وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[16] فإن لم يحس بشئ لم يشعر بكونه ملائما وبكونه منافرا، وإذا لم يشعر بذلك امتنع كونه مريدا للجذب أو الدفع، فثبت أن الشئ الذي يكون متحركا بالارادة فإنه بعينه يجب أن يكون حساسا، فثبت أن المدرك لجميع المدركات بجميع أنواع الادراكات وأن المباشر لجميع التحريكات الاختيارية شئ واحد. وأيضا فإنا إذا تكلمنا بكلام لقصد تفهيم الغير معاني تلك الكلمات فقد عقلناها وأردنا تعريف غيرنا تلك المعاني، ولما حصلت هذه الارادة في قلوبنا حاولنا إدخال تلك الحروف والاصوات في الوجود، لنتوسل بها إلى تعريف غيرنا تلك المعاني. إذا ثبت هذا فنقول: إن كان محل العلم والارادة ومحل تلك الحروف و الاصوات جسما واحد، لزم أن يقال: إن محل العلوم والارادات هو الحنجرة و اللهاة واللسان، ومعلوم أنه ليس كذلك. وإن قلنا: إن محل العلوم والارادات هو القلب لزم أن يكون محل الصوت هو القلب أيضا، وذلك باطل أيضا بالضرورة. وإن قلنا: إن محل الكلام هو الحنجرة واللهاة واللسان ومحل العلوم والارادات هو القلب ومحل القدرة هو الاعصاب والاوتار والعضلات كنا قد وزعنا هذه الامور على هذه الاعضاء المختلفة، لكنا أبطلنا ذلك وبينا أن المدرك لجميع الادراكات والارادات والمحرك لجميع الاعضاء بجميع أنواع التحريكات يجب أن يكون شيئا واحدا، فلم يبق إلا أن يقال: محل الادراك والقدرة على التحريك شئ سوى هذا البدن وسوى أجزاء هذا البدن، وأن هذه الاعضاء جارية مجرى الآلات والادوات، فكما أن النجار يفعل أفعالا مختلفة بواسطة آلات مختلفة، فكذلك النفس تبصر بالعين وتسمع بالاذن وتتفكر بالدماغ وتعقل بالقلب، فهذه الاعضاء آلات النفس وأدوات لها، وذات النفس جوهر مغائر لها مفارق عنها بالذات متعلق بها تعلق التصرف والتدبير، وهذا البرهان برهان شريف يقيني في هذا المطلوب وبالله التوفيق. ومنها أنه لو كان الانسان عبارة عن هذا الجسد لكان إما أن يقوم بكل واحد من الاجزاء حياة وعلم وقدرة عليحدة، أو يقوم بجميع الاجزاء حياة وعلم وقدرة واحدة والقسمان باطلان، أما الاول فلانه يقتضي كون كل واحد من أجزاء الجسد حيا ________________________________________