وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 344/
المنصف في نظره وتدبره أن ينظر ويتدبر فيتفهمه على وجهه الحق ويدرك إشارته وإيحاءه.
الآيات الأربع الأولى تقرر هذه القضايا:
وقد بدأت سورة الأنعام فركزت اتجاهها نحو هذه القضايا الثلاث بآياتها الأربع الأولى، فقررت في أولاها: " الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " ما يوجب النظر فيه توحيد الله سبحانه في الألوهية، وأثبتت له في سبيل ذلك استحقاق الحمد بحقيقته الشاملة لجميع أنواعه وصوره، وأهابت بالعقول إلى أنه هو الذي خلق العالم العلوي والعالم السفلي في مادته وجوهره في أعراضه وخواصه وآثاره، وإذن فليس أحد غيره يستحق شيئا من الحمد والثناء، لأنه هو وحده مصدر النعم كلها ومصدر الخير كله، وليس شيء مما ينتفع به الناس من أرضي أو سماوي إلا وهو أثر قدرته، ومن فيض نعمته ورحمته، فهو إذن المنعم على الاطلاق، وهو إذن القادر على الإطلاق، والمتصرف على الإطلاق، والمدبر والمهيمن على الإطلاق، ولا يصح في عقل أن يتجه بالعبادة والتقديس إلى غير من عظم سلطانه، ونفذت قدرته وعمت نعمته، وما أبعد هؤلاء " الذين تنكبوا طريق الوجدان السليم والعقل المستقيم، وعدلوا أو تشككوا في هذا الوضع البين الواضح، وعبدوا غير المنعم القادر، واتخذوا من خلقه أندادا يعبدونهم من دونه " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ".
وقررت ثانية الآيات الأربع ما يوجب الايمان بقضية البعث والجزاء: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون " وإذا كان الله هو الذي خلق الإنسان من طين وعاقب عليه أطوار الخلق، وسار به في طريق النشوء والارتقاء، حتى وصل إلى درجة الكمال العقلي التي بها يتصرف في الكائنات، والتي بها يسخر في منافعه الأرض والسموات، فكيف يمترى هذا الإنسان ويشك في أن له نشأة أخرى، هي حياة البعث والجزاء، حياة الكمال