[239] وما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف من عيبه إلا مخافة أن يستقبله بمثله. قد تصافيتم على رفض الآجل، وحب العاجل، وصار دين أحدكم لعقة (1) على لسانه، صنيع من قد فرغ من عمله وأحرز رضى سيده) (2). وقال عليه السلام: (.. قد اصطلحتم على الغل فيما بينكم (3)، ونبت المرعى على دمنكم (4)، وتصافيتم على حب الآمال، وتعاديتم في كسب الاموال، لقد استهام بكم الخبيث (5) وتاه بكم الغرور) (6). أرأيت إلى هؤلاء الذين جمعتهم الانسانية فوحدت غرائزهم وقواهم ومداركهم، ثم جمعهم الدين والوطن فوحدا آمالهم، وآلامهم، وأهدافهم، ومطامحهم، كيف جعلهم العمل للدنيا، على نحو جنوني، يفقدون أجل ميزاتهم ________________________________________ (1) عبر باللعقة عن الاقرار باللسان مع كونه مخالفا بالقلب. (2) نهج البلاغة، رقم النص: 111. (3) اصطلحتم: اتفقتم، والغل: الحقد. أي اتفقتم على تمكين الحقد في النفوس. (4) الدمن: جمع دمنة، وهي الحقد القديم. ونبت المرعى على دمنكم: أي أن حقد بعضكم على بعض مستور بظواهر النفاق فيما بينكم. وأصل معنى الدمن: نفايات الانسان من بطنه وأرواث الماشية وأبوالها، وسميت بها الاحقاد لانها أشبه شئ بها، وقد تنبت على هذه القذارات الاعشاب الخضراء فتسترها بمنظر جميل، يخفي تحته قذارة تعافها النفس، فهكذا الاحقاد الانسانية المخبأة تحت ستار من التصنع والرياء. (5) استهام: أصله من (هام على وجهه) إذا خرج لا يدري إلى أين يذهب، أي أخرجكم الشيطان من نور الفطرة وضياء الشريعة إلى ظلمات الضلال والحيرة. (6) نهج البلاغة، رقم النص: 131. ________________________________________