حديث التقريب .. الخطاب الوحدوي للإمام الخميني (ره)
الحديث عن دور الإمام الخميني (رض) في التقريب بين المذاهب الإسلامية وفي وحدة الصفّ الإسلامي يبقى قاصرًا أمام مشروعه الحضاري الكبير الذي قدّمه عمليًا للعالم الإسلامي متمثلاً بإقامة دولة إسلاميّة في بلاد أريد لها أن تكون قاعدة للتآمر على تطلعات الأمة الإسلامية نحو استعادة الهويّة والعزّة والكرامة.
نحن لازلنا في الشهر الثالث من أشهر الربيع وهو المسمى في التقويم الهجري الشمس باسم شهر خرداد وفيه أيام ارتبطت بنهضة الإمام الخميني(ره) وحياته منها نهضة الشعب الإيراني بقيادة سماحته في الخامس عشر منه (5 حزيران 1963م) ومنها ارتقاؤه إلى الملأ الأعلى في الرابع عشر منه (4 حزيران 1989)، وجدير بنا أن نقف في حديثنا عن الخطاب الوحدوي للإمام الخميني(ره).
الحديث عن دور الإمام الخميني (رض) في التقريب بين المذاهب الإسلامية وفي وحدة الصفّ الإسلامي يبقى قاصرًا أمام مشروعه الحضاري الكبير الذي قدّمه عمليًا للعالم الإسلامي متمثلاً بإقامة دولة إسلاميّة في بلاد أريد لها أن تكون قاعدة للتآمر على تطلعات الأمة الإسلامية نحو استعادة الهويّة والعزّة والكرامة؛ لا ينكر أحد أنّ الثورة الإسلامية في إيران اندلعت في فترة من إحباط عاشها العالم الإسلامي بعد سلسلة من الهزائم والنكسات فبعثت فيه روحًا جديدة، وأحيت بانتصارها أمل الشعوب المسلمة المقهورة في عودة أصيلة ومعاصرة إلى الحياة الإسلامية.
هذا الإنجاز كان من الضخامة والعظمة بحيث تجاوز كل الحواجز الطائفية والقومية والإقليمية، بل إنه تجاوز حتى الإطار الإسلامي ليدفع بالشعوب المستضعفة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى التطلّع نحو استعادة حقوقهم المغتصبة.
لكن ضخامة الحدث واجهت ضخامة في عملية التطويق والمحاصرة والتشويه والتعتيم؛ لقد واجهت حربًا طائفية جُنّدت لها أضخم الطاقات الإعلامية، وواجهت حربًا قوميّة باسم «القادسية»!! لصدّ «الفرس المجوس»!!.. ومع كل ذلك فإن خطاب الإمام الخميني وقيادته للأمة لم تتأثر أبدًا بهذه الحروب الظالمة، فقد وجّه أفكار الإيرانيين نحو حقيقة هامة هي إن هذه الحروب ليست طائفية ولا قومية، أي ليست حرب سنّة ضد شيعة، ولا حرب عرب ضد فرس، بل هي حرب تقودها أمريكا و"إسرائيل" لمواجهة الصحوة الإسلامية، ونجح في ذلك أيّما نجاح، مفوّتًا الفرصة على من أرادها أن تخلق العداء المذهبي والقومي في إيران تجاه أبناء الأمة الإسلامية.
وإذ نتحدث عن الإنجاز العظيم الذي نهض به الإمام الخميني بإقامة دولة الإسلام، لابدّ ـ ونحن في إطار التقريب ـ أن نذكر بعض النصوص من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن التوجه الوحدوي لهذه الدولة، وهو توجّه يعكس أهداف مؤسسها الراحل (رض).
المادة الثانية
يقوم نظام الجمهورية الإسلامية على أساس:
1ـ الإيمان بالله الواحد الأحد (لا إله إلا الله) وتفرّده بالحاكمية والتشريع، ولزوم التسليم لآمره.
2- الإيمان بالوحي الإلهي ودوره الأساس في بيان القوانين.
