[3] تقديم ما أمر الله بتأخيره وتأخير ما أمر بتقديمه، والاسراف تجاوز الحد في الخطاء. (أنت المقدم) أي الاشياء بحسب الازمنة والامكنة، والمؤخر لها بحسبهما أو بحسب المراتب الدنيوية، فيرجعان إلى المعز والمذل أو الاخروية كما قدم الانبياء والاوصياء أنهم أئمة وأخر غيرهم عنهم فجعلهم أتباعا لهم، ويحتمل أن يراد بهما ما يرجع إلى البداء، ولعله أنسب بالمقام (بعلمك الغيب) الباء للقسم ويحتمل السببية (خشيتك في السر والعلانية) لعل المراد بالخشية أثرها، وهو فعل الطاعة وترك المعصية، أي يظهر أثر الخشية مني في حضور الخلق وغيبتهم (في الغضب) أي عن المخلوقين (والرضا) أي عنهم، والمعنى لا يكون غضبي على أحد سببا لان لا أقول الحق فيه، ولارضاي عن أحد سببا لان اثبت له ما ليس له، والقصد التوسط في النفقة. (نعيما لا ينفد) أي في الاخرة أو في الدنيا أو الاعم بأن يتصل نعيم الدنيا بنعيم الاخرة، وهو أتم، ومثله قرة العين وهو ما يوجب السرور، وقيل اريد به النسل الذي لا ينقطع لقوله تعالى (هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) (1) أو المحافظة على الصلوات لقوله صلى الله عليه وآله (وقرة عيني في الصلاة). وقال في النهاية: فيه الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة، أي لاتعب فيه ولا مشقة، و كل محبوب عندهم بارد، والنظر إلى الوجه المراد به النظر بعين القلب إلى ذاته تعالى أو بعين الرأس إلى حججه عليهما السلام فانهم وجه الله الذي يتوجه بهم إليه، ومن أراد التوجه إلى الله يتوجه إليهم، وكذا المراد بلقائه تعالى إما لقاؤهم أو لقاء ثوابه، وعلى التقديرين اريد به الشوق إلى الموت والاخرة، وقطع التعلق عن الدنيا. وقوله: (من غير ضراء) متعلق به أي لا يكون رضاي بالموت بسبب البلايا الشديدة التي لا يمكنني الصبر عليها، فأتمنى الموت لها، (والمضرة) تأكيد للضراء، أو وصف لها لانه لا يكون الدنيا بدون الضراء في الجملة، ولكن لا يكون ضراء لا يمكنني الصبر عليها، أو المراد بها مضرة الاخرة، وقيل متعلق بأحيني ويحتمل تعلقه بالجميع أي أعطني جميع ذلك من غير أن يكون بي ضراء شديدة. ________________________________________ (1) الفرقان: 74. ________________________________________