[26] بغيرها من أساليب الصراع، وانما تنظر الطبقات السفلى إلى العليا نظر حب ورحمة واكبار، لانها لا ترى في الطبقات العليا مستغلين يريدون امتصاص دمائها وجهدها، وانما ترى فيهم رسل إصلاح ضحوا بمصالحهم في سبيل مصالح الجميع، وتنكروا لانفسهم وشهواتهم في سبيل الآخرين، فهم ليسوا مستغلين لان أكفهم لم تتعود غير العطاء. وفي مجتمع كهذا تنظر الطبقات العليا إلى السفلى نظرة رحمة وإشفاق وتحاول جهدها أن تنشلها من الوهدة التي قبعت فيها إلى الافق العالي حيث يقبل جبينها نور الشمس. لاصراع ولا تناحر لان الطبقات هنا لم تنحط عن القمة لانها منعت من الصعود. لاصراع ولا تناحر لان الاجنحة التي يحلق بها الانسان هنا ليست شئ خارجا عن النفس يملكه فريق ولا يجده الآخرون، وانما هي شئ ينبع من النفس.. هي أنت بما أودع الله فيك من إمكانات الصعود، ولم تبق حيث أنت لانك لا تملك هذه الامكانات، وانما لانك فضلت واقعك اللاذ على الافق العالي حيث الثمن هو التضحية وانكار الذات. في مجتمع كهذا يحتل الاقتصاد مرتبة ثانوية من حيث التقويم، فإذا اتخذه الانسان وسيلة لنشر الفضيلة كان مزية يحمد عليها، وإلا كان رذيلة لا تهبه قيمة ولا تسبغ عليه قدرا. واخرى تكون القيمة العليا للحياة هي الاقتصاد.. النجاح المادي الخارق القائم على تكديس الاموال وتراكم العقارات، حينئذ تتحدد المراتب الاجتماعية على هذا الاساس، فيرتفع إلى القمة أولئك الاغنياء الكبار ملوك المال والاعمال، ويقبع في الحضيض أولئك الذين لا يملكون شيئا أو يملكون شيئا قليلا، وتتفاوت مراتب الناس بين هاتين الطبقتين على مقدار ما يملكون. في مجتمع كهذا توجد طبقات كما رأيت، ولكن التفاوت الطبقي يأخذ صفة الصراع، لان ما سبب الانقسام الطبقي هو مصدر القيمة في المجتمع، ولان ________________________________________