وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 284/
ومنكر هذا النزول المعنوى يضطر إلى تناول النزول على القلب ليبين معدن العقل هو القلب أو الدماغ، وهو ما يعرض له الفخر الرازي في تفسيره، ويورد في ذلك آراء القدماء والمحدثين والاستدلال لكل رأي.
إلا أن الزمخشري يدركه التوفيق فيفطن من ذلك إلى خاطرة نفسية دقيقة يكشف بها غبار الموقف، إذ يعلق قوله تعالى: " بلسان عربي مبين " بالفعل " نزل " ويجعل المعنى هكذا: " نزل باللسان العربي لتنذر به، لأنه لو نزله باللسان الأعجمي لتجافوا عنه أصلا، ولقالوا ما نصنع بما لا نفهم، فيتعذر الانذار به، وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لأنك تفهمه وتفهمه قومك، ولو كان أعجمياً لكان نازلا على سمعك دون قلبك لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها، فقد يكون الرجل عارفا بعدة لغات، فإذا ما كلم بلغته التي لقنها أولا ونشأ عليها وتطبع بها لم يكن قلبه إلا إلى معاني الكلام يتلقاها بقلبه ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت، وإن كلم يغير تلك اللغة ـ وإن كان ما هراً بمعرفتها ـ كان نظره أولا في ألفاظها ثم في معانيها، فهذا تقرير أنه نزل على قلبه بلسان عربي مبين ".
فبذلك المنهج النفسي في فهم حال المتكلم بلغة الأم، وحال المتكلم بغيرها كشف الزمخشري ظلمة الموقف، وهوّن الأمر حتى جعل الاحتجاج بالآية على النزول بالمعنى دون اللفظ يبدو واهنا ضعيفاً.
وليس يحتاج إلى فهم الجوانب النفسية بإزاء الآيات التي يثور حولها مثل هذا الخلاف فقط، بل في الآية لا خلاف فيها مطلقا قد ترفع الملاحظة النفسية إلى أفق باهر السناء، خليق بذلك الإعجاز الذي تحدى به الجن والانس ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
يقول علماء النفس إن عقدة النقص أو مركب النقص ـ كما يسمونه أحيانا ـ هو الشعور بالنقص في ناحية من النواحي التي يحاول الشخص بطريقة لا شعورية أن يعوضها بجهود عظيمة يبذلها ليثبت تفوقه في ناحية أخرى.