وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 370/
ليرضوا به نفوسهم، وأن مبعث ذلك هو الحسد الذي يأكل قلوبهم ويثير حفائظهم كلما رأوا المؤمنين في خير وعزة واستقامة وصلاح، ومن شأن الحاسد ألا يطيق النعمة يرى آثارها على من يحسده فهو يعمل كل ما يستطيع لافسادها أو إزالتها، ثم يذكر الله لنا أن هذا الحسد الذي يأكل قلوبهم على المؤمنين، والذي يجعلهم شديدي الحرص على ارتدادهم إلى الكفر بعد الايمان إنّما هو حسد العالم المدرك الذي لم يغب عنه الحق، ولم يشتبه عليه الصواب، والحسد إذا كان ممن يعلم قيمة النعمة ويدك فضلها وعظمها، يكون أخطر وأشد من حسد الجاهل الغافل، لأن الأول يكون عميق الاحساس بفضل المحسود، خبيراً بما أوتى من خير فحسده يكون قوياً خطيرا ذا آثار عملية، أما الآخر فان شعوره بنعمة المحسود، وتقديره لقيمتها محدودان، فيكون حسده بمقدار ادراكه ليست له خطورة، وقد أمر الله المؤمنين بالعفو والصفح حتى يأتى الله بأمره، فقال بعض المفسرين ان الأمر بهما كان قبل الاذن بالقتال، وقال بعضهم: إنّما أمر بالصفح والعفو عن ذلك لأنه لم يتحدث الا عن الخطرات القلبية النفسية، وهي رغبة أهل الكتاب في ارتداد المؤمنين كفارا، وليس من المعهود أن يعاقب الناس على ما في قلوبهم مما لم يبرز في أفعالهم، ومهما يكن من شيء فان الأمر بالعفو والصفح عنهم يتضمن الأمر بأن يكون المؤمنون أعزة أقوياء، قادرين على العقوبة وتأديب من يقف في سبيل دعوة الحق، لأن العفو والصفح لا يتصوران الا من القادر المستطيع، أما العاجز القاصر فلا يطلب منه العفو والصفح، ولكن يطلب منه الصبر، فالآية توحى إلى المؤمنين بأن يكونوا من القوة والعزة والاستعصام بالعلم واليقين بحيث لا يضرهم ما تنطوى عليه نفوس أعدائهم من الرغبة في زلزلتهم، والحرص على اخراجهم من دينهم، فانهم إذا كانوا كذلك لم يؤثر فيهم أعداؤهم، ولم يضرهم أن يغضوا عنهم احتقاراً لهم، واستهانة بهم، كما يغض القوى الراسخ عن الضعيف العاجز.
والآية الثانية تبين لنا اصرار فريق آخر من أعداء المؤمنين على محاربتهم حربا لا غرض لها الا ردهم عن دينهم ان استطاعوا، ثم تحذر المؤمنين من الضعف أمام