ينبغي لتونس ان تحظى بدستور يليق بثورتها المباركة

ينبغي لتونس ان تحظى بدستور يليق بثورتها المباركة
ينبغي لتونس ان تحظى بدستور يليق بثورتها المباركة

استقبل آية الله الشيخ محمد علي التسخيري المستشار الاعلى لقائد الثورة الاسلامية في شؤون العالم الاسلامي، صباح اليوم بمكتبه، وفدا اكاديميا من تونس مثل عددا من الجامعات التونسية بمافيها جامعة الزيتونة.

واشار سماحته في مستهل حديثه للوفد الزائر، الى نشاطات وانجازات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في مختلف الاصعدة ولاسيما على مستوى العالم الاسلامي.

وفي هذا السياق قال الشيخ التسخيري: اننا قدمنا في اطار نشاطات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، جهودا بحوثية واعلامية كثيرة، واصدرنا عشرات الكتب في هذا المجال، وتصدر حاليا عن المجمع عشر مجلات بعشر لغات عالمية.

واضاف : كما حضرنا اكثر من اربعمائة مؤتمر دولي حتى الان، واقمنا مؤتمرات عالمية في ايران وعدد من الدول الاسلامية، ومنها مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي يجري خلاله التعريف بعناصر تجميع الامة ولم شملها، حيث يقام في الفترة من ١٢ الى ١٧ ربيع الاول من كل عام؛ وهي الفترة التي سميت بـ "اسبوع الوحدة الاسلامية"؛ والتي تتزامن مع ذكرى مولد نبي الرحمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم)؛ وذلك وفقا لرواية المذهبين السني والشيعي.
  
وفيما يخص النشاطات العلمية والبحوثية قال رئيس المجلس الاعلى لمجمع التقريب: لقد انشأنا جامعة للتقريب بين المذاهب الاسلامية في طهران، وهو مركز علمي اسلامي يدرس فيه الفقه الحنفي والشافعي والجعفري؛ مشيرا الى ان اهل النسة في ايران هم من اتباع هذه المذاهب؛ مبينا انه يقطن في شرق ايران اتباع الفقه الحنفي، وفي غربها الفقه الشافعي؛ وذلك الى جانب اخوانهم الشيعة في مختلف انحاء البلاد.
 
واوضح الشيخ التسخيري، ان اتباع كل فقه يدرس علوم مذهبه الخاص خلال مرحلة البكلوريوس في هذه الجامعة؛ بينما يفسح المجال لهم، ان يدرسوا في المراحل العليا فقها مغايرا لمذاهبهم وذلك بعد ان تأصلت لديهم قواعد مذهبهم في المرحلة الأولى.

وفي هذا الجانب، اكد سماحته ان جهود المجمع العالمي للتقريب واجهت ترحيبا واسعا من قبل العلماء والشعوب والدول وايضا "منظمة الايسسكو" التي انشات مجلسا استشاريا اعلى للتقريب بين المذاهب الاسلامية، بالاضافة الى تاسيس "وحدة للتقريب بين المذاهب الاسلامية" من قبل "مجمع الفقه الاسلامي الدولي"؛ مشيرا الى انه بالرغم من كافة هذه الانجازات والجهود الا ان "الشيء الذي يقف عقبة امامنا وفي اشد الحالات هي الاتجاهات المتطرفة لدى كلا الفريقين الشيعة والسنة".

ودعا اية الله التسخيري الى نبذ الخلافات المذهبية والإبتعاد عن التطرف وقال : نعم نحن لدينا اختلافات لكن ليس في الاصول التي من يؤمن بها يدخل في اطار الامة الاسلامية ومن يرفضها يخرج من هذا الاطار، كالتوحيد والنبوة والمعاد، بل ان الاختلافات تكمن في الفروع وهي لا تضر بعقائدنا الاصولية المشتركة.

وفي جانب اخر من حديثه للوفد الاكاديمي التونسي، تطرق مستشار الامام الخامنئي في شؤون العالم الاسلامي الى موضوع اعتماد الدستور المصري الجديد باكثرية اراء الشعب المصري وقال: فيمايخص الدستور الذي اصبح امرا بالغ الاهمية بالنسبة للدول العربية التي تشهد اليوم تحولات كبيرة لاسيما الثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا واليمن ومستقبلا في البحرين انشاء الله، الثورات التي حررت شعوب هذه الدول من القوى التي كانت تستعبدها لصالح الاستعمار العالمي، ولاسيما تونس التي كان لها قصب السبق في هذه التحولات، ينبغي لها ان تحظى بدستور يليق بمستوى ثورتها الشعبية المباركة .

ودعا الشيخ التسخيري الاساتذة التونسيين والباحثين الى مطالعة التجرية المصرية وايضا التجربة الايرانية في مجال ارساء الدستور، من اجل صياغة دستور يناسب ويلبي كافة اطياف الشعب التونسي، وذلك نظرا الى ان الدستور الجديد في هذا البلد لم يكتب بعد.

وفي هذا الاطار اكد الشيخ التسخيري ان هناك نقاط مشتركة كثيرة بين الدستور الايراني والمصري الجديد والذي تمت الموافقة عليه بنسبة ٦٤% من قبل الشعب.

واوضح قائلا: بمقارنتي للدستورين الايراني والمصري رأيت هناك نقاط مشتركة كثيرة تربط بينهما رغم الاختلافات البسيطة التي هي طبيعية جدا لأن الدستور هو امر اجتهادي وليس وحيا، وبذلك وجدت، بنظرة سريعة، نحو ١١٤ مادة قانونية مشتركة بين الدستور المصري والايراني.

كما قدم نبذة عن عملية اعداد الدستور الايراني بقوله: في بدايات انتصار الثورة الاسلامية الايرانية، حيث كانت الأوضاع غير مستقرة بعد، اكد الامام الخميني (رحمه الله) على ان يتم استفتاء الشعب في في اهم الامور الخاصبة بالنظام السياسي المرتقب آنذك ومنها اولا الاستفتاء على نوع النظام السياسي الذي يرتأيه الشعب الايراني لنفسه؛ فكانت النتيجة ومن خلال انتخابات حرة شهدها العالم بأسره، ٩٨.٢% لصالح تكريس النظام اسلامي؛ بعد ذلك اصر الامام الخميني على ان ينتخب الشعب اعضاء المجس التاسيسي لكتابة الدستور الايراني وايضا قام الشعب بانتخاب خبراء فكتبوا الستور ، وبعد كتابة مواد الدستور اصر رحمه الله ان يعطي الشعب رأيه في الدستور الجديد وايضا كانت النتيجة تاييده باكثرية ساحقة.

وتابع: بعد وضع الدستور الجديد في ايران، بدأت المؤسسات تتشكل الوحدة تلو الاخرى كما اجريت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتحددت مسؤوليات السلطات الثلاث وغيرها من المراحل التاسيسة الاخرى.

وفي الختام اعرب اية الله التسخيري عن أمله في أن تعود الأمة الإسلامية الى تاريخها وثقافتها وتراثها القويم ووان تنجح في صياغة الحياة الإسلامية والإجتماعية الآتية. 

من جانبه، قال رئيس الوفد الاكاديمي التونسي الدكتور مولدي الاحمر ان اعضاء الوفد هم اساتذة جامعيون من مختلف الاختصاصات في مجال العلوم الانسانية والاسلامية في اشهر الجامعات التونسية كالزيتونة، قدموا الى ايران للتعرف على تجربة المجمع العالمي للتقريب في مايخص البحث العلمي والتعليمي؛ مؤكدا ان جميع افراد الهيئة "جاؤوا مجردين من كافة الشائعات والافكار السلبية المسبقة؛ لأنهم ينتمون الى التكوين الاكاديمي في تونس المتحرر بكل معنى الكلمة وقد حصل على استقلالية التفكير بفضل الثورة التونسية المباركة.

 وتابع الاحمر: تكويننا يسمح لنا اكاديميا بأن نتعرف على كل شيء بدون هذه الافكار المسبقة بل بناءً على مالدينا من القدرة على التنظير والتحليل. فنحن نريد ان نتعرف عليكم بشكل مباشر لأنه يغنينا عن المصادر الاخرى والتي يمكن ان تكون اقل اطمئنانا في هذا المجال.

واضاف: لقد فوجئنا بمفاجئة سارة جدا خلال زيارتنا لأيران حيث وجدنا كما هائلا من التجارب في الجانب الاكاديمي.

واكد الأستاذ الجامعي التونسي ان مثل هذه الزيارات تساعد على ربط العلاقات بين الجهات ذات الصلة لدى البلدين ايران وتونس، وتبني جسور التعاون العلمي والبحثي؛ مشيرا الى ان اساتذة الجامعات والمثقفين في كلا البلدين لديهم رابط اساسي وهو انتمائهم الى الحضارة الاسلامية وهذا يسهل عليهم التعامل، خاصة في مجال التقريب بين المذاهب الاسلامية؛ مؤكدا ان "الوسط العلمي والاكاديمي في تونس متحرر تماما من الخلافات المذهبية ولذلك خطاب التقريب أمر طبيعي بالنسبة لنا..لأننا نرى انه رغم تعددية المذاهب في الاسلام الا ان الاصل واحد".

اعداد: حيدر العسكري.