@ 47 @ القرآن بل هي أكثر . وقد أرتبط بها اتباعه الذي هو ملاك سعادة الدارين ، والحياة الأبدية بلا مين كيف وما الحق إلا فيما قاله أوعمل به أو قرره أو أشار إليه ، أو تفكر فيه أو خطر بباله أو هجس في خلده واستقام عليه . فالعلم في الحقيقة هو علم السنة والكتاب ، والعمل ، العمل بهما في كل إياب وذهاب ؛ ومنزلته بين العلوم منزلة الشمس بين كواكب السماء ، ومزية أهله على غيرهم من العلماء ، مزية الرجال على النساء ، ( ( وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ) فياله من علم سيط بدمه الحق والهدى ، ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العلى . وقد كان الإمام محمد بن علي بن الحسين عليه السلام يقول : ( ( إن من فقه الرجل بصيرته أو فطنته بالحديث ) ) . ولقد صدق ، فإنه لو تأمل المتأمل بالنظر العميق ، والفكر الدقيق ، لعلم أن لكل علم خاصية ، تتحصل بمزاولته للنفس الإنسانية كيفية من الكيفيات الحسنة أو السيئة ، وهذا علم تعطى مزاولته صاحب هذا العلم معنى الصحابية ، لأنها في الحقيقة هي الاطلاع على جزئيات أحواله ، ومشاهدة أوضاعه في العبادات والعادات كلها . وعند بعد الزمان ، يتمكن هذا المعنى بمزاولته في مدركة المزاول ، ويرتسم في خياله بحيث يصير في حكم المشاهدة والعيان . وإليه أشار القائل بقوله : .
( أهل الحديث هموا أهل النبي وإن % لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا ) .
ويروي عن بعض الصلحاء أنه قال : ( ( أشد البواعث وأقوى الدواعي لي على تحصيل علم الحديث لفظ ( ( قال رسول الله ) ) . فالحاصل أن أهل الحديث ، كثر الله تعالى سوادهم ، ورفع عمادهم ، لهم نسبة خاصة ، ومعرفة مخصوصة بالنبي ، لا يشاركهم فيها أحد من العالمين ، فضلا عن الناس أجمعين . لأنهم الذين لا يزال يجري ذكر صفاته العليا وأحواله الكريمة وشمائله الشريفة على لسانهم ، ولم يبرح تمثال جماله الكريم ، وخيال وجهه الوسيم ، ونور حديثه المستبين ، يتردد في حاق وسط جنانهم ، فعلاقة باطنهم بباطنه العلي متصلة ، ونسبة ظاهرهم بظاهرة النقي مسلسلة . فأكرم بهم من كرام يشاهدون عظمة المسمي حين يذكر الأسم ، ويصلون عليه كل لمحة ولحظة بأحسن الحد والرسم ) ) .