[18] وضرورته، والنزعة القبلية وعقابيلها، وشغب الغوغاء ونتائجه، ودعامات المجتمع ومقوماته، والطبقات الاجتماعية وآليتها - كل ذلك خصه الامام بمزيد من البحث والتفكير، وطبق النتائج التي اهتدى إليها على المجتمعات الاسلامية، ولولا ان اعداءه الاشرار شغلوه عن أن يفرغ لمهام العمل السلمي لبادهنا من أعماله شئ عظيم. وإن ما بين أيدينا من كلامه عليه السلام في المجتمع ليدل دلالة واضحة على انه راصد اجتماعي من الطراز الاول، وإن تقسيمة للطبقات الاجتماعية وتعريفه بآلياتها ليدخل في باب الحدس العبقري والالهام. ويقينا لو ان الشريف الرضي رحمه الله حفظ لنا كل ما وقع إليه من كلام أمير المؤمنين، ولم يؤثر الفصحيح الباذخ وحده لانتهى الينا من ذلك شئ عظيم. ولو ضم ما ضاع من كلامه إلى ما حفظ إلى زمان الشريف لانتهى الينا من ذلك شئ أجل وأعظم خطرا وقدرا (1). وسيكون مركز البحث في حديثنا هذا هو الطبقات الاجتماعية في نهج البلاغة. وقبل أن نأخذ سبيلنا إليه يحسن بنا أن ندخل في حسابنا أمرا بالغ الاهمية بالنسبة إلى بحثنا هذا، فلقد قلنا آنفا إن الامام لم يقصد إلى وضع أصول علم جديد، وانما فكر - كحاكم عادل - في شؤون المجتمع وخرج من تفكيره ________________________________________ 1 - صرح الشريف الرضي رحمه الله في مقدمة (نهج البلاغة) بأنه استجاب لرغبة الاصدقاء والاخوان في تأليف (كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا امير المؤمنين عليه السلام.. فاجبتهم إلى ذلك.. فاجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثم محاسن الكتب، ثم محاسن الحكم والادب). ________________________________________