الوحدة الإسلامية ضرورة حتمية لمواجهة التكفير والإرهاب

الوحدة الإسلامية ضرورة حتمية لمواجهة التكفير والإرهاب

 

الوحدة الإسلامية ضرورة حتمية لمواجهة التكفير والإرهاب


بقلم المستشار توفيق علي وهبة

 

     ان شبابنا الحائر بين الدين وماديات هذا العصر، واللاهث وراء حضارات الآخرين في حاجة إلى أن يتعرف على عظماء أمته، وأهل الهدى والتقوى والصلاح من آل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم , لكي يقتدي ويتأسي بهم, ويسير علي هداهم .(أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده ) ( الانعام –آية90 )

 إن جهات شتى، وأجهزة معادية تحاول أن تقتلع شباب أمتنا من جذوره، وأن تبعده عن دينه، وأن تُزين له كل سبل الانحراف الفكري والعقائدي بشتى الطرق، وأهمها الآن وأخطرها القنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية التي توجّه إلى عقول الشباب المسلم لتشككه في دينه، وتشكله حسب خططها وأهدافها. وتبعده عن الطريق المستقيم وتأخذه إلى غير طريق المؤمنين.

 فمنهم من يسلك طريق الارهاب والعنف , ومنهم من يسلك طريق التشدد والتكفير, وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا و أن ذلك من صحيح الدين , وهو ليس كذلك .فالارهاب والتعصب ليس من الدين , يقول الامام الشافعي رضي الله عنه : ( لايتعصب الا جاهل ).

 كما أن زعماء الجماعات المتشددة يبثون في عقول الشباب العنف والتعصب والكراهية لكل من هم ليسو علي شاكلتهم أو يختلف معهم في الرأي والفكر ويدفعونهم الي القتل والتدمير واتلاف الممتلكات والمنشآت وكأنهم يحاربون أعداء الدين والوطن .فالشباب محاصر داخليا وخارجيا وفي حاجة الي من ينقذه ويأخذ بيده الي طريق الرشاد .

 إن واجب علماء الأمة، أن ينتشلوا هؤلاء الحيارى، وأن يعيدوهم إلى جادة الصواب وإلى طريق الهدى والرشاد، طريق الله المستقيم.

 وأن يبعدوهم عن طريق الانحراف الذي يؤدي إلى العنف وسفك الدماء وتدمير المنشآت وسلب ممتلكات الآخرين. ونشر الخوف والرعب بين الناس، فعصابات الإرهاب تضرب في كل مكان وتقتل الأبرياء سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين.

 إن الخواء الفكري والعقيدي هو المدخل الذي يفتح الباب أمام قادة الإرهاب لكي يسيطروا على عقول الشباب، ويبثوا فيهم أفكارًا منحرفة، متعصبة، حاقدة على قيم الدين وقيم المجتمع.

 إن الإرهاب لا وطن له، ولا دين له، هو يتخذ من الدين وسيلة وستارًا ليصل إلى غرضه، فقتل الأبرياء وترويع الآمنين من مسلمين وغير مسلمين ليس من الإسلام في شيء، والإسلام يحرمه ويجرمه، ويضع العقاب الصارم لمن يقوم به، إنه إفساد في الأرض، ومحاربة لله ولرسوله ولدينه: قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم}[المائدة:33].

 لقد جعل الله عملهم هذا محاربة لله ولرسوله، سواء قتلوا مسلمين أو غير مسلمين، وروعوا الآمنين من أي ملة ومن أي دين، أو ممن لا يدينون بدين.

 إن هذا الإرهاب الذي يحدث في بلادنا بل وفي العالم الآن و يلصقه البعض بالإسلام زورًا وبهتانا, وهو ليس كذلك . فالإرهاب ليس خاصًا بالمسلمين الذين انحرفوا عن دعوة الحق فقط، بل هو شامل، يستغله بعض مدعي التدين وبعض من لا دين له ولا مذهب.

 فالمسلم الذي يقوم بارتكاب الحوادث الإرهابية لا يفقه من دينه إلا القشور، لأن الإسلام يحرم الإرهاب ويحرم القتل . قال تعالي : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدافيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )،( سورة النساء 92 ) وهو يحل ما حرم الله. والمسيحي الذي يرتكب مثل هذه الأفعال يخرج عن تعاليم المسيح عليه السلام السمحة الذي دعا إلى التسامح والمحبة والسلام.

