حديث التقريب .. العطار النيسابوري
بمناسبة يوم العطار النيسابوري
13 ابريل نيسان
العطار النيسابوري (أو النيشابوري)، هو فريد الدين أبو حامد العطار، ولد في مدينة نيسابور عام 513هـ، وهو أحد الأعمدة الثلاثة للعرفان (أو التصوف) في إيران، وه على التوالي : سنائي الغزنوي، وفريد الدين العطار، وجلال الدين الرومي.
ولقبه العطار نسبة الى ماكان يمتهنه من الطبابة بالأعشاب وهو إضافة الى ممارسته مهنة الطب كان فقيها ومحدثًا وعالماً بالقرآن والحديث والتاريخ غير أن شهرته كانت في الأدب القصصي العرفاني (الصوفي) وخاصة كتابه (منطق الطير) المترجم الى اللغة العربية واللغات الأخرى والكتاب منظومة شعرية تتميز بالأسلوب الأدبي الجذّاب وبالخيال البارع، وبالعمق العرفاني.
إنها قصة طيور اجتمعت لتنتخب من يدبّر شؤونها، وسمعت بأن طائرًا يسمّى سيمرغ (والكلمة فارسية تعني ثلاثين طيرًا) يستطيع أن ينهض بهذه المهمة، فتحركت، وقطعت الفيافي والوديان، وتأخر بعضها وتخلّف عن الركب وبقي فقط في نهاية الطريق ثلاثون طيرًا، وبعد هذا الجهد الجهيد وصلت الى الطائر الذي سارت من أجله وهو (السيمرغ)، فوجدت أنه هو هذه الثلاثون طيرا التي واصلت الطريق، أي إن ماكانت تبحث عنه هو نفسها. أي إن الباحث للوصول الى الحقيقة يجب أن يبحث عنها في نفسه.
وهذا هو الذي ذكره في البيت المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع):
دواؤك فيك ومــــــــا تبصـــر وداؤك منك ومــــــــا تشعـــر
أتزعم أنك جـــــــــرم صغيـــــر وفيك انطوى العالم الأكبر
والعطار مثل غيره من العرفاء، يبتعدون عن التعصب حتى احتار الباحثون في مذهبه أهو سنيّ أم شيعي، وذلك بسبب رفضه للتعصب والمتعصبين الطائفيين. يقول في مقدمة (منطق الطير).
«يا من وقعت أسير التعصب وبقيت أسير الحبّ والبغض، إن كنت تفخر بالعقل وللب، فكيف وقعت أسير التعصب؟!»
كما كان مترفّعًا في حياته وبعيدًا عن السقوط في الاطماع الدنيوية وفي منطق الطير يقول ما ترجمته:
«شكرًا لله فلم ألجأ الى قصر، ولم أكن ذليلا لكل حقير» انشغال العطار بفنون وعلوم مختلفة لم يصرفه عن التأليف فقد وصلنا منه اسرار نامه (كتاب الاسرار) وپندنامه (كتاب الموعظة) وإلهي نامه (كتاب الالهيات) وغيرها وعددها تسعة مؤلفات. وجميع هذه الكتب شعرية، وله في النثر كتاب (تذكرة الأولياء) الذي تناول بالشرح والدراسة أحول كثير من مشايخ التصوف، ويقع في جزئين كبيرين.
تُرجم كتاب (منطق الطير) منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الى التركية القديمة والحديثة والانجليزية والفرنسية والهندية والالمانية والايطالية والروسية والسويدية، أما عن ترجمات ذلك الكتاب الى اللغة العربية فقد نشر ابراهيم أمين الشواربي عام 1954 جزءًا منه، أما أول ترجمة عربية كاملة فكانت للدكتور بديع جمعة وطبعت عدة طبعات كان أولها عام 1975. كما اقتُبست من أعمال العطار عروض أعمال مسرحية عالمية وعربية.
هذه الشهرة العالمية للعطار هي من مفاخر الخطاب الإنساني للدائرة الحضارية الإسلامية، وهي دلالة كبيرة على أن الخطاب الأدبي الإسلامي يمكن أن يحقّق وحدة للأمة الإسلامية بل للبشرية جمعاء.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية