بلد الحضارات وسوريا صاحبة الحضارة العريقة ومصر.

8- هدم المكتبات وحرق الكتب العلمية والحضارية والعالمية بحجج واهية.

9- هدم اقتصاديات هذه البلدان والقضاء على البنى التحتية وأرجاع البلدان إلى العصور الوسطى.

10- أطلاق نداء التكفير لمختلف المذاهب والأديان وأعلانهم بأنهم هم أهل السنّة والجماعة وأن كثيراً من العلماء أنحرفوا عن الإسلام .

3 - التنفيذ: تنفيذ التكفيريين لأهدافهم بوسائل لا تنتمي إلى الإنسانية فضلاً عن الإسلام بأي علاقة أو وسيلة ولا تشمل هذه العملية إلاّ الدول الإسلامية بعيداً عن إسرائيل والدول الأستكبارية .. بل أن إسرائيل الملجأ المهم في الفرار اليها وتمويلها ومداواة الجرحى فيها. والتفجيرات هي الوسيلة المفيدة عندهم.

4- أختلاق اعداء وتبديلهم بإسرائيل عدو الأمة الاستراتيجي لشيعة وهم أتباع أهل البيت (عليهم السلام) والسنّة المتنورين بأعتبارهم مرتدين وحكمهم القتل.

5- اعتبار المسلمين من الشيعة والسنة المتنورين الذين لا ينقادون اليهم هم العدو وهم الأولى بالقتل وتطهير البلاد منهم.. أما إسرائيل فهي تأتي بالأخير.

6- التكفيريون وأعوانهم وحضائنهم من أصحاب الفتاوى وحملة المذهب الوهابي الذين أبتدعوا ما ليس في الدين مثل:

1 - جهاد النكاح.

2- التبرع للتكفيريين.

3- فتاوى لنصرة ما يسموهم بالمجاهدين أمثال العريفي المقيم في لندن. والقرضاوي المقيم في الدوحة، وأنصاف المتعلمين المنتشرون هنا وهناك ممن أفتوا خلاف تعاليم الإسلام.

 

التكفيريون دعاة الفتنة وناشرو الكراهية والتطرف

إنّ التكفيريين كيفما كانوا و حيثما وجدوا هم دعاة الفتنة وصانعو الكراهية وناشروها بين الأمة لايجاد الحقد والضغينة والعداوة بين أفراد المجتمع الواحد. وأن التطرف الذي يتبنوه ما هو إلا صناعة جاهزة ومدروسة من قبل اعداء الأمة ومحاربي الدين والأخلاق من الصهيونية العالمية التي ما فتأت ترسم الخطط لقتل الفضيلة ونشر الفساد على أختلافه لتحقيق مآربها الدينية وهي التي خلقت المسيحية الصهيونية التي قادها في أمريكا بوش الأب ومن بعده أبنه بوش لأن الإسلام بعيد عن الكراهية حتى مع أعدائه ولنا من سيرة الرسول (ص) العبرة والقدوة. ماذا فعل الرسول(ص) مع مشركي مكة حينما فتح مكة المكرمة؟ كيف سامحهم وقال لهم قولته المشهورة «أنتم الطلقاء» حتى مع من حاربه وتآمر عليه وبقي على شركه وكفره كأبي سفيان المسمى بأبن حرب . ماذا فعل الإمام علي (عليه السلام) مع الخوارج أو مع عبدالرحمن بن ملجم حينما ضربه صلوات الله عليه وهو ساجدٌ في الصلاة في بيت الله سبحانه؟! بعد أن أُلقي القبض عليه وقال لهم: لا تضربوه وأطعموه من أحسن ما تطعمون... الخ من أين جاءت هذه الصفات السيئة للإسلام. فلا كراهية ولا بغض في الإسلام.

أليس الخالق العظيم الرؤوف الرحيم هو القائل لنبيه  P فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ O هذه صفات الدين وأخلاقه.

