وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 399/
وعلى هذا الأساس أظن أنه قد وضح معنى الدى الذي ينتهي إليه ربط الإسلام بين الدين والدولة. بمعنى أن يتعدي هذا الربط، ربط الأخلاقي بالسياسة، وبعبارة أُخرى، إن الإسلام لا يجرد السياسة من المبدأ الخلقي بل يثبته فيها، لتكون أداة خير وعنصر سلام، لا وسيلة شر ودسار، كما أوصلها إليه الديبلوماسية الغربية، تحت وصاية تعاليم ميكيافيليّ.
على أن يجب أن ننبه إلى أن هذا المبدأ ليس على إطلاقه، بل فيه فسحة، تجعل المبدأ السياسي في الإسلام على شئ كبير من المرونة مع المحافظة على أصوله وهذه المرونة تضيق ونتسع تبعاً لمصلحة المسلمين وخطط عدوهم.
ففي الحقل الديبلوماسي مثلا وإن كان الدستور القرآني يوصي بحفظ العهود الدولية ـ (يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) ـ كأصل من أصول الديبلوماسية الإسلامية. إلا أننا نجدد يجيز فسخ العهود إذا بدا من الحليف ما يعد مخالفة لما تم الانفاق عليه (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين... وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله... إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا، ولم يظاهروا عليكم أحدا، فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، إن الله يحب المتقين).
هذا في حالة المخالفة الظاهرة، أما في حالة المخالفة المستترة، والنقض المبيت فقد وضع مبدا جواز الفسخ بمجرد توقع هذا النقض فقال: (وإما تخافن من قوم خيانة، فانبذ إليهم على سواء) وقد قرر فقهاء المسلمين في مثل هذه الحال أنه لابد من أن يعطي العدو مهلة كافية لبلوغ غلبة بهذا الفسخ ليتقي الغدر.
ونستطيع أن نقدر مرونة الديبلوماسية الإسلامية مع خضوعها إلى المبدأ الأخلاقي، في القاعدة التي وضعها الدستور القرآني في هذا الشأن وهو قوله: (فما استقاموا لكم، فاستقيموا لهم) أي أن علاقة المسلمين السياسية مع أعدائهم علاقة سياسية مرنة كل المرونة، تستهدف مصلحة المسلمين بالدرجة الأولى، دون