 وأتباع العقائد الوضعية يخرجون عن قواعد معتقداتهم، فلا يوجد دين سماوي ولا عقائد وضعية تحل الإرهاب أو تشجع عليه تحت أي مسمى. فالأديان تنكره وتحرمه، والمجتمعات المعاصرة تعاديه وتقاومه، إنه خروج بالنفس البشرية عن طبيعتها وما جبلت عليه من خير. فيجب أن نقاوم هؤلاء بكل السبل، وأن ننير لهم الطريق.

 فواجب على علماء الأمة ومؤسسات الدعوة ورجال التربية والتعليم فيها أن ينتشلوا الشباب من هذه الهوة، وأن يصححوا المفاهيم المغلوطة لديهم، وأن يبصروهم بخطورة الأفكار المنحرفة، سواء أكانت انحرافات عقائدية أو أفكارًا هدّامة، يبثها فيهم دعاة الفتنة والإرهاب.

 ومن وسائل الدعوة تقديم القدوة الصالحة, والأسوة الحسنة .

 وخير قدوة لنا اليوم في هذا الوقت وفي كل وقت هو رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه و علي آله الأطهار وصحبه الميامين ومن تبعه الي يوم الدين , قال تعالي : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا .)(سورة الأحزاب –آية 21)

 لم يدع صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم الي التعصب ولا الي الارهاب وانما دعا الي الرحمة والي العدل والي حسن المعاملة وحسن الخلق ,وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلقه عليه السلام قالت : ( كان خلقه القرآن )

 فعلينا أن نسير علي هديه ونسلك طريقه حتي نصل بأنفسنا وبأمتنا الي بر الأمان

 التمسك بدين الله سبيل نهضة الأمة وصلاح المجتمع

   أمر الله تعالى عباده بالتعاون و التضافر و التآخى فيما بينهم كجسد واحد مصداقا لقول الله تعالى  " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا "(آل عمران:103)  ثم قوله صلي الله عليه و سلم  "مثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ  كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" و هى دعوة صريحة  للوحدة بين المسلمين ,وأن نتبرأ من أهل النزاع والشقاق، ونبتعد عن التفرق,فقد  نفر منه ديننا الحنيف,  فقال تعالى : " وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (آل عمران:105

     كما تبرأ ديننا الإسلامى من أهل النزاع والشقاق فقال تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" (الأنعام:159) ، وأخبر أن المسلمين جميعًا أمة واحدة لا تفرقهم الأنساب ولا الأعراق فقال:" إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"(الأنبياء:92), وأمرنا الله بالتعاون على فعل الخير, فقال تعالى:" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "( المائدة: 2( ..

         كما ورد فى السنة المطهرة.  

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ: «أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ،  وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ، أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ» الترمذي/ حسن

     وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ كمثل الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه مسلم. وعَنْ أَبِي مُوسَى- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»  رواه مسلم.

      هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه,فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا»  رواه البخاري.

       قوله: (مثل القائم على حدود الله تعالى) أي: المستقيم على ما منع الله تعالى من مجاوزتها، ويقال: القائم بأمر الله معناه: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
والواقع فيها) أي: في الحدود، أي: التارك للمعروف المرتكب للمنكر.
يتبين لنا من الحديث: أنه إذا أقيمت الحدود وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر تحصل النجاة للكل وإلا هلك العاصي بالمعصية وغيرهم بترك الإقامة.

       هذا ..و أسباب الوحدة بين  المسلمين قائمة و كثيره فنحن أمة تعبد ربًا واحدًا و تعتمد منهجًا واحدًا هو القرآ ن و تهتدى برسالة واحدة هي رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم, وتتجه إلى قبلة واحدة

       هذا.. و يتولد عن فرقة المسلمين مآسى و آثارا سلبية عديدة منها  احتلال بلاد المسلمين وإذلال شعوبهم , وضياع الأقليات الإسلامية فى أطراف العالم الإسلامي
و التجرؤ على عقائد المسلمين ومقدساتهم ,وقيام الفتن الداخلية بين المسلمين وإراقة دماء المسلمين بأيدي المسلمين.,إضافة إلى ظهور تناقض و تباعد بين الغنى الفاحش والفقر المدقع فى بلادنا الإسلامية. 