لقد تآمر الغرب الذي شخص قوة المسلمين وعمد إلى هدم هذه القوة وتعرية المسلمين منها كي يكونوا لقمة سائغة لهم يسيطروا عليهم وينهبوا خيراتهم وثروتهم ، وتصريحات الغربيين دالة على ذلك فضلاً عن سلوكهم العدائي الحاقد. وأخلاقهم الحسودة وهيمنتهم القاتلة سواء في مجلس الأمن أو الأمم المتحدة نفسها، ولو نظرنا نظرة سريعة إلى أستعمال الولايات المتحدة الأمريكية «لحق» الفيتو. ولا أدري من أين جاءها هذا الحق. كم كان ضد المسلمين والإسلام وماذا تفعل القوات الأمريكية في المنطقة ومن تحرس؟؟؟

هذا التأمر الغربي المزيف بالديمقراطية وحقوق الإنسان هو الذي خلق داعش وجهزها بأحدث الأسلحة بجمع أكثر من (300) ألف مقاتل مبني على حرب الإسلام وتدمير حضارته ونهب الخيرات في منطقة الشرق الأوسط، حتى التدخل في عقائد الناس. من يقرأ داعش يراها بعيدة كل البعد عن الحقيقة وعن الإسلام بل هي صهيونية مخلوقة كخلق محمد بن عبدالوهاب وأمثاله.

وهنا يجب على العلماء أن يثبتوا بعملهم ويقوموا بواجبهم ويظهروا علمهم وإلا فإن عذاب الله تعالى واقع لا محال في الدنيا والآخرة فسكوت العالم جريمة كبرى تهدم ما فعله الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

الدين الإٍسلامي يتعارض والتكفيريين

ان القارئ لتعاليم ومفاهيم الإسلام فضلاً عن الذي ينظر من داخله يشاهد البون الشاسع بين أخلاق وتعاليم الإسلام وما جاء به السلفيون من خشونة وإرهاب وعنف وسوء أخلاق وتهديد وما إلى ذلك، وهو ما يتنافى مع أخلاق الإسلام وسماحته ورحمته البالغة. ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) المسمى بالرحمة المزجاة، وحتى الأخطاء التي وقعت في التأريخ لا يمكن اعتبارها مصدراً يعتمد عليه كما فعل خالد بن الوليد بقتله الظالم لمضيفه الشهيد مالك بن نويرة والتجاوز على زوجته الجميلة.. كما أستشهد في ذلك أحد الدواعش الأغبياء، وتغاضي الخليفة عن فعله الشنيع. إن الإسلام جاء بكل خلق حميد وحسن، وبكل فضيلة وبكل عفو ومحبة. إن الإسلام دين المحبة والحب وكما قيل: أليس الإسلام هو الحب؟ وهناك مسائل بارزة وبارزة جداً في الإسلام التي طمع فيها غير المسلمين وأعجبتهم وجعلتهم يسلمون ويكونوا أكبر الدافعين عن الإسلام نذكر بعضها.

1 - السماح: من ابرز خلق الإسلام هو التسامح وهو ما ذكر في القرآن الكريم والحديث الشريف وسلوك الصحابة، بل هو السلوك المتعارف عليه، حتى في المواقف الحرجة والصعبة جداً كما في مسألة القصاص في القرآن وأتباع العفو عن القاتل حيث ورد في الآية المباركة P كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ.... O (البقرة: 178).

من أجل أن يعيش المجتمع بعيداً عن الحقد والضغينة والعداوة لأنه دين يدعو إلى الحب والتعاون والمحبة.

وأما في قضية السيرة فقد شاهدنا عفو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكثير منها عفوه عن الشاعر كعب بن زهير بن أبي سلمى  وعفو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عن جنود معاوية. والسماح لهم بالتزود من الماء بعد أن كان بيد جيش معاوية ومنعوا جيش الإمام علي (عليه السلام) فأغار جيش الإمام علي(ع) وطردوا أصحاب معاوية واستولوا على الماء لكن لم يفعلوا كما فعل معاوية وأصحابه.

