[604] يقيمونه من أسواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم مما لا يبلغه رفق غيرهم. ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم ومعونتهم وفي الله لكل سعة ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه وليس يخرج الوالي من حقيقة ما أكرم الله تعالى من ذلك إلا بالاهتمام والاستعانة بالله وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل. فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولامامك أنقاهم جيبا وأفضلهم حلما ممن يبطئ عن الغضب ويستريح إلى العذر ويرؤف بالضعفاء وينبو على الاقوياء وممن لا يثيره العنف ولا يقعد به الضعف ثم ألصق بذوي [المروآت و] الاحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة ثم أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة فإنهم جماع من الكرم وشعب من العرف. ثم تفقد من أمورهم ما يتفقده الوالدان من ولدهما ولا يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به وإن قل فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك وحسن الظن بك ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه. وليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك ولا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم على ولاة أمورهم (1) وقلة استثقال دولهم وترك استبطاء ________________________________________ (1) ومثله في متن ط الحديث من شرح ابن أبي الحديد، وها هنا في نسخة الصبحي الصالح زيادة هذا نصها: " فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك، وإن أفضل قرة عين الولاة استقامه العدل في البلاد وظهور مودة الرعية. وأنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم، ولا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم على ولاة الامور... ". (*) ________________________________________