..و ينتج عن كل ذلك  ضياع الهيبة وسقوط المكانة  السامية للأمة الإسلامية، كما حذر الله تعالى :"... وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم.... "(لأنفال: من الآية46),

    وعن ثَوْبَانَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:«بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» سنن أبي داود ,

    هذا ... و قد أكرم الله أمة الإسلام و سهل أمر المسلمين حين دعاهم إلى الوحدة و الإتحاد فيما بينهم خاصة و أن دعائم و عوامل الوحدة و الإتحاد متوفرة و ميسورة فيما بينهم , و أن عليهم فى سبيل بناء دولة عزيزة الأركان قوية البنيان أن يقوم حكامهم بالعمل على  إعادة بناء الأسرة المسلمة باعتبارها اللبنة الأولى لمجتمع متماسك , وإحياء مبدأ الأخوة الإسلامية العامة إزالة أسباب التقاطع والتباغض بين الأفراد والجماعاتإصلاح ذات البين ورد كل تنازع إلى حكم الله ورسوله دفن العصبيات القبلية والوطنية والقومية إخلاص الولاء لله وحده وتقديمه على الجماعة أو المذهب أو الطائفة  إعلاء قيمة التكافل الإسلامي ترسيخ مبدأ الحب والتراحم بين المسلمين. 

التحذير من التهاون بتكفير المسلم وتفسيقه وتبديعه,والدعاء والتضرع لله الواحد القهار لأن يجمع ويوحد بين المسلمين ..

    كما ينبغى على ولاة آمر المسلمين العمل على تفعيل التعاون والتكامل بين أبناء هذا الوطن الإسلامي, خاصة و أن حدود الوطنية في الإسلام ليست بالحدود الجغرافية ولكنها بالعقيدة, فكل بقعة فيها مسلم يقول:( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) داخل وطن له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص  له والجهاد في سبيل خيره,

             وكل  المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا نهتم بهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم. وللوصول إلى هذا التكامل نوصي بالعمل على الآخذ بعين الاعتبار باتباع الخطوات التالية :

أ – التعاون مع كل القوى الوطنية في العمل الوطني المشترك.
ب- التوسع في التعاون الاقتصادي والتعليمي وغير ذلك بين الدول الإسلامية.
ج- السوق الإسلامية المشتركة.

د – توحيد العملة بين الدول العربية والإسلامية. 

التكفير والارهاب ليسا من الاسلام

         ثم نتجه بالحديث عن ما تعانى منه أمتنا الإسلامية من انتشار التكفير والإرهاب الأسود الذى يخافه الجميع , ونبدأحديثنا بالإجابة عن السؤال : ما معنى الإرهاب؟

" الإرهاب " مصدر ، أرهبَ ، يُرْهِب ، إرهاباً ، وهي لفظة تعني: التخويف، وهي في ذاتها ليست محمودة، ولا مذمومة، إلا أن يُعلم معناها عند قائلها، وإلا أن ينظر في آثارها، ومن قال إن الإرهاب في الإسلام هو رديف القتل: فهو مخطئ؛ لأن اللفظة لا تساعد على هذا المعنى، فالإرهاب هو التخويف وليس القتل، وقد أمرَنا ربنا تعالى أن نَرْهَبه، أي: نَخافه، كما في قوله تعالى:" وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " (البقرة:40)، كما أمرنا بالاستعداد للعدو الذي يتوقع منه الكيد والحرب، وهذا الاستعداد هو لإرهابه حتى لا نكون لقمة سائغة له، وقد جاء ذلك موضحاً في قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ " (الأنفال: 60 .( 

      وقد عرَّف آخرون الإرهاب بأنه: " العدوان الذي يمارسه أفراد، أو جماعات، أو دول، بغيًا على الإنسان( دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه )، ويشمل صنوف التخويف، والأذى، والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف، أو التهديد، يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي، فردي، أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم، أو حريتهم، أو أمنهم ، أو أحوالهم، للخطر، ومن صنوفه: إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق، والأملاك العامة، أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية ، للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض، التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله:" وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ "( القصص: 77) .

هذا .. والإرهاب في الإسلام نوعان:

1- محمود: وهو تخويف العدو خشية اعتدائه على المسلمين، واحتلال ديارهم، ويكون ذلك بالاستعداد الكامل بالتسلح بالإيمان، والوحدة، والسلاح، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" ( الأنفال: 60( 

    والإسلام ليس بدعاً في هذا الأمر، فها هي الدول تتسابق في الصناعات العسكرية، وفي التسلح بالأسلحة التدميرية، وبإنشاء الجيوش الجرارة، وبعمل الاستعراضات العسكرية لجنودها وأسلحتها، وكل ذلك من أجل إظهار قوتها؛ لإخافة جيرانها، وأعدائها.

2- مذموم: وهو تخويف من لا يستحق التخويف، من المسلمين، ومن غيرهم من أصحاب الدماء المعصومة، كالمعاهدين، والمستأمنين، وأهل الذمة, وينشأ هذا الارهاب عادة بسبب الجهل بأحكام الاسلام وقواعده  الضرورية,
و من المعلوم أن الشريعة الإسلامية بعناصرها المختلفة تدعو إلى الحفاظ على الدماء والأموال والأعراض: 

فَعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» مسلم.
     وتشريعات الإسلام الربانية فيها ما يحافظ على عرض المسلم، ودمه، وماله، ومن أجل ذلك كان تحريم القتل، والسرقة، والزنا، والقذف، وجعلت الحدود المغلظة على من ارتكب تلك المحرمات، وقد يصل الأمر للقتل – كالزاني المحصن – حفاظًا على أعراض الناس. فقد ورد فى الحديث الشريف قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل المسلم على المسلم حرام , دمه و ماله و عرضه "  "رواه ابو هريره .

     فقد جاءت العقوبة فى الشريعة الإسلامية مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم، مثل عصابات قطَّاع الطرق، ومن يفعل مثل فعلهم داخل المدينة، وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فسادًا ، وقد حكم الله عليهم بأشد العقوبات كفّاً لشرهم، وحفظاً لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم، قال تعالى:" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " سورة المائدة- آيه 33 .

       وأبلغ من ذلك: أن الإسلام حرَّم على المسلم إخافة أخيه، ولو مازحًا، فعن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ »رواه الترمذي/ حسن.

      وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟، فَقَالُوا: لا، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا » رواه أحمد.

     و من هنا تحرص الشريعة الإسلامية على إرساء دعائم و أسس راسخة للتعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين بمقتضاها يتعايش المسلمون مع غير المسلمين فوق أرض الوحدة، وتحت سماء واحدة، وفي مجتمع واحد, وكانت هذه الأصول متمثلة في البر والعدل حيث قال الله تعالي:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}( الحشر: 8),

     وجعل الإسلام التعايش الاجتماعي بين المسلمين وغير المسلمين قائماً علي المعاملة الحسنة، فعند الحوار أو الجدال لابد أن يكون الجدال بالتي هي أحسن حتي تظل جسور التواصل والتعاون قائمة فقال الله تعالي: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"( العنكبوت: 46)

     وعَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» الترمذي/ صحيح.,    

     وبهذا التوجيه الإسلامي العظيم، وعلي هذا النحو من الدعوة إلي التعايش الاجتماعي للمسلمين مع غير المسلمين أكد الإسلام عبر عصور التاريخ علي عالمية دعوته، وسماحة عقيدته. كما يحرص الإسلام على احترام سائر الأديان السماوية, فمن عناصر الإيمان: الإيمان بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، قال الله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة285(..

      هذا..كما تؤكد نصوص الشريعة الإسلامية دائمًا على أن علاج التعصب والعنف هو التفقه فى الدين بتدبر كتاب الله وسنة نبيه، وأن نفسح المجال للخلاف في الرأي بعد الاتفاق على الثوابت ونتحاور فى المختلف فيه بروح الود والأخوة والإيمان بالله عزوجل للوصول إلى ما نراه حقًا, فالإسلام يسع الجميع إذا كانت هناك نية لمعرفة الحقيقة, وهؤلاء الذين يرهبون الناس على غير حق فهؤلاء الذى عناهم القرآن فى قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة:33) لأنهم يعتدون على النساء والأطفال والشيوخ  الذين ليس لهم يد فيما يتهمونهم به ,                                                                                                        

الإسلام لم يأت لسعادة أمة فقط بل لسعادة العالم أجمع .. جاء على التفاهم بين القلوب والأرواح: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(الحجرات : 13 ) , والإسلام لا يعكر صفو العلاقات السياسية  والاقتصادية وغيرها بين المسلمين وبين غيرهم  فيما لا يخالف نصًا من القرآن أوالسنة, فالإسلام هو الذي ينادى  بالمحافظة على المعاهدات والاتفاقيات وأداء الالتزامات:"  وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا "( سورة الإسراء - آية 34.
       وهناك نوع ثالث من الارهاب بالغ الخطورة سئ الأثر

هو مايطلق عليه الإرهاب المعولم وذلك لتجاوزه الأطر المحلية فى النشأة والإمكانات والمستهدفات والحركة ، ويتصف بوقوف قوى كونية كبرى وأجهزة استخبارات عالية ودويلات إقليمية عالمية ، ودول ودويلات إقليمية غنية من خلفه ، تمده بالدعم الاستخباراتى والسياسى واللوجستى وذلك بهدف تحقيق غايات وأهداف وأغراض توفر مكاسب أستراتيجية هائلة. وعوائد مادية ضخمة لهذه الجهات ، حتى وإن كانت الذرائع المباشرة مجرد اهداف ذات صبغة محلية ..

