الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية حجة الاسلام و المسلمين الدكتور "حميد شهرياري" :
حديث التقريب..... في ذكرى رحيل شيخ التقريب
فيما يلي نص حديث التقريب حجة الاسلام و المسلمين الدكتور "حميد شهرياري" في ذكرى الخامسة لرحيل شيخ التقريب (الفقيد آیة الله واعظ زاده خراسانی) (رحمة الله)
حديث التقريب
في ذكرى رحيل شيخ التقريب
في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الثاني) سنة 1996م رحل عنّا رجلٌ قضى عمره في خدمة العلم والبحث والتحقيق، وتوجه في كل ذلك إلى خدمة قضية التقريب، فكان بحق شيخ التقريب في إيران بل في العالم الإسلامي.
سعى إلى أن لا يترك مجالا من مجالات المعرفة الإسلامية إلا و ولجه من القرآن والحديث والفقه والأصول والفلسفة والتاريخ، ولكنه كان في كل هذه المجالات يحمل همّ وحدة المسلمين وتقارب مذاهبهم وإزالة جدران الحساسيات التي تراكمت عبر التاريخ على ذهنياتهم.
من هنا وقع اختيار السيد الإمام الخامنئي عليه عند تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ليكون أول أمين عام له عام 1411هـ/1991م.
درس في الحوزات العلمية بمسقط رأسه بمدينة مشهد في خراسان وفي النجف الأشرف بالعراق وبمدينة قم.
كان يحمل في كل مراحل حياته فكرة عودة الأمة الواحدة باعتبارها فريضة وضرورة، و وجد ضالته فيما حملته مجلة «رسالة الإسلام» القاهرية، إذ وجد في مقالاتها ما يتجاوب مع آماله ومشاعره.
لقد اطلع على هذه المجلة منذ صدور العدد الأول منها سنة 1365هـ، إذ كانت تصل إلى والده، فيتلقفها بشغف بالغ يقرأها ويحتفظ بذاكرته أسماء كتابها.
ثم أصبح يتطلع إلى أخبار العالم الإسلامي ويتابع مسألة استقلال باكستان وأندنوسيا والجزائر، ويكتب عن مشاعره تجاه تلك الأحداث في مجلة «مكتب إسلام» التي كانت تصدر في قم.
وازدادت علاقته بالتقريب نتيجة ملازمة كبار العلماء الذين كان لهم نهج تقريبي مثل السيد البروجردي والسيد صدر الدين الصدر والسيد أحمد الخوانساري والإمام الخميني. كما التقى بالعلماء والمصلحين الكبار كالعلامة كاشف الغطاء والعلامة السيد هبة الدين الشهرستاني والعلامة محمد تقي القمي.
شغفه للارتباط بالعالم الإسلامي دفعه إلى أن يسافر إلى مصر سنة 1971 ومكث في القاهرة ثماني أشهر، واتصل خلال ذلك بعدد كبير من الشيوخ وأساتذة الجامعات المصريين مثل الشيخ الدكتور محمد محمد الفحام شيخ الجامع الأزهر ومعاونه الشيخ عبد العزيز عيسى، واسم هذا الأخير كان محفورًا في ذهن شيخنا واعظ زاده لأنه كان مسؤولا عن مجلة «رسالة الإسلام» ثم تكررت زيارته لمصر والتقى بواحد آخر من شيوخ الأزهر هو الشيخ عبدالحليم محمود ومساعده الدكتور عبدالرحمن بيصار الذي أصبح بعد ذلك شيخًا للأزهر وبالشيخ محمود أبو زهرة والشيخ محمد الغزالي وسجل ذلك كله في تقرير عن رحلاته منشور في كلية الالهيات بجامعة مشهد.
زار أيضًا مرارًا تركيا وسوريا ولبنان والمغرب والسودان والجزائر والكويت وماليزيا والتقى مع شخصيات علمية وفكرية وجامعية وألقى كلمات هناك، كما زار الهند والحجاز وكلها كانت بهدف التقريب.
جدير بالذكر أن شيخنا واعظ زاده عمل منذ سنة 1961 أستاذا في جامعة مشهد، ومن أبرز أعماله في هذه الجامعة، إضافة إلى التدريس والبحث العلمي، إقامة مؤتمر الشيخ الطوسي (ت 460هـ) وحضره كبار العلماء من أرجاء العالم الإسلامي، والشيخ الطوسي من كبار علماء الإمامية المهتمين بالفقه المقارن.
والفقه المقارن بين المذاهب من أولويات اهتمام الفقيد واعظ زاده لأنه يؤدي إلى لقاء المذاهب و يزيل الخلافات الموهومة. وفي هذا السياق اهتم بالفقيه المالكي ابن رشد، وألقى في الكويت عنه مقالا تحت عنوان: «ابن رشد الفقيه المالكي والفقه المقارن».
وفي حديث جرى معه لخص كل نشاطات حياته بقوله: «لا أبالغ إذا قلت: إن التقريب كان أمنية عشتها منذ باكورة حياتي، ومارستها في حياتي العلمية والعملية بشكل جاد ومتواصل».
نحن في الذكرى الخامسة لوفاته، علينا أن نتذكر بأنا في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مسؤولون عن مواصلة مسيرة هذا الرجل الكبير، فسلام عليه يوم ولد ويوم توفي ويوم يبعث حيًا.
د.حميد شهرياري
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية