[243] وقال عليه السلام: (. فقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال، وحذر الاقلال (1) وأمن العواقب - طول أمل واستبعاد أجل - كيف نزل به الموت، فأزعجه عن وطنه، وأخذه من مأمنه، محمولا على أعواد المنايا (2) يتعاطى به الرجال الرجال، حملا على المناكب، وإمساكا بالانامل. أما رأيتم الذين يأملون بعيدا، ويبنون مشيدا، ويجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا وما جمعوا بورا (3)، وصارت أموالهم للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين) (4). وإذن فلم يغن عن هؤلاء تزييفهم لواقعهم، وغرورهم بأنفسهم، وحسبانهم أنهم خالدون. لقد دهمهم هذا الواقع وهم يحسبون أنهم في أمان، فهل أغنت عنهم أموالهم وهل حصنتهم قصورهم ؟ لا، لقد ذهبوا، فليكن لك فيما صار إليه أمرهم عبرة تدفعك إلى اليقظة، وترحض عنك الغفلة. ومن البين أن الامام عليه السلام في هذا اللون من مواعظه لا يريد الناس على أن يفروا من دنياهم، ويتركوا العمل لها، فقد رأيناه يكره هذا اللون من السلبية ________________________________________ (1) الاقلال: الفقر. (2) أعواد المنايا: النعش. (يتعاطى به الرجال.) يتداولونه تارة على أكتاف هؤلاء، وأخرى على أكتاف هؤلاء. (3) البور: الفاسد الهالك. وقال تعالى: (وكنتم قوما بورا) أي هالكين. (4) نهج البلاغة، رقم النص: 130. ________________________________________