        والإرهاب القائم فى مصر الآن وفى العالم العربى بصفة عامة يحمل شكلآ ولونآ دينيآ بغيضآ ترجع دوافعه المباشرة الى رغبة الجماعات الإرهابية فى الإنتقام من ثورة الشعب المصرى يوم 30 يونيو ، إلا أنه فى الأول والأخير لايعدو أن يكون جزءآ من خطة كبيرة هدفها – مثلما أصبح معلومآ للكافة تفتيت بلدان المنطقة ، وتدمير دولها الوطنية ، وفرض الإرادة الصهيونية عليها .

       ولعل أهم الدروس من هذا التزامن فى الفعل الإجرامى ، والذى دفع العالم الى أعلان حالة الطوارئ بدءآ من الولايات المتحدة مرورآ بأسبانيا وانجلترا ، وغيرها من الدول الأخرى ، وهو أن وحش الإرهاب لابد وأن يعقر ويفترس مربيه مهما طال الزمن ، أو تصور البعض واهمآ أو متغابيآ ، أو متعاميآ  أنه بتمويله ورعايته للإرهاب سوف ينأى عن عضات أنيابه المسمومة ، ويتجنب لذعاته القاتلة . لكن هذه الحقيقة الواصحة وضوح الشمس لا تعنى أن الإرهاب محض ظاهرة مستوردة أو خارجية أو مجلوبة من أطراف أخرى حاقدة ، أو لها مصالح وأغراض معادية وشريرة وحسب ! فهذا العنصر  موجود بالضرورة لكنه ليس كل مايفسر هذه الظاهرة ، ويدلنا على مفاتيح حل إشكاليتها ، ومداخل مواجهة تهديداتها . فالأصح فى المنشأ ، أن للإرهاب دوافع داخلية عميقة فى التربة المحلية العربية والمصرية على سبيل المثال ، هيأت الأرضية لاستقبال المؤثرات الخارجية ، أو حتى استدعتها ، ومن الضرورى أن نعرف الدواعى الأساسية الكامنة فى البيئة المحلية ، التى احتضنت هذه الظاهرة ورعتها ووفرت لها المناخ المواتى للتوالد والتكاثر والانتشار والتأثير ! إذ دون هذا الشرط لن يكون  بإمكننا أن نحاصر تهديدات هذه الظاهرة الدموية الخطيرة أو نتقي شر هذه الرياح الموسمية.

      إذن يجب علينا كأمة إسلامية أن نتصدى و بقوة لهذا الطوفان الأسود عملاً بقول الله سبحانه و تعالى :" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ  وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"سوره الأنفال- آيه- 60

       فقد استباحوا أراضينا و مقدساتنا بل و استباحوا في بعض دولنا الأعراض و الأنفس , إستباحوها بظلم و كره و حقد و إقبال على سفك الدم .

        إستباحتها الجماعات الإرهابية التي تكره كل ما هو حضاري ، ولا تتعامل مع الآخر إلا من كونه كافر مختلف ليس له حق في الحياة، أو ليس له حق في الجنة المزعومة ، فالجنة حكر على هذا الكيان الذي يراها جائزة للكراهية.. جائزة للأكاذيب

        و هناك ظاهرة رصدها علماء النفس والإجتماع الذين تعمقوا في دراسة ظاهرة الإرهاب فقد لاحظوا أن أكثر الملتحقين بالجماعات و المنظمات الإرهابية هم من الكليات العملية ، ربما نتيجة لتعطشهم لمعرفة تعاليم الدين الإسلامي الحنيف لجهلهم بالأحكام والتعاليم الصحيحة لدينهم الاسلامي الحنيف مما يسهل علي الجماعات الارهابية تجبيد هؤلاء الشباب بادعاء الجهاد وزرع الحقد والضغينة في قلوبهم ضد الآخرين ومحاربة الملحدين والكفار .ولتستخدمهم تلك الجماعات الارهابية في تصنيع الأسلحة والمتفجرات .

