مدیر مؤسسة اهل البيت ع الدولية للعلوم والمعارف في قم: واجبنا حماية العالم الإسلامي و التأكيد على تحقيق الوحدة الإسلامية والأخوة

مدیر مؤسسة اهل البيت ع الدولية للعلوم والمعارف في قم: واجبنا حماية العالم الإسلامي و التأكيد على تحقيق الوحدة الإسلامية والأخوة

صرح مدیر مؤسسة اهل البيت ع الدولية للعلوم والمعارف في قم المقدسة "حجة الاسلام  محمد سالار" بأن واجب الديني والوطني الأعظم للمجتمعات الإسلامية، وخاصة علماء الدول الإسلامية الملتزمين والمهتمين، هو حماية العالم الإسلامي ومنع إثارة التوتر والفتنة والتشتت، والحث  والتأكيد على تحقيق الوحدة الإسلامية والأخوة.


وفي مقاله خلال المؤتمر الافتراضي الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية، وجّه "حجة الاسلام  محمد سالار" شكره وتقديره للمجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیه على توجيه دعوة له بالمشارکه في هذا الموتمر الذي يقام تحت شعار "التعاون الاسلامی من اجل بلوره القیم المشترکه والحدیث حول محور الحریه الفکریه الدینیه وقبول الاجتهاد المذهبی ومواجهه تیار التکفیر و التطرف".

و فی ما يلي نص المقال:

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی محمد و اله الطیبین الطاهرین وأصحابه الميامين
أتقدم بالتحية والاحترام للجمهور الكريم والأساتذة والإخوة والأخوات الأعزاء الذين يتابعون هذا البرنامج عبر الفضاء الافتراضي واستغل هذه الفرصة لكي أشكر من كل قلبي منظمي هذا المؤتمر والمشاركين فيه  خاصة رئيس مجمع تقريب المذاهب ومعاونيه الاعزاء.
  من الأهداف النبيلة لرسالة الأنبياء والمرسلين محاربة الظلم والاستكبار وإحلال السلام وترسيخه وتحقيق العدل في العالم.
  كانت حياة الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم وقادة الإسلام العظماء قائمة على خلق مدينة إسلامية وإنسانية مثالية يسود فيها التوحيد والتقوى والسلام والطهارة والأخوة.
  يعتبر الرسول الكريم (ص) فلسفة رسالته أخلاقية ومأسسة للأخلاق وكرامة الإنسان حيث قال (بعثت لاتمم مکارم الاخلاق)
كما أن الله تعالى يصف ويثني على نبي الإسلام الحبيب بوصف عظيم حيث قال تعالى في القرآن الكريم(وانك لعلى خلق عظيم).
كل هذه التوصيات والتمجيد والتكريم للأخلاق والكرامة الأخلاقية تبين أنه إذا لم تسود الأخلاق في المجتمع فلن يتم إقامة العدل ، وإذا قمنا بإضفاء الأخلاق في المجتمع عندها سيتم توفير قاعدة لإقامة العدل والسلام والصداقة والأخوة والعلاقات الإنسانية الصحيحة والبناءة.
في الحقيقة كان من أسرار نجاح الرسول الكريم في جذب الناس وتبليغ الدعوة الاسلامية  والانتشار السريع للإسلاموالميل السريع والقوي للجميع نحو الإسلام هو المعاملة الطيبة والسلوك الحسنللرسول الكريم وصداقته.
  يصف القرآن الكريم سلوك الرسول الاكرم (ص) في الآية الكريمة: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)لذلك يؤكد الله تعالى على فضل رحمته في معاملة الرسول الكريم الحسنة واللطيفة مع الناس الذي ولو لم يعمل بهذا الاسلوب لهرب الناس ونفروا من حوله.
 
