[353] تبالي أن تجوع إذا شبع، وتعطش إذا روي، وتعرى إذا كسي، وجعل الله - تعالى ذكره - رزقه في ثدي امه، في إحديهما طعامه وفي الاخرى شرابه، حتى إذا رضع آتاه الله في كل يوم بما قدر له فيه من الرزق، وإذا أدرك فهمه الاهل والمال والشره والحرص، ثم هو مع ذلك بعرض (1) الآفات والعاهات والبليات من كل وجه، و الملائكة تهديه وترشده، والشياطين تضله وتغويه، فهو هالك إلا أن ينجيه الله تعالى وقد ذكر الله - تعالى ذكره - نسبة الانسان في محكم كتابه فقال عزوجل " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فسكونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون (2) ". قال جابر بن عبد الله الانصاري: فقلت: يا رسول الله ! هذه حالنا فكيف حالك وحال الاوصياء بعدك في الولادة ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه واله مليا ثم قال: يا جابر ! لقد سألت عن أمر جسيم لا يحتمله إلا ذوحظ عظيم، إن الانبياء والاوصياء مخلوقون من نور عظمة الله جل ثناؤه (3) يودع الله أنوارهم أصلابا طيبة وأرحاما طاهرة، يحفظها بملائكته، ويربيها بحكمته، ويغذوها بعلمه، فأمرهم يجل عن أن يوصف، و أحوالهم تدق عن أن تعلم، لانهم نجوم الله في أرضه، وأعلامه في بريته، وخلفاؤه على عباده، وأنواره في بلاده، وحججه على خلقه. يا جابر ! هذا من مكنون العلم و مخزونه، فاكتمه إلا من أهله (4). بيان: في القاموس: الوجنة - مثلثة وككلمة ومحركة -: ما ارتفع من الخدين. والمصرور: الاسير " لانه مجموع اليدين، من " صررت " جمعت، وقال: صر الناقة: شد ضرعها. وقال: ناطه نوطا: علقه. والشره - بالتحريك -: غلبة الحرص. ________________________________________ (1) في المصدر: تعرضه. (2) المؤمنون: 12 - 16. (3) في المصدر: جل ذكره. (4) الفقيه: 589. ________________________________________