وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 289/
تقتضيه حالته السابقة، ولا يتعدى هذا التعبد الآثار الشرعية إلى غيرها، وعلى هذا يكون الاستصحاب حجه شرعية متبعة في موردين فحسب، فيما إذا كان المستصحب نفسه حكما شرعياً وفيما إذا كان موضوعاً لحكم شرعى بجيث يكون الحكم لازماً للمستصحب نفسه، ولا حقاً له من غير واسطة عقلية أو عادية، أما لو كان الحكم أثر الشيء، وهذا الشيء لازم من لوازم من لوازم المستصحب، أى ينتهى إليه بواسطة غير شرعية، فلا يعتمد في مثله على الستصحاب، ومثاله لو تردى كبش من شاهق، وذبح بعد التردي، وجهلنا أن الذبح كان حال استقرار الحياة بحيث استند خروج الروح إلى الذبح لا إلى التردى كى يحل الأكل منه، أو أن الذبح حصل عند النفس الأخير للكبش، وأن روحه خرجت بسبب التردى لا بسبب الذبح، كى يحرم لحمه، فليس لنا ـ والحالة هذه ـ أن نستصحب حياة الكبش الثابتة قبل التردي، ونحكم باستمرارها إلى زمن الذبح، لأن هذا يرجع إلى الملازمة العقلية لإثبات وقوع الذبح حين الستقرار الحياة، والمفرض أن الاستصحاب أصل شرعى لا عقلي، وبتعبير ثان، ان جواز الأكل ليس حكما للحياة نفسها، وإنما هو حكم للذبح الصحيح، وهذا الذبح لم يثبت بطريق الاستصحاب، بل ثبت بطريق الملازمة العقلية لا ستصحاب الحياة أى إن الموضوع الشرعى تبت باستصحاب غيره لا باستصحابه بالذات.
واصطلح المتأخرون على تسميه هذا النوع بالأصل المثبت، جازمين ببطالنه، واعتمد عليه السلف في العبادات والمعاملات مثبتين به كثيرا من الأحكام الشرعية نقل منها من تأخر عنهم جملة وافرة في باب الستصحاب، وانتقدها بما قدمنا بيانه.
والخلاصة أن الستصحاب لا يتحقق إلا بوجود ركنيه: يقين سابق، وشك لا حق، ولا يكون حجة متبعة إلا في الأمور الشرعية فحسب.
وأقف عند هذا الحد مخافة أن لا يتسع صدر القراء للمزيد، وأحسب أن ما ذكرته يصلح مثلاً للفرق بين القديم والجديد من أصول الفقه للشيعة الإمامية كما يصلح شاهدا لفتح باب الجتهاد عندهم، وعدم تقييدهم بأقوال السلف قلَّت أم كثرت؟