يظهر تاريخ صدرالإسلام حقيقة أن رسول الله  بصفته نذير التوحيد وحامل السلام والعدل ، استطاع أن يجمع المجتمع العربي المنقسم والمشتت بأخلاق كريمة وسلوك طيب وأخوة إسلامية على محور التوحيد والتقوى.
  بالرجوع  إلى تاريخ الإسلام ، كان تظهر الأوامرالتي أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلمكقائد حرب  الى الجنود أثناء المعارك حيث كان يحذر الجنود دائمًا من عدم قطع الاشجار وعدم الاعتداء على كبار السن والأطفال والنساء  وعدم سكب السم في مياه الاعداء وعدم تلويث البيئة  وغيرها من التوصيات الهامة من هذا النوع، كل ذلك يدل على أن الإسلام من حيث المبدأ حتى في موقع الحرب مع العدو يحترم كرامة الإنسان والمبادئ الأخلاقية ويلتزم بها بدقة.
لم يكن هناك أي عنف وإكراه في الدعوة الى دين الاسلام أثناء حياة الرسول (ص)، حتى أنه رفض اقتراح بعض المسلمين في وجوب اعتناق أبنائهم الإسلام ، وبرهن لهم ذلك من خلال الآية الكريمة (لااکراه في الدین قد تبین الرشد من الغي). كما أكد على ذلك الزعيم الراحل لاستقلال الهند المهاتما غاندي حيث قال  إنه لا يوجد عنف وإكراه في دين الإسلام.
وبدورها فإن الحياة الشخصية لنبي الإسلام هي علامة ومثال لرفض فلسفة العنف والإكراه في موضوع الأديان.
وللأسف فإن أعداء الإسلام ينسبون الافتراءات غير المبررة إلى نبي الإسلام ويتهمون الإسلام ظلماً بالسعي للعنف.
ومع ذلك ، فإننا مقصرين أيضًا في هذا الصدد وعلينا أن نعتذر للرسول (ص) عن عدم تعريفنا لحياته الطيبة والحبيبة وسلوكه الرحيم مع الآخرين للعالم غير المسلم أو حتى المسلمين أنفسهم.
  ومع ذلك من المهم الإشارة إلى أن فكر الإسلام قد شدد دائمًا على احترام القيم الإنسانية والحفاظ على كرامة الإنسان في الحروب التي لا مفر منها.
لذلك فإن الاستراتيجية الأساسية للإسلام هي حفظ حقوق الآخرين وصيانة  كرامة الإنسان وتقوية روح الأخوة الإسلامية بأخذ الإلهام والعبرة من الحياة العملية وسلوك نبي الإسلام  الكريم وأهل بيته الطاهرين المعصومين عليهم السلام .
في يومنا هذا، يعمل أعداء الإسلام والاستكبار العالمي على خلق الفرقة والفتنة في المجتمعات الإسلامية باستخدام جميع أنواع الأساليب الدعائية والإعلامية ، كما أنهم يقوموا بسب وإهانة القرآن الكريم والنبي والمقدسات والقيم المقدسة من إسلامنا.

إن أهم ما يهدد العالم الإسلامي اليوم هو خطر الجهل والإهمال والجهل وعدم الوعي لطرق تسلل العدو وخططه الخطيرة والمضللة.
يحذر الإمام علي (ع) من نوعين من التسلل من قبل العدو، أحدهما التسلل من قبل العدو عبر الحدود الجغرافية ، والآخر هو التسلل الخفي والسري بالكامل الذي يحدث من خلال الحدود الفكرية والعقائدية.
أما التسلل الجغرافي فإنالانسان يرى تأثير العدو علانية ويراقب ذلك بوضوح بعينيه وبصره  وخطر هذا العدو واضح جدا.
لكن في التسلل  السري للعدو، حيث يضع نفسه متعاطفًا وشريكًا ويدخل عن طريق الإحسان والتعاطف و يصعب التعرف عليه وخطره أكبر بكثير.
  وفي يومنا هذا احدى مشكلاتنا الاساسية هؤلاء الأعداء الذي حاربهم أمير المؤمنين علي (ع) في زمانه وحذر الناس من هذا النوع من الاعداء فقال (اِحذَرُوا عَدوّا نَفَذَ في الصُّدورِ خَفِيّا ، و نَفَثَ في الآذانِ نَجِيّا )
أحيانًا يصبح العدو مربية ألطف من الأم ويعلمنا الأخلاق والعقائد الإسلامية
مثلما يعلم الغربيون والديكتاتوريون الذين يدعون الديمقراطية وحقوق الإنسان ، والذين يدوسون علانية على الحرية وحقوق الإنسان في البلدان الواقعة تحت سيطرتهم، يقومون ويعلمون الآخرين عن الديمقراطية والعمل الخيري  في الوقت نفسه الذي ينتهك فيه الأمريكيون والأوروبيون أدنى حقوق الإنسان ويدعون إلى حقوق الإنسان لخداع الرأي العام العالمي.
  من الغريب حقًا أن التاريخ لا يزال يعيد نفسه الى درجة أن أوضاع  أعدائنا اليوم تشبه الى حد كبير أحوال الأعداء في صدر الاسلام واليوم ، فإن الواجب الديني والوطني الأعظم للمجتمعات الإسلامية، وخاصة علماء الدول الإسلامية الملتزمين والمهتمين، هو حماية العالم الإسلامي ومنع إثارة التوتر والفتنة والتشتت، والحث  والتأكيد على تحقيق الوحدة الإسلامية والأخوة.
والعمل على تجاهل المصالح الفردية والطائفية والمذهبية والحزبية  والنظر الى مصالح الأمة الإسلامية بدلا من ذلك التي تقربنا من الكمال الأسمى للإنسان الإسلامي ، لذلك يجب أن نحاول ألا نضحي برسالتنا الإلهية المهمة من أجل المصالح الفردية والقبلية.
إن كرامة الإنسان وعزته يتطلب منا أن نقف على أقدامنا وألا نعول على الأجانب لأن الثقة والاعتماد على الآخرين الذين يرددون دائمًا شعار (فرق تسد) لن يجلبوا لنا التعاطف ولن يحلوا مشاكلنا فحسب، بل سيؤدي اعتمادنا عليهم إلى الانقسام والتشتت في صفوف الأمة الإسلامية.
 
  في النهاية ، أود مرة أخرى أن أعبر عن امتناني وشكري لجميع العلماء والأساتذة المحترمين من الحضور والمشاركين في تنظيم مؤتمر الوحدة الإسلامية العالمي السابع والثلاثين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته