وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 367/
الخليل وولده (عليهما السلام)، وتنبه النفوس المؤمنة إلى مبدأ التضحية في سبيل الله وطاعته بأعز شئ لديها " وفديناه بذبح عظيم ".
على ان في العمل بهذه القربة سراً اقتصادياً يرجع إلى سكان البادية، ولعله من مصداق دعوة أبيهم إبراهيم حين قال: " ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " ذلك أن الماشية رأس مال أهل البادية، وموسم الحج هو السوق التي تنفق فيه هذه السلعة، عن رغبة لا مشقة فيها، وبذا يحصلون على أرزاقهم من أعمالهم ومن ثمن أموالهم دون أن يتعرضوا لذل السؤال أو يترقبوا المن والعطاء.
من هذا يتضح جلياً أنه لا يجوز للمسلمين ان يفكروا في استبدال النقود بالهدى أو الأضاحي التي طلبها الشارع بذاتها، إقامة للتصدق بثمنها مقامها إذ ليس القصد هو التصدق وإنما القصد ـ كما قلنا ـ التقرب بها نفسها، وإننا لو أبحنا لأنفسنا هذا النحو من التفكير ـ بناء على ما نظن من حكم للتشريع ـ لا نفتح علينا باب التفكير في التخلي عن الأعداد والكيفيات التي طلبت في كثير من العبادات، ولأمكن لقائل أن يقول: إن الغرض من الصلاة هو الخضوع ومراقبة الله، وهما معنيان يحصلان بالقلب، وبأي مظهر من مظاهر الخضوع والمراقبة، فليست هناك حاجة إلى ركوع أو سجود أو غيرهما من كيفيات الصلاة الخاصة! وبذلك ينفتح باب الشر على مصراعيه، ولا يقف ضرره عند حد الأضاحي وفدية الحج.
أما ما يبررون به مثل هذا التفكير من أن لحوم الذبائح تتكدس في منى، وتترك للتعفن المفسد للجو، أو للنار المذهبة للأموال، فهذه الحالة ـ إن صحت ـ ليست نائشة عن أصل التشريع الذي هو خير كله، وإنما نشأت عن عدم التنظيم وعدم الالمام بأحكام الشرع، فإن الشرع لم يطلب من كل حاج أن يذبح، ولم يوجب ان يكون الذبح ـ فيما يطلب في الذبح ـ في خصوص منى ولا مجزرتها، ولا في اليوم الأول من أيام النحر، فأيام النحر كلها زمن للذبح، والحرم كله مكان الذبح، والذبح لا يطلب عينا إلا في حالات مخصوصة، وما عداها فالحاج مخير بينه وبين غيره من صدقة أو صيام.