[ 172 ] فلما قال لى ذلك أرتبت به وقلت لو كان هذا من أصدقاء أخى الذين كاتبهم بتفقدي لكان قد علم مقصدي فقلت له كم كاتبك أخى أن تعطيني ؟ قال: ومن أخوك ؟ فقلت: أبو يعقوب بن الازرق الكاتب الانباري المقيم بمصر. قال والله ما سمعت باسم هذا الرجل قط ولا أعرفه، فورد على أعجب مورد فقلت: يا هذا إنى ظننتك صديقا له وإن ما عاملتني به من الجميل بسببه فانبسطت اليك بالطلب ولو لم أعتقد هذا لانقبضت فما السبب فيما عاملتني به قال أمر هو أوكد من أمر أخيك يحب أن يكون انبساطك به أتم. فقلت ما هو ؟ قال: ان خبر الوقعة بالقافلة التى كنت فيها بلغنا في يوم كذا وكذا فما بقى بدمشق أحد إلا وردت عليه مصيبة عظيمة إما بذهات مال، أو بغم على صديق غيرى فانه لم يكن لى بشئ من ذلك تعلق واستعد الناس للخروج إلى تلقى المنقطعين وإصلاح أحوالهم، ولم أعزم أنا، فلما كان في الليل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي، وكأنه يقول لى: أدرك أبا محمد بن الازرق الانباري فأغثه وأصلح شأنه بما يبلغه مقصده، فلما أصبحت خرجت مع الناس اسأل عنك، فكان ما رأيت فهات فاذكر الآن ما تريده. قال: فبكيت بكاء شديدا لم أقدر معه على خطابه مدة، ثم نظرت ما يبلغني مصر فطلبته منه وأخذته وأصلحت أمرى وسألت الرجل عما يعرف به ؟ فقال: أنا فلان ابن فلان الصابونى. ذكره أبو محمد وأنسيه أبو الحسن. فلما بلغت إلى مصر حدثت أخى بالحديث فتعجب منه وبكى. وقال أبو الحسن: وضرب الدهر من ضربه، وورد أخى أبو محمد إلى بغداد بعد سنين كثيرة فتذاكرنا هذا الحديث. فقال لى: لما عرفني أخى أبو محمد ما عامله به ابن الصابونى الدمشقي جعلته صديقا وكنت أكاتبه فلما وردت إلى دمشق وجدت حال الرجل قد اختلفت بمحن لحقته فوهبت له ضيعتي بدمشق وكانت جليلة الغلة والقيمة وسلمتها إليه مكافأة على ما فعل وعامل به أخى أبا محمد. قال محمد بن عبدوس في: " كتاب الوزراء " حدثنى الحسين بن على الباطقائى قال: حدثنى أبى، قال: قال أحمد بن المدبر: لما أمر محمد بن عبد الملك بحبسي ادخلت محبسا فيه أحمد بن اسرائيل وسليمان بن وهب، ________________________________________