الذكرى الخامسة لوفاة آية الله الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني
الأمين العام الأول لمجمع التقريب
 
التاسع عشر من ديسمبر يصادف الذكرى الخامسة لوفاة الأمين العام الأول لمجمع لمجمع التقريب بين المذاهب اﻻسلامية وجدير بنا أن نجدد ذكرى هذا الراحل الذي أُطلق عليه بحق اسم «شيخ التقريب».

ولد في مدينة مشهد من أسرة دينية اشتهرت بالوعظ، ومن هنا جاء لقبه. بعد أن أنهى دراسته الابتدائية رحل مع والده إلى النجف الأشرف سنة 1939 حيث درس مقدمات الفقه وأصول الفقه، وعاد إلى مسقط رأسه بعد ثلاث سنوات.

واصل دراسته في مشهد عند كبار أساتذة المدينة حتى 1949 إذ انتقل إلى الحوزة العلمية في مدينة قم، وتتلمذ على يد كبار العلماء فيها مثل آية الله البروجردي والإمام الخميني والعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي. شارك مع آية الله البروجردي في تدوين جامع أحاديث الشيعة وساهم في تأسيس مجلة «درسهاي از مكتب إسلام» = دروس من المدرسة الإسلامية، التي كان لها الدور الكبير في نشر الثقافة الإسلامية والوعي الإسلامي بإيران.
دُعي للتدريس في جامعة الفردوسي بمشهد واهتم بتدريس الطلبة مواد التفسير والفقه والحديث والتاريخ وبقي لسنوات يواصل عمله الجامعي بدرجة الأستاذية، كما درّس أيضًا في جامعات أخرى.
في سنة 1971 أقام في جامعة فردوسي مؤتمرًا كبيرًا عن «الشيخ الطوسي» حضرة كبار العلماء والمفكرين من داخل إيران وخارجها.
سافر إلى البلدان الإسلامية واتصل بعلمائها، ومكث مدة في القاهرة ليطلع على تراثها التقريبي الذي قدمته دار التقريب بين المذاهب الإسلامية.

وحين عزم الإمام السيد علي الخامنئي على تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وقع الاختيار عليه لتولي مسؤولية إدارته فكان أول أمين عام للمجمع. وهذا نصّ المرسوم:

سماحة آية الله واعظ زاده خراساني:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
الأستاذ العالم والمفكر القدير فضيلة الحاج الشيخ محمد واعظ زاده خراساني دام بقاؤه
في الظرف الحالي الذي أُتيح فيه والحمدلله تأسيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، وحظيت فكرة التقريب بقبول وترحيب واسع من جانب العلماء والمفكرين الإسلاميين في مختلف أرجاء العالم الإسلامي وانبعثت الآمال الجديدة في هذا المجال، وبالنظر إلى تمتعكم بالمنزلة الرفيعة في العلوم الإسلامية، والسابقة والممارسة المشكورة لديكم في التقريب بين مختلف المذاهب الإسلامية أعينكم بمنصب الأمين العام للمجمع المذكور.
على أمل ترشيد الجهود الشاملة في مختلف المجالات العلمية والثقافية المبذولة، وتوجيه الحركة بأسلوب سليم منطقي، ومتابعة الأهداف المعنية من جانب المجمع بدراية كاملة.
ولابد من الاهتمام بالرد على أولئك الذين يحاولون إثارة التفرقة بين المسلمين، بالاتكال على الله المتعال وببذل الوسع لتحقيق هذ الهدف لما له من أهمية بالغة. أسأل الله عزوجل لسماحتكم التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد علي الحسيني الخامنئي
٩-٧-٦٩هجرية شمسية /  ١٠  اكتوبر ١٩٩٠م
 