        مما يجعلهم فى نهاية المطاف فريسة سهلة لتلك الجماعات المتطرفة التى تتبنى الفكر الإرهابى الوهابى التكفيرى .. الفكر الداعشى .. الذى يزرع فى عقولهم ماتريده تلك الكيانات الكاذبة من فكر إرهابى وعنف يلبى رغبتهم فى الإرهاب والقتل والتدمير والتخريب ضد الآخر . كما تبين ذلك من الدراسات التى تمت حول ظاهرة الإرهاب إلى أن تلك الجماعات الإرهابية من الصعوبات فى مواجهتها ، أنها تلجأ فى عملها والتنسيق بينها إلى الإبتعاد عن التقنيات الحديثة فى الاتصال بينها وبين أفرادها أو فى تنفيذ عملياتها الإجرامية المغرضة ، والاكتفاء بالأوامر الشفهية والطرق البدائية فيما بينهم ، رغم استخدامهم أحدث الأسلحة وطرق التفجير للأهداف التى يقصدونها فى الدول التى يظهر فيها سرطان الإرهاب وكيانه القبيح .

            كما تبين أن العديد من هذه الكيانات والخلايا الإرهابية كالقاعدة وبيت المقدس وداعش ، وغيرها من الكيانات التى تظهر كسرطان مميت فى جسد أغلب الدول العربية  التى مولتها وصنعت بدايتها أمريكا ذاتها تتبنى الفكر الإرهابى الذى يتخذ القتل بلا مودة و لا رحمه وسيلة  لبناء الإمارات الإسلامية الحديثة أو بتعبيرهم دولة الخلافة الإسلامية كما يدعون .

       و تناسى هؤلاء الحاقدون الحاسدون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أقام الدولة’ الإسلامية , بالكلمة الطيبة و الدعوى بالحسنى مصداقا  لقوله تعالى : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " سورة النحل – آية 125

        فالدين الإسلامى يدعو إلى التسامح و نبذ العنف و الكراهية ,بينما زعماء الإرهاب يتعاملون مع الآخر بعين الغرور , عين واحده لا تخلو من كراهية و تعالى و غرور , عين لا ترى إلا كل ما هو قبيح , بينما عين المسلم الحقيقى هى عين محبة للحياة ,للحب للتسامح , عين المحب المتسامح , المحب لإقصاء الكراهية بالحب , عين ترى أن الكراهية و الإرهاب مهما كان كيانه ,سيظل مجرد كيان هش ,كيان من الأكاذيب و الأباطيل و الضلال المبين .

     فى البدء كانت الفكرة .. و فى النهاية ستظل الأفكار ..و الأفكار لا تجادلها إلا أفكار مثلها , حتى لو بدت قويه ,  حتى لو بدت عنيفة منظمة .. جماعات البغض الداعشية حتى لو باتت مهددة للإنسانية ذاتها و لحضارتها الإنسانية و لحضارتها الإنسانية و الفنية .. غير أن لكل كيان نهاية .. ولكل جسد لابد من موات .. و الموت للإرهاب ليس فقط بمحاربته كما يظن البعض , أو بالقتل و التفجير , و لا حتى بالمخابراتيه و أجهزتها التى تمتلك عين حوراء متلصصه, كيان الإرهاب مهما كبر لا يقاوم إلا بالأفكار فالكيانات الكاذبة مهما طالت حياتها .. تبقى فى النهاية مجرد كيانات كاذبة,فهناك تكفير إرهابى يهاجم العقل و الفكر و العقيدة .إرهاب يحرم ما أحل الله و رسوله .إرهاب يتطاول فيه الأقزام من التكفيريين الآثمين الخارجين على شرائع الله و عقائده السمحة , شرائع الإسلام الحنيف , شرائع الأمة الإسلامية التى أعزها الله و رفع قدرها بين الأمم فقال عز من قائل : } كنتم خير أمه   كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }

" سوره آل عمران- الآيه 110"

إنه الإرهاب الذى يذهب أصحابه الظالمين الحاقدين المعتدين على عقيدتنا الإسلامية السمحة إلى القول بتكفير بعض المذاهب والفرق الاسلامية ,و الإسلام منهم و من جهلهم و من حقدهم براء ..

حكم التكفير في السنة النبوية وأقوال المراجع والأئمة

  أولا : في السنة النبوية الشريفة :

1 – قال صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم : (من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما ) . رواه الامام مالك

2-وقال : ( من صلي صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته ). رواه البخاري

3- وقال عليه السلام : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ) . رواه البخاري

4- وفي الحديث : ( لايؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) . رواه البخاري

5- وفي حديث للنبي صلي الله عليه آله وصحبه وسلم :( يأتي المقتول يوم القيامة ماسكا بتلابيب قاتله ويجره تحت العرش ويقول : يا رب هذا ظلمني ) . رواه الترمذي

     هل رأي هؤلاء المكفرون الظالمون فداحة ما يرتكبونه من جرائم وما ينتظرهم من عذاب أليم

     ألا يعلمون أن حرمة النفس عند الله أعظم من حرمة الكعبة .