3- الإيمان بالمعاد ودوره الخلاق في مسيرة الإنسان التكاملية نحو الله.
4- الإيمان بعدل الله في التكوين والتشريع.
5- الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام.
6- الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام الله.
وهو نظام يؤمّن القسط والعدالة، والاستقلال السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتلاحم الوطني عن طريق مايلي:
أ- الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط، على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.
ب - الاستفادة من العلوم والفنون والتجارب المتقدمة لدى البشرية، والسعي نحو تقدمها.
ج - محو الظلم والقهر مطلقًا ورفض الخضوع لهما.
المادة الثالثة
من أجل الوصول إلى الأهداف المذكورة في المادة الثانية تلتزم حكومة جمهورية إيران الإسلامية أن توظف جميع إمكانيتها لتحقيق مايلي:
1ـ خلق المناخ المساعد لتنمية مكارم الأخلاق على أساس الإيمان والتقوى، ومكافحة كل مظاهر الفساد والإجرام.
2- رفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات، بالاستفادة السليمة من المطبوعات، ووسائل الإعلام، ونحو ذلك.
3- توفير التربية والتعليم، والتربية البدنية، مجانًا للجميع، وفي مختلف المستويات، وكذلك تيسير التعليم العالي وتعميمه.
4- تقوية روح التحقيق والبحث والإبداع في كافة المجالات العلمية والفنيةوالثقافية السليمة، والعلوم الإسلامية عن طريق تأسيس مراكز البحث وتشجيع الباحثين.
5- طرد الاستعمار كلية ومقاومة النفوذ الأجنبي.
6- محو أي صورة من صور الاستبداد والأنانية واحتكار السلطة.
7- ضمان الحريات السياسية والاجتماعية في حدود القانون.
8- إسهام عامة الناس في تقرير مصيرهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
9- رفع التمييز غير العادل، وإتاحة تكافؤ الفرص للجميع في كل المجالات المادية والمعنوية.
10- إيجاد النظام الإداري السليم وإلغاء ما هو غير ضروري في هذا المجال.
11- تقوية مستوى الدفاع الوطني بصورة كاملة، عن طريق التدريب العسكري لجميع الأفراد، من أجل حفظ الاستقلال وصيانة الوطن والحفاظ على النظام الإسلامي للبلاد.
12- بناء اقتصاد سليم وعادل وفق القواعد الإسلامية من أجل توفير الرفاهية، والقضاء على الفقر، وإزالة كل أنواع الحرمان في مجالات التغذية والمسكن والعمل والصحة، وجعل التأمين يشمل جميع الأفراد.
13- إيجاد الاكتفاء الذاتي في العلوم والفنون والصناعة والزاراعة والشؤون العسكرية وأمثالها.
14- ضمان الحقوق للجميع نساء ورجالا وإيجاد الضمانات القضائية العادلة لهم، ومساواتهم أمام القانون.
15- توسيع وتحكيم الأخوة الإسلامية والتعاون الجماعي بين الناس كافة.
16- تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم.
المادة الحادية عشرة
بحكم الآية الكريمة ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الاتحاد السياسي والاقتصادي والثقافي في العالم الإسلامي.
المادة السادسة عشرة
بما أن لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلامية هي العربية، وأن الأدب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل، لذا يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة المتوسطة في جميع الصفوف، والحقول الدراسية.
المادة الثانية والخمسون بعد المائة
تقوم السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية على أساس : الامتناع عن أي نوع من أنواع التسلط أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل، ووحدة أراضي الوطن، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، وعدم التبعية للقوى المتسلطة، وتبادل العلاقات السلمية مع الدول غير المحاربة.
المادة الرابعة والخمسون بعد المائة
تعتبر جمهورية إيران الإسلامية سعادة الإنسان في المجتمع البشري هدفًا رئيسًا لها، وتعتبر الاستقلال، والحرية، وإقامة حكومة الحق والعدل حقًا لجميع الناس في كافة أرجاء العالم، وعليه فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بحماية النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية