وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 289/
الآراء والعلم والخبرة، وحرية الفرد وعظم مسئوليته عن الجماعة: كل ذلك ينتج خلافا في الرأي. لا في الدين، ولا يصدع وحدة، وأن كل أمة متمدنة لابد لها من حكومة. والحكومة في كل مكان وزمان هي الحكومة، وإنما تختلف بالمبادئ والدساتير التي تحكم بها وترعى بمقتضاها المحكومين.
وفي العصر العباسي الأخير استشرى الداء وعظم البلاد بقيام عدة أمراء للمسلمين. في بغداد وفي القاهرة وشمال إفريقية. وفي الاندلس، بل وغير هؤلاء من الأمراء المتغلبين الذين استقلوا بالأطراف في شرق الدولة وغربها. فاستبيح الوضع في الحديث والتاريخ. بل زور التاريخ في ماضيه وحاضره ليوافق الأهواء المختلفة لأمراء المؤمنين المختلفين.
ثم جاء كتّاب التاريخ المحدثون. فزادوا النار ضراما، ولونوا الخلاف الذي زعمه الاقدمون، بلون جديد تبعا لأساتذتهم من غير المسلمين فصوروا الخلاف تصويرا عصريا: فقالوا مثلا، حزب الأحرار (عن الانصار) ويرون كذا وكذا وهم أمعن في الديمقراطية من غيرهم. وقالوا. الحزب الارستقراطي (عن قريش) ويرون كيت وكيت. وقالوا: الحزب الهاشمي المتحد وهو أمعن في الارستقراطية إذ يرى لزعمائه حقا إلهيا مقدسا... إلى آخر ما قالوا، وبهذا يفهمون الناشئة أن ذلك الخلاف الأول كان خلافا على المبادئ الجوهرية، مع أنه ان صح وجود خلاف فهو على الوسائل لا على المبادئ فالدين واحد وأحكامه ومقرراته واحدة عند الجميع لم يقع فيها خلاف حتى الان.
وقد لاحظت أن المؤرخين الأقدمين من الفرق المختلفة كتبوا ما كتبوه تحت ضغط التعصب، وسلطان التفرق، فتنابزوا، وجرح بعضهم بعضا، واندفعوا في مخالفات للواقع اصطنعوا لها الأدلة، ونسب كل منهم إلى الاخر ما يحرمه الدين بل يكاد كل منهم يفرض على أشياعه كراهية المخالفين لهم كراهية دينية، ولعل بعض هؤلاء وبعض أولئك كانوا يتقاضون أجر تجريح المخالفين لحكامهم، وثمن الوضع والتزييف، ولعل بعضا آخر كان معذورا امام تغالي المخالفين، فقد يعذر