وموقف الحسين (عليه السلام) مع الحر بن يزيد الرياحي قائد الآلف مقاتل وهم جاء والمحاربة الحسين (عليه السلام) ونفد ماءهم فأسقاهم الإمام (عليه السلام) وسقى خيلهم وأضافهم . وقد تأثروا شديداً بسلوك الإمام الحسين (عليه السلام) لكن بعد أيام منعوا الإمام وأصحابه من التزود من ماء الفرات الذي سيطروا عليه بجمعهم الهائل. وهو ما يبرز أخلاق الإسلام الحقيقي المتمثل بالحسين (عليه السلام) وأخلاق أعداء الإسلام الذين يغاير سلوكهم اخلاق الإسلام السمحة.

2- من أهداف الإسلام الأخلاق الكريمة: فقد قال رسول الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» حتى جاء الحديث بعد إن التوكيدية وما الحصرية. ولفظ مكارم الأخلاق هي شاملة، فأين هؤلاء التكفريون من ذلك إن التكفيريين هم أجندة في الماضي وأجندة اليوم لأنها الوسيلة الكبرى لبث الفرقة والشحتاء ونشر الكراهية والتطرف بين أبناء الأمة الواحدة.

3- عدم الاكراه على الدين والآية محكمة لا تقبل التأويل P لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ Oوفي آية  Pلَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ Oوقوله تعالى لأهل الكتاب : P قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَO .

4- هل هم إلا نقطة التقاء المسلمين وها هي المسيرة السلمية الكبرى التي تنطلق أيام الأربعيين للإمام الحسين (ع) من مناطق مختلفة داخل الحدود العراقية وخارجها تصور أروع تلاحم ديني وعقائدي بل انساني تجمع الديانات الإلهية من أهل الكتاب وتؤثر بشكلها وتنظيمها الحيوي ومسيرتها المتعاطفة مع كل من أحب الحسين أليس محقاً الأستاذ الدكتور «عُلوي آمين المصري» في حديث له من قناة العالم الفضائية وهو يتحدث عن الإمام الحسين وثورته قائلاً «إن الحسين وسيلة المواجهة للتكفير وأنه يمثل جده المصطفى ورسالته ودعوته ثم يقول الحسين منا ونحن من الحسين. لا يمكننا الابتعاد عنه (عليه لسلام) ويؤكد «الحسين مّنا ونحن من الحسين(ع)» الحسين وثورته حركة ضد الطغيان وأهله.

 

المبحث الثالث: صناعة القدوة وأثرها

الإمام الحسين نقطة التقاء الأمة

لم تكن ثورة الحسين (عليه السلام) مرتبطة بغير الله وطاعته وأمره وأرادته فقد ثار الحسين (عليه السلام) من أجل الحق والحرية والأستقلال والتحرر والسيادة والعبودية لله تعالى، وكيف لا ورسول الله الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها أمِنَ ونجى ومن تركها غرق وهوى» ثم يقول في مورد آخر «الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة» فثورة الإمام الحسين (عليه السلام) مادة بحث ودرس وتدريس.. ينبغي تدريسها في الجامعات على الأقل في الجامعات الأهلية غير الخاضعة لسيطرة المستكبرين وعملائهم وأن مانع الحكام الطواغيت وكتابة الرسائل الجامعية وتحليل اهداف هذه الثورة والنهضة الحسينية المحمدية حيث قيل «أن الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء».

