[337] رجلا اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا. ويرى بين عينيه آل أبي العاص بلغوا ثلاثين وجاءوا يلعبون بالملك تلاعب الصبيان بالأكر، وقد اتخذوا مال الله دولا.. فهل تراه يخفق على ذلك كله، كأنه لا يبصر ولا يسمع ولا يعلم ؟ أو أنه يدوخ العالم بعقيرته ؟ ويلفت الأنظار إلى جهات الحكمة ووجوه الفساد. عساه يكسح شيئا من الشر الحاضر، ويسد عادية المعرة المقبلة وإن أسس هذا الدين الحنيف الدعوة إلى الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. (1) لقد ناء أبو ذر بهذه المهمة الدينية وهو الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، وما كان يلهج إلا بقوله تعالى: الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. ولم يشذ في تأويل الآية عما يقتضيه ظاهرها لأن مطمح نظره كان هؤلاء الذين ذكرناهم ممن جمعوا من غير حله، وادخروا على غير حقه، ولم يؤدوا المفترض مما استباحوه من المال واكتنزوه، ولذلك لم يوجه نكيره إلى ناس آخرين من زملائه ومعاصريه من أهل اليسار كقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي كان يهب غير الحقوق الواجبة عليه آلافا مؤلفة وقد عرفت شطرا من يساره في الجزء الثاني 8885. وكأبي سعيد الخدري الذي كان يقول: ما أعلم أهل بيت من الأنصار أكثر أموالا منا (2). وكعبد الله بن جعفر الطيار الذي دوخ الأجواء ذكر ثروته وعطاياه وقد فصلها ابن عساكر في تاريخه 7: 344325 وغيره. وعبد الله بن مسعود الذي خلف تسعين ألفا كما في صفة الصفوة. وحكيم بن حزام الذي كانت بيده دار الندوة فباعها من معاوية بمائة ألف درهم فقال له عبد الله بن الزبير: بعت مكرمة قريش. فقال حكيم: ذهبت المكارم إلا التقوى يا ابن أخي إني اشتريت بها دارا في الجنة أشهدك أني قد جعلتها في سبيل الله. وحج ________________________________________ (1) سورة آل عمران آية: 104. (2) صفة الصفوة لابن الجوزي 1: 300. ________________________________________