ثانيا : رأي مراجع الشيعة :

1-      آية الله السيد علي خامئني المرجع الديني وقائد الثورة الاسلامية :

قال : ان الفرق الاسلامية بأسرها تعتبر جزءا من الأمة الاسلامية وتتمتع بالامتيازات , وايجاد الفرقة بين الطوائف الاسلامية تعد خلافا لتعاليم القرآن الكريم وسنة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله , كما يؤدي الي اضعاف المسلمين واعطاء الذريعة بأيدي أعداء الاسلام , ولذلك لايجوز هذا الأمر أبدا .

  وحول الاساءة لمقدسات المسلمين وزوجات النبي أفتي سماحته بما يلي : يحرم النيل من رموز اخواننا السنة فضلا عن اتهام زوجة النبي صلي الله عليه وآله بما يخل بشرفها بل هذا الأمر ممتنع علي نساء الأنبياء ولاسيما سيدهم الرسول الأعظم .

     وقال في ندائه لحجاج بيت الله الحرام : وانني أعلن مرة أخري كالكثير من علماء المسلمين الذين يحملون هموم الأمة المسلمة أن كل قول أو فعل يؤدي الي اثارة نار الاختلاف بين المسلمين , وكل اساءة لمقدسات أي من الفصائل الاسلامية أو تكفير المذاهب الاسلامية هو خدمة لمعسكر الكفر والشرك , وخيانة للاسلام وحرام شرعا

    وقال في احدي كلماته : والله ان الذين يزرعون البغض  والحقدعلي أهل السنة في نفوس الشيعة , والذين يزرعون البغض والحقد علي الشيعة في نفوس أهل السنة هم ليسو  بشيعة ولا سنة , وانهم لايحبون الشيعة ولا يحبون السنة بل هم أعداءللاسلام .وقال : ان فعل الفئتين حرام شرعا ومخالف للقانون

2-      أفتي أكثر من خمسة وعشرين مرجعا من كبار مراجع الشيعة بحرمة تكفير المسلمين والاساءة الي مقدسات الأمة الاسلامية . منهم :

-          آية الله العظمي الشيخ حسين وحيد الخراساني

-          آية الله العظمي الشيخ عبدالله الجوادي العاملي

-          آية الله السيد محمد الحسيني الشاهرودي

-          آية الله العظمي السيد محمد سعد الحكيم

-          آية الله العظمي الشيخ جعفر السبحاني

-          آية الله العظمي السيد موسي الشبيري الزنجاني

-          آية الله العظمي الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني

-          -آية الله العظمي السيد محمد علي العلوي الحسيني الجرجاني

-    وغيرهم كثير , كلهم يحرمون تكفير المسلم والارهاب والاعتداء علي مصالح الدولة العليا وعلي ممتلكات العامة من المسلمين وغير المسلمين .

ثالثا : رأي مراجع أهل السنة :

قال الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر :تكفير الشيعة مرفوض وسوف أصلي خلفهم في النجف الأشرف .وقال الشيخ الطيب : اننا لم نعد عربا بثقافة عربية ولا مسلمين بثقافة اسلامية خاصة أن بعض الأفكار التافهة تتخطفنا . ولفت فضيلته الي  أن هناك تخطيط لفتنة  يراد لها أن تنبعث اليوم في بلاد أهل الاسلام في وقت نحتاج فيه الي وحدة الأمة الاسلامية لكل دولها , ورفض الشيخ الطيب أن يكون هناك فضائيات تحكم بكفر المسلمين الشيعة وقال : هذا غير مقبول ولا نجد له مبررا من كتاب ولا سنة ولا اسلام .

    وتابع القول نحن نصلي وراء الشيعة فلا يوجد عند الشعة قرآن آخر كما تطلق الشائعات والا ما ترك المستشرقون هذا الأمر فهذا بالنسبة لهم صيد ثمين .

    وقال لايوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الاسلام , وانما هي عملية استغلال سياسي لهذا الخلاف .

    وهناك الكثير من علماء وفقهاء أهل السنة يحرمون التكفير والارهاب وقتل النفس التي حرم الله قتلها بقوله تعالي : ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .)

    وقوله تعالي : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاوه جهنم  خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد عذابا عظيما ) .