بعض أعماله العلمية:
ـ كتابة مقالات كثيرة عن الإمام الخميني والثورة الإسلامية بأسلوب علمي رصين جمعت في كتاب.
ـ كتابة مقدمات هامة لكتب فقهية ورجالية مثل مقدمته لسلسلة الكتب الرجالية لآية الله البروجردي، ومقدمة الرسائل العشر للشيخ الطوسي، ومقدمات لكتب قوارع القرآن، والناصريات، وكنز العرفان، ورجال الكشي.
ـ الإشراف على تدوين كتاب ضخم تحت عنوان المعجم في فقه لغة القرآن وسرّ بلاغاته.
ـ المشاركة والإشراف على تأليف عشرات الكتب منها نصوص في علوم القرآن، ونصوص في الاقتصاد الإسلامي كتابًا وسنة وفقهًا.. هذا إلى جانب مقالات عديدة منشورة في المجلات العلمية.

اهتم بالتراث التقريبي فكتب عن تفسير مجمع البيان للطبرسي باعتباره نموذجًا للمنهج التقريب في التفسير. ذكرناه في محور القرآن والتفسير محاور مجلة «رسالة التقريب» الجزء الثاني من هذا الكتاب.

كما ركز على التوجه التقريبي في سيرة أئمة أهل البيت، ثمّ في سيرة أتباعهم أمثال الشيخ المفيد والسيدين الرضي والمرتضى والطوسي والطبرسي ويرى القارئ ما كتبه عن الشيخ الطوسي، في محور الدراسات التاريخية/ أيضًا الجزء الثاني من هذا الكتاب.
واهتم كذلك بأصحاب المشاريع الحضارية للأمة وإن لم يكونوا أصحاب مشاريع في التقريب، لما بين المشروعين من صلات بيّناها في مقدمة هذا الكتاب. من ذلك ماكتبه عن ابن رشد الفقيه المالكي، وهو منشور في محور التراجم/ الجزء الثاني من هذا الكتاب.
وتأكيدًا لارتباط مشروع التقريب بالمشروع الحضاري نرى الشيخ واعظ زاده يشارك في المؤتمر الحادي عشر للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة سنة 1999 بمقال تحت عنوان: «الفقه المقارن والتقريب»
 
المشروع الفكري التقريبي للشيخ محمد واعظ زاده الخراساني يمكن تلخيصه بمايلي:

1 – إحياء التراث التقريبي للمسلمين من شيعة وسنّة يساعد على فتح آفاق جديدة للتقريب.
2- ثمة صلة وثيقة بين المشاريع الحضارية والمشاريع التقريبية، ولا يمكن أن يكون دعاة الانطلاق الحضاري للمسلمين إلا وهم تقريبيون.
3- القرآن الكريم والسنة الشريفة ضمانان لوحدة الأمة الإسلامية إن أحسنّا التعامل معهما.
4- الاختلاف في الآراء أمر طبيعي بين المذاهب وداخل المذهب الواحد، والاختلاف لا يجوز أن يؤدي إلى نزاع إن كان تناوله في إطار علمي.
5- الحركة الاجتهادية الصحيحة عند علماء المذاهب تؤدي إلى تقارب وجهات النظر وإلى زوال الحساسيات.
6- كان بين أئمة المذاهب وعلماء المذاهب علاقات علمية وثيقة لكن هذه العلاقة  ضعفت بل انقطعت بسبب عوامل سياسية وتدخل الجهلة من عوام الناس ولابد من استعادة هذه الظاهرة العلمية الحضارية في العالم الإسلامي.
7- لابد من التركيز على المشتركات بين المذاهب، فهي كثيرة قد تبلغ ثمانين بالمائة في الحديث الشريف.
8- لا يجوز الحكم على هذا المذهب أو ذاك من خلال ما يشاع على الألسنة أو مايشيعه أعداء الأمة وأعوانهم.
9- الانشغال بمعالجة القضايا الإسلامية الراهنة يجمع المسلمين على طاولة هموم واحدة.
10- لابد لالتقاء الحكام بأئمة الدين والتشاور معهم فذلك مما يؤدي إلى تحقيق مصلحة الحكام ومصلحة الشعوب.