مشاكل الامة تكثر وتتضاعف عندما تسود لغة التطرف فيها

مشاكل الامة تكثر وتتضاعف عندما تسود لغة التطرف فيها
مشاكل الامة تكثر وتتضاعف عندما تسود لغة التطرف فيها

الثوار الايرانيون كانوا يتناقلون اخبار الثورة الجزائرية وشخصياتها قبل انتصار الثورة الاسلامية، ويستمدون من الله اولا وثم من هذه الشخصيات العزيمة والاصرار في العمل للوصوول الى اهدافهم المنشودة.

استقبل المستشار الاعلى لقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي (حفظه الله)، الشيخ محمد علي التسخيري اليوم الثلاثاء في مكتبه بطهران، عددا من المسؤولين واساتذة جامعة الجزائر الذين قدموا الى ايران للمشاركة في الندوة العلمية التي ستقام برعاية جامعة طهران تحت عنوان "دور المراة المثقفة المسلمة في تطوير العلوم والتكنولوجيا".

واشاد الشيخ التسخيري في هذا اللقاء، بالشخصيات العلمية والأكاديمية التي ساهمت في استقلال الجزائر؛ مشيرا الى ان "الكثير في العالم العربي والاسلامي لا يعرفون عظمة هذه الشخصيات ولذلك ادعو الاوساط العلمية الجزائرية للتعريف بها"؛ مؤكدا ان ذلك "يصب في التعريف بتاريخ دول شمال افريقيا والعرفان بمسيرة العمل الجهادي الذي قدمته هذه الشخصيات في سبيل الامة..".

واضاف اية الله التسخيري قائلا ان "الثوار الايرانيون كانوا يتناقلون اخبار الثورة الجزائرية وشخصياتها قبل انتصار الثورة الاسلامية، ويستمدون من الله اولا وثم من هذه الشخصيات العزيمة والاصرار في العمل للوصوول الى اهدافهم"؛ مشيرا لى ان "الوضع قبل نجاح الثورة الاسلامية في ايران كان يقرب من اليأس او هو اليأس بعينه ...وكان الوضع خطيرا والاستعمار كان مطمئنا بأن هذه المنطقة مأمونة ومضمونة لصالحهم بفضل النظام البهلوي الحاكم انذك على ايران؛ كما عبر عنها (ايران) الرئيس الاميركي الاسبق ريجارد نيسكون بأنها جزيرة الامان".

وتابع سماحته : وفي تلك الاجواء كان الشعب الايراني يغلي والامام الخميني (رحمه الله) كان يبعث تلامذته الى كل البلاد ويخطط لتغيير جذري في ايران؛ والحمد لله الذي وفقنا لنشهد هذا التحول الكبير في بلادنا واقول بصراحة ان الثورة في ايران تأثرت كثيرا بالثورة الجزائرية التي كانت في عصرها ثورة فريدة وقدمت الكثير من التضحيات؛ والصحوة الاسلامية هناك سبقت باقي الصحوات في البلدان الاخرى".

هذا وترحّم المستشار الاعلى لقائد الثورة الاسلامية على شهداء الثورة الجزائرية؛ واعرب عن امله بأن ينعم الله على الجزائر شعبا وحكومة بالقوة والازدهار وذلك من اجل بناء مجتمعها بحرية وديمقراطية؛ وان تأتي الانتخابات الجزائرية بالخير واستمرار الحرية والكرامة؛ واكد قائلا : إننا نؤمن بان هذه البلاد تعمل بقوة على صنع مستقبلها وان الكثير من الشعوب تعوّل عليها وتنظر اليها نموذجا لازدهاراتها المستقبلية".

الى ذلك، اشار اية الله التسخيري الى "جامعة الامير عبد القادر" في مدينة القسطنطنية بالجزائر والتي تعد الجامعة الاسلامية الوحيدة بالبلاد وقال انه سبق وأن زار هذه الجامعة خلال الثمانينات من القرن الماضي، خلال مشاركاته في ملتقيات الفكر الاسلامي حيث التقى المسؤولين والاساتذة في هذه جامعة الامير عبد القادر، كالشيخ محمد الغزالي الذي وصفه بأنه كان "رجل تقريب ومحبة وترك بصماته في الجامعة"؛ معربا عن امله بأن تنتشر مثل هذه النماذج العلمية والاسلامية في الجزائر وباقي دول الشمال الافريقي.

وفي جانب آخر من حديثه للوفد الاكاديمي الجزائري، قال الشيخ التسخيري ان "الحديث عن التقريب يكثر اهميةً عندما نجد ان الجماعات التكفيرية والمتطرفة بدأت تنتشر وتنبت هنا وهناك"؛مشيرا الى ان "الجزائر من الدول التي ابتليت بهذه الجماعات والافكار المتطرفة ومرت بمرحلة عصيبة جدا وكنا نتألم كثيرا عند سماع اخبار الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الجزائري من قبل تلك الجماعات"؛ واعرب سماحته عن امله بأن تكون الأوضاع قد تحسنت وهذه الافكار والتيارات المتشددة قد انزاحت عن الساحة الجزائرية.

واستطرد قائلا: لاحظت خلال دراستي للتاريخ الاسلامي ان مشاكل الامة تكثر وتتضاعف عندما تسود لغة التطرف فيها، لأن التطرف يفسد كل شيء يدخل اليه؛ مستدلا بعبارة شهيرة لمفجر الثورة الاسلامية في ايران الإمام الخميني (رحمه الله) والذي كان يقول بان "العلم نور بلا ريب لكن اذا دخل فيه التطرف يتحول من النور الى حجاب كما ان الدين عندما يدخل اليه التطرف يتحول الى رهبانية".

واضاف آية الله التسخيري : النزاعات بين المذاهب الاسلامية في الواقع هي نزاعات بين الخطأ والصواب، وليس بين الكفر والايمان؛ وكما يقول ائمة المذاهب فإن الراي الصواب يحتمل الخطا كما ان الرأي الخطأ يحتمل الصواب؛ محذرا من تحويل هذه الحالة الى حالة النزاع بين الايمان والكفر "عنده تبدا التناحرات والصراعات بين ابناء الدين الواحد؛ الامر الذي نعانيه اليوم حيث ان بعض العلماء المتطرفين يرفضون امكانية التقريب بين المذاهب الاسلامية ".

هذا واعرب سماحته عن أسفه بأن هؤلاء المتطرفين يغفلون عن المشتركات بين ابناء المذاهب الاسلامية والتي تصل الى نسبة ٥٩% بالمائة من المسائل الاعتقادية بينما يركزون على الاختلافات التي لا تزيد عن 5% بالمائة منها.

وشدد قائلا "لو تسود الروح العقلانية وعقلية الاجتهاد وروح منطق الحوار بين المسلمين فإن الامة سوف تبتعد كثيرا عن الاحداث المؤسفة التي نشاهدها اليوم".

وفي هذا الجانب اكد الشيخ التسخيري على ان "المسؤولية الرئيسية للمجمع العالمي للتقريب هو ارساء هذه الروح ونشر ثقافة الحوار بين المسلمين بكافة مذاهبهم ونحلهم الفكرية، وذلك امتدادا لجهود دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في مصر التي جسد فعاليات وجهود مشكورة قدمها كبار علماء المسلمين كالشيخ شلتوت والشيخ القمي رحمهم الله".

وتقيم كلية الالهيات بجامعة طهران ندوة علمية تحت عنوان "دور المرأة المثقفة المسلمة في تطور العلوم والتكنولوجيا" بمشاركة عدد من اساتذة جامعة الجزائر فضلا عن شخصيات نسائية ايرانية من مختلف الجامعات في ايران.

وفي ذات السياق، صرح الدكتور الشيخ محمد رضا رضوان طلب مساعد رئيس كلية الالهيات بجامعة طهران لمراسل (تنـا) ان هذه الندوة تأتي في اطار مذكرة التفاهم التي ابرمت بين جامعة طهران وجامعة الجزائر؛ مبينا ان الندوة الاولى اقيمت العام الماضي تحت عنوان "الدين والعولمة" في جامعة الجزائر وذلك بمشاركة عدد من اساتذة جامعة طهران ومسؤولين في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بمافيهم الشيخ الدكتور محمد مهدي التسخيري مدير عام وكالة انباء التقريب (تنـأ) والذي قرأ على مسامع المشاركين كلمة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري. 

وعن اهداف هذه الندوة اكد الشيخ رضوان طلب انها تاتي في اطار الهدف الرئيسي الذي تسعى اليه جامعة طهران على الصعيد الدولي وهو فتح مجالات التواصل والتعاون مع كافة المراكز العلمية والاكاديمية في ارجاء العالم؛ مشيرا الى انها وقّعت في هذا الاطار ١٩٠ مذكرة تفاهم مع الجامعات العالمية.

وفي سياق متصل، اشار المسوؤل في كلية الإلهيات بجماعة طهران الى انه تم انشاء وحدة خاصة بالصحوة الاسلامية في قسم البحوث والدراسات التابعة للجامعة من اجل تطوير وتعميق اواصر التعاون مع المراكز العلمية والجامعات العالمية في مجال الصحوة الاسلامية؛ اسهاما منها في دعم هذا المشروع العظيم.

تنـا - خاص

---------------

لمشاهدة التقرير المصور انقر هنا