 خاتمة

  هذا وفي الختام نقول : انه أمام اصرارتلك الجماعات التكفيرية وزعمائها علي التمسك بنظرياتهم وآرائهم الهدامة في تكفير الأمة وعلمائها وزعمائها , واستمرارهم في  معتقداتهم الخاطئة وادعائهم بأنهم بلغوا درجة الامامة والاجتهاد المطلق , واصرارهم بأن لهم الحق في مخالفة الأمة الاسلامية كلها , واستمرارهم في اصدار كتب ودراسات تحمل بذورفكرهم القائم علي القتل والعنف وطبعها بطابع الغلو والارهاب الذي يشوه الوجه الحضاري لأمة الاسلام , واثارة النزاعات الطائفية , وهجومهم الظالم علي مذاهب الاسلام من شيعة وسنة وغيرها واعتبار أنفسهم يمثلون صحيح الاسلام وهم ليسوا كذلك فالاسلام بريء منهم ومن أفعالهم لاتباعهم المتشابهات وتركهم المحكمات .

    أمام كل هذا الضلال فان علي علماء هذه الأمة وحكمائها الاتحاد والتضافر والتعاون فيما بينهم للتصدي لذا الفكر الانهزامي المتطرف الهدام وذلك بعقد المؤتمرات العلمية التي تضم كافة فئات المجتمع , ومن مختلف الأطياف والفئات والطبقات .

      ويعتبر مبادرة المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بعقد هذا المؤتمر بادرة طيبة في هذا المجال , ونطالب بأن تكون هناك معاونة جادة ومخلصة من أجهزة الاعلام في كافة دول العالم الاسلامي .

   وواجب المنظمات الاسلامية الكبري , وفي مقدمتها الأزهرالشريف وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الاسلامية والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ومنظمة التعاون الاسلامي  , وكافة المجامع العلمية في انحاء العالم الاسلامي أن تقوم بدراسات وأبحاث تبين للناس الخطر الشديد للتيارات التكفيرية , وتلقي الضوء علي ما يقوم به الاستعمار العالمي والعدو الصهيوني من استغلال سيء وهدام للتيارات التكفيرية وتشويه النضال الاسلامي التحرري   والقضاء علي قضية الشعب الفلسطيني الحر ونضاله لاستعادة حقه في العودة الي أرضه ودياره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

     وكذا القيام بتوضيح أساليب الجماعات التكفيرية وحيلهم وممارساتهم التي تعمل ليل نهار علي تشويه الوجه الحضاري للاسلام , ووقوفها عقبة كأداء في طريق استعادة بناء الحضارة الاسلامية الحديثة وكشف حقيقة الخطط الاستعمارية لتجزئة العالم الاسلامي باسغلال تلك الجماعات التكفيرية المنحرفة .

    كما أن علينا نحن علماء هذه الأمة أن نجتهد ما وسعنا الجهد برصد الجوائز وشهادات التقدير للأبحاث والدراسات الواعية والعميقة التي تدعو الي الوحدة الاسلامية والي التقريب بين المذاهب الاسلامية المختلفة وفي مقدمتها مذهبي الشيعة والسنة حتي يتحقق قيام الوحدة الاسلامية كفريضة شرعية ثابتة بالكتاب والسنة , وحتي تتمكن الأمة الاسلامية من ترسيخ مبادئ الحب والود والتراحم والتضافر والتعاون بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , وازالة أسباب التقاطع والتباغض والتحاسد بين الأفراد والجماعات واصلاح ذات البين ورد كل تنازع الي حكم الله ورسوله , ودفن العصبيات القبلية والقومية واحياء مبدأ الأخوة الاسلامية العامة واعلاء قيمة التكافل الاسلامي ,  وتدعيم التيارات الشبابية للعمل في مواجهة هذه الظاهرة التكفيرية  وتحصينها ضد طرق تجنيد الارهابيين المكفرين لهم ليقفوا سدا منيعا ضد هؤلاء الخارجين عن اجماع أمتهم وعن تعاليم وأحكام ديننا الحنيف .

     ان تلك الجماعات التكفيرية الارهابية تعد أخطر من أسلحة الدمار الشامل لذلك يجب مواجهة هذه الجماعات بما يردعها ويشل قوتها ويوقف حركتها  ليمنعها من قتل الناس وتخريب البلاد وتشريد العباد .

       يجب أن يكون هناك مواقف قوية وشجاعة شرعية وفقهية وسياسية وأمنية من جميع مراجع الأمة لكي تشعر تلك الجماعات التكفيرية التي تقتل وتدمر متسترة بالدين أن الدين منهم براء وأننا جميعا كأمة اسلامية ضد همجيتهم , وأننا جنود مجندة للتصدي لهم بل وللقضاء عليهم باذن الله الواحد القهار .