وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 116/
عن أحد منهم شيئا، وكأين من أم رءوم ألقت برضيعها ذاهلة، ثم افتقدته باكية معولة، فإذا هو جثة هامدة طافية مع السيل، أو عالقة بأغصان الشجر.
* * *
لو أن امرا مؤمنا خشى أن تكون هذه الاحداث بوادر غضب الهى يوشك أن ينزل بالناس فيوبقهم بما كسبوا; لماكان مبعدا، فقد ضل البشر سواء السبيل، ولجوا في طغيانهم يعمهون، وعتوا عن أمر ربهم ورسله، وجنحوا إلى الظلم، واصطلحوا على البغى، وتعاونوا على الاثم والعدوان، وتبادلوا الحقد والشنآن، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فأكلوا الاموال بالباطل، وسفكوا الدماء التي حرم الله، واستلبوا الحقوق
الواضحة، اعتمادا على القوة الجامحة، ودبر بعضهم لبعض أفانين الكيد، وأحابيل الختل، وتباروا في استحداث أسباب الفناء والاستئصال، وسخّروا كل شيء في الفساد وقد خلقه الله للصلاح، وهكذا ملئوا الأرض جورا، وقلبوا الخير شرا، وبدلوا نعمة الله كفراً، وأحلوا قومهم دار البوار.
وقد جرت سنة الله في خلقه - إذا فشا الفساد والمنكر، وعم الظلم والبغى - أن ينذرهم متدرجا بهم، فيأخذهم بالبأساء والضراء، ويبلوهم بشيء من الجوع والخوف، ونقص من الاموال والانفس والثمرات لعلهم يتضرعون، فإذا قست قلوبهم، وأعرضوا عن آيات ربهم، واستكبروا في الأرض بغير الحق، وعلم الله فيهم أنهم لم يعودوا أهلا لما كرمهم به من الخلافة في الأرض، قضى إليهم أجلهم، واستبدل بهم قوما غيرهم.
تلك سنة الله في خلقه، ولقد عرفها آدم وزجه بعد أن زين لهما الشيطان أن يعصيا ربهما ويخرجا عن أمره: ((قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا بشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى)) .