@ 196 @ يتصل بها من جهاتها الأربع مماشي تمضي إلى قباب أخر منتخبة أيضا وطول هذا البستان ينيف على مائتي خطوة تقريبا وعرضه قريب من ذلك وهذا القدر هو مساحة ما بين القصرين أعني الدار الكبرى والقصر الأخضر ثم أصلح هذا الخليفة جامع المنصور الذي بالقصبة إذ كان متهدما يومئذ ثم أسس مسجدا آخر للخطبة بجوار قصره وهو المعروف اليوم بمسجد بريمة وهو مسجد حافل بديع وبنى مدرستين لطلبة العلم بالقصبة المذكورة وبنى حماما ببريمة وعمر مساجد غير ذلك للأحرار والعبيد وفرق الأموال على من انحاش إليه منهم لعمارة مساكنهم وبناء دورهم بعد أن كانت من الطين والقصب وكتب الكتائب وجند الأجناد فاجتمع لديه من العبيد ألف وخمسمائة كلهم فارس شاكي السلاح ومن عبدة وأحمر مثل ذلك ومن الرحامنة وأهل الحوز ألف فارس كذلك .
ولما خرج العبيد بمكناسة على والده وقدموا عليه بمراكش مبايعين له عاتبهم وقدم مكناسة وأصلح بينهم وبين والده كما مر .
ولما كانت سنة تسع وستين ومائة وألف غزا بلاد السوس ودوخها ومهد أقطارها وجبى أموالها وقرر الحامية بتارودانت منها ثم سار إلى آكادير فقبض على الطالب صالح الثائر به والمستبد بمال مرساه فسجنه واستصفى أمواله التي استفادها من المرسى ورتب الحامية في آكادير أيضا ثم إن الطالب صالحا المذكور ذبح نفسه في السجن وأفضى إلى ما قدم بعد أن ترك في القطر السوسي صيتا وذكرا وهو الذي يوجد طابعه على السلاح السوسي من مكحلة وسكين وخنجر إلى الآن وهو سلاح منتخب عندهم .
وقفل الخليفة سيدي محمد رحمه الله إلى مراكش مؤيدا منصورا فمكث فيها أياما يسيرة ثم خرج غازيا بلاد الشاوية في السنة نفسها لما ظهر منهم من الفساد وقطع الطرقات ونهب المارة فقتل من أعيانهم عددا وبعث الباقي في السلاسل إلى مراكش .
ثم تقدم إلى أرض سلا فبات برباط الفتح وخرج إليه أهلها بالمؤن