[348] ومضاعفات الاستار، بدئت من سلالة من طين، ووضعت في قرار مكين، إلى قدر معلوم وأجل مقسوم، تمور في بطن امك جنينا، لاتحير دعاء، ولا تسمع نداء، ثم اخرجت من مقر [ك] إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف سبل منافعها، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي امك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك ؟ هيهات ! إن من يعجز عن صفات ذي الهيئة والادوات فهو عن صفات خالقه أعجز، ومن تناوله بحدود المخلوقين أبعد (1). توضيح: السوي: العدل، والوسط، ورجل سوي أي مستوي الخلقة غير ناقص. وأنشأ الخلق: ابتدأ خلقهم، والرعاية: الحفظ، والمرعي: من شمله حفظ الراعي. ومضاعفات الاستار أي الاستار المضاعفة، والحجب بعضها فوق بعض. " بدئت من سلالة.. " إشارة إلى قوله تعالى " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (2) " وقد مر وجوه التفسير فيه، وهي جارية ههنا. و المكين: المتمكن، وهو في الاصل صفة للمستقر، وصف به المحل مبالغة، أو المراد تمكن الرحم في مكانها مربوطة برباطات كما سيأتي، والمعنى: في مستقر حصين هي الرحم " إلى قدر معلوم " أي مقدار معين من الزمان قدره الله للولادة. وقسمه - كضربه - وقسمه - بالتشديد - أي جزأه وفرقه، وقسم أمره أي قدره. والاجل المقسوم: المده المقدرة لحياة كل أحد، فالظرف متعلق بمحذوف، أي منتهيا إلى أجل مقسوم أو يقال: الوضع في الرحم غايته ابتداء الاجل أي مدة حياة الدنيا، ويحتمل أن يكون تأكيدا للقدر المعلوم. ومار الشئ - كقال -: تحرك، أو بسرعة واضطراب، والجنين الولد في البطن لاستتاره، من " جن " أي استتر، فإذا ولد فهو منفوس. والمحاورة: الجواب ومراجعة النطق، ويقال " كلمته فما أحار إلي جوابا " أي يجبني. و دعوته دعاء: ناديته وطلبت إقباله. " لم تشهدها " أي لم تحضرها قبل ذلك ولم تعلم بحالها. والاجترار: الجذب. " مواضع طلبك " قيل: أي حلمة الثدي، والجمع ________________________________________ (1) نهج البلاغة: ج 1، ص 303. (2) المؤمنون: 13. ________________________________________