[249] إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربه، والمغبون من غبن نفسه (1)، والمغبوط من سلم له دينه (2)، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انخدع لهواه وغروره. واعلموا أن يسير الرياء (3) شرك، ومجالسة أهل الدنيا منساة للايمان (4) ومحضرة للشيطان (5). جانبوا الكذب فإنه مجانب للايمان.. ولا تحاسدوا فإن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب، ولا تباغضوا فإنها الحالقة (6)، واعلموا أن الامل يسهي العقل، وينسي الذكر، فأكذبوا الامل فانه غرور، وصاحبه مغرور) (7). في كل هذا لا يدعو الامام إلى ترك الدنيا والانعتاق من أسرها، وإنما يدعو إلى تناولها برفق، ويدعو الناس إلى أن يكونوا كائنات سامية، تجمع الدنيا إلى ________________________________________ (1) المغبون: المخدوع. (2) المغبوط: الذي نال نعمة استحق بها ان تتطلع النفوس إليه، وأن ترغب في نيل مثل نعمته. (3) الرياء. أن تعمل ليراك الناس، وقلبك غير راغب في العمل. (4) منساة للايمان. موجبة لنسيان الايمان، والغفلة عنه. (5) محضرة للشيطان. مكان لحضوره. (6) فانها الحالقة. فان المباعظة الحالقة، أي الماحية لكل خير وبركة. (7) نهج البلاغة، رقم النص 84. ________________________________________