وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[ 410 ] ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في أمره، ولم يضحك من شئ قط مخافة الاثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح لشئ إن أتاه من أمر الدنيا، (1) ولا حزن منها على شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له الاولاد الكثيرة وقدم أكثرهم إفراطا (2) فما بكى على موت أحد منهم، ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به، (3) ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه، ويحترز به من الشيطان، وكان يداوي قلبه بالتفكر، ويداري نفسه بالعبر، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، ومنح العصمة، وإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون (4) بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الارض، تحكم بين الناس ؟ فقال لقمان: إن أمرني ربي بذلك فالسمع والطاعة، لانه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وإن هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم ؟ قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل ولا يعان، ويغشاه الظلم من كل مكان، وصاحبه منه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكما سريا شريفا. ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه ولا تدرك تلك. قال: فتعجبت الملائكة من حكمته، واستحسن الرحمن منطقه، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، وخرج على الناس ________________________________________ (1) في المصدر وفى نسخة: ولم يفرح بشئ أتاه من أمر الدنيا. (2) من أفرط فلان ولدا أي مات له ولد صغير قبل أن يبلغ. (3) في المصدر: بما ابتلوا به. (4) أي حين نام الناس، والقائلة: منتصف النهار. ________________________________________