[ 53 ] فتنكبت (1) فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: " لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا " فقالت الطائفة التي وعظتهم: " معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون " قال: فقال الله عزوجل: " فلما نسوا ما ذكروا به " يعني لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على الخطيئة، فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم، قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لامر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل لاصحابه: يا قوم أرى والله عجبا، قالوا: وما ترى ؟ قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون، لها أذناب، فكسروا الباب، قال: فعرفت القردة أنسابها من الانس، (2) ولم تعرف الانس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم ؟ فقال علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لاعرف أنسابها (3) من هذه الامة لا ينكرون ولا يغيرون (4) بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد قال الله تعالى: " فبعدا للقوم الظالمين " فقال الله: " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ". (5) توضيح: قوله: (ليلة الاحد) أي لئلا يرجع ما أتاهم يوم السبت، لكنه مخالف لسائر الروايات والسير، والظاهر أن فيه سقطا، ولعله كان هكذا: ليلة السبت ويصطادون يوم الاحد. قوله عليه السلام: (إني لاعرف أنسابها) أي أشباهها مجازا، أي أعرف جماعة من هذه الامة أشباه الطائفة الذين لم ينهوا عن المنكر حتى مسخوا، ويحتمل أن يكون ________________________________________ (1) تنكب عنه: عدل. وفى المصدرين: فسكتت. (2) في سعد السعود: ولهم أذناب، فكسروا الباب، ودخلوا المدينة، قال: فعرف القردة اشباهها من الانس، ولم تعرف الانس اشباهها من القردة. (3) في سعد السعود: أشباهها. (4) في سعد السعود: ولا يقرون. (5) تفسير القمي: 226 - 228. ________________________________________