كيف تصنع القدوة.. القدوة هي التي أنتهجت منهجاً نجح في المجتمع وكان الهياً وهل هناك نظرية سياسية واجتماعية وتربوية أفضل من ثورة الإمام الحسين.. ماذا كتب غير المسلمين عن الحسين وثورته، ماذا في كتاب «الحسين في المسيحية» ماذا تحدث القسسة عن هذه الثورة وماذا تمنوا أن يكون لهم حسين أماماً وقائداً لينصبوا له في كل زاوية مجلساً، من لم يتأثر بهذه الثورة؟ لماذا المسلمون بعيدون عنها (طبعاً اكثرهم) يقول الشيخ الأزهري المعاصر «الدكتور علوي أمين المصري» أن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الوسيلة الناجحة لمواجهة التكفير. لم يكن الحسين إلاّ نداء جده المصطفى لعموم المسلمين بل للإنسانية جمعاء. ويضيف الدكتور عُلوي أمين «لم تتأثر حركة أحياء واقعة كربلاء وثورة الحسين بالأحداث المحيطة» نعم لم تتأثر لأنها فوق كل ذلك إذن لو نظرنا نظرة سريعة إلى المسيرة السلمية الكبرى التي تعتبر أكبر وأعظم مسيرة سلمية في العالم تجمعت دون اعلان ولا دعوة سوى ثورة الحسين(ع) وثورة الحسين (عليه السلام) من كل الأجناس والأديان لتصل أكثر من عشرين مليون يمشون رجالاً من كل فج عميق.

إذن لماذا لا يعمل إلى جعل الحسين (عليه السلام) هو القدوة والعمل والنهوض بثورته وجعلها المنار والمسير لأعمالنا؟؟

أنني من هذا المنبر أُنادي أن يكون الحسين وثورته الوسيلة المناهضة للتكفير والمحاربة له والزارقة في بدن الأمة القوة والتحدي والوحدة بعيداً عن التعصب والأنحياز والأقصاء فهي القوة التي لا تقهر في سبيل الحق، ومحاربة التكفير المستورد والخارجي.

إن الحديث عن القدوة يحتاج إلى بحث للتوافق وأنا أقترح الإمام الحسين (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة وحامل رسالة جده المصطفى  (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القدوة ليلتف حوله المسلمون جميعاً.. P قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ O (يوسف: 108).

 

الأعلام وسيلة مؤثرة

وأخيراً وليس آخراً فإن الإعلام له بالغ التأثير والأثر في المجتمع. ولابد أن يكون بيد المجاهدين من العلماء والمصلحين الخارجين عن دائرة التكفير ودعاته... فللاعلام الأثر البالغ كما فَعّله الأمويين في تكفير الإمام علي(عليه السلام) حتى ظهر لدى الشاميين أيام معاوية أن علي بن أبي طالب (ع) لا يصلي. وبقي يذكر الإمام علي سلبياً مدة 160 سنة حتى ولاية العهد للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أيام المأمون العباسي.

فأعلام الدولتين الأموية والعباسية كان سالباً ضد الإسلام الواقعي والحقيقي.

لذا لابد من خطة متقنة ودقيقة لوثيقة الاعلام المسموع والمقروء والمشاهد في التلفاز والراديو والصحيفة والأنترنيت وغير ذلك.



[1]  - ورد هذا الحديث في كتب أهل السنة ككتاب فتح الباري ج 1، ص 119، وأيضاً في كتب الشيعة.

[2]  - بحوث في علم الأصول ، ج 2، ص 83.

[3]  - جامع أحاديث الشيعة الباب الثامن من أبواب المقدمات، الحديث 28.

[4]  - المصدر السابق بنفسه الحديث (30).

[5]  - المصدر السابق حديث 33.

[6]  - المصدر السابق الحديث 45.

[7]  - يراجع: كتاب فرق أهل السنة، صالح الورداني ، ص 203 وكتاب خطاب الأخوان المخيف، وجدي زين الدين.

[8]  - حقيقة التوحيد، محمد حسان ، ص 14.

[9]  - مخاطر أحياء الفكر القطبي من جديد - محمود عامر.

[10]  - تأثير أفكار سيد قطب على الجزيرة العربية، مثابر اسامة شحادة.

[11]  - فرق أهل السنة مصدر سابق وحقيقة التوحيد محمد حسان ، ص 14.

[12]  - هذا الحديث أنا سمعته مباشرة من أحد أعضاء داعش وهو يوجه أعمالهم في القتل والزنا.