وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[14] الانسان جسم موجود خارج البدن فلا أعرف أحدا ذهب إلى ذلك. اقول: ثم ذكر حججا عقلية طويلة الذيل على إثبات النفس ومغارتها للبدن. منها: أن النفس واحدة ومتى كانت واحدة وجب أن تكون مغائرة لهذا البدن ولكل واحد من أجزائه، أما كونها واحدة فتارة ادعى البداهة فيه، وتارة استدل عليه بوجوه: منها أنا إذا فرضنا جوهرين مستقلين، يكون كل واحد منهما مستقلا بفعله الخاص، امتنع أن يصير اشتغال أحدهما بفعله الخاص به مانعا لاشتغال الآخر بفعله الخاص به، وإذا ثبت هذا فنقول: لو كان محل إلا دراك والفكر جوهرا ومحل الغضب جوهرا آخر ومحل الشهوة جوهرا ثالثا، وجب أن لا يكون اشتغال القوة الغضبية بفعلها مانعا للقوة الشهوانية من الاشتغال بفعلها ولا بالعكس، لكن التالي باطل، فإن اشتغال الانسان بالشهوة وانصبابه إليها يمنعه من الاشتغال بالغضب والانصباب إليه وبالعكس، فعلمنا أن هذه الامور الثلاثة ليست مبادئ مستقلة، بل هي صفات مختلفة لجوهر واحد، فلاجرم كان اشتغال ذلك الجوهر بأحد هذه الافعال عائقا له عن الاشتغال بالفعل الآخر. ومنها: أن حقيقة الحيوان أنه جسم ذو نفس حساسة متحركة بالارادة فالنفس لا يمكنها أن تتحرك بالارادة إلا عند حصول الداعي، ولا معنى للداعي إلا الشعور بخير يرغب في جذبه، أو بشر يرغب في دفعه، وهذا يقتضي أن يكون المتحرك بالارادة هو بعينه مدركا للخير والشر والملذ والموذي والنافع والضار، فثبت بما ذكرنا أن النفس الانسانية شئ واحد، وثبت أن ذلك الشئ هو المبصر والسامع والشام والذائق واللامس والمتفكر، والمتذكر والمشتهي والغاضب، وهو الموصوف بجميع الادراكات لكل المدركات، وهو الموصوف بجميع الافعال الاختيارية والحركات الارادية. ثم قال: وأما المقدمة الثانية فهى في بيان أنه لما كانت النفس شيئا واحدا وجب أن لا يكون النفس هذا البدن ولا شيئا من أجزائه، وأما امتناع كونها جملة هذا البدن فتقريره: أنا نعلم بالضرورة أن القوة الباصرة غير سارية في كل البدن ________________________________________