[ 141 ] يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا. بيان: المنحة: العطاء. يا هشام لا دين لمن لا مروة له، ولا مروة لمن لا عقل له: وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها. بيان: المروة، الانسانية وكمال الرجولية، وهي الصفة الجامعة لمكارم الاخلاق ومحاسن الآداب. والخطر: الحظ والنصيب، والقدر والمنزلة، والسبق الذي يتراهن عليه، والكل محتمل. يا هشام إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول، لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال، يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق. وقال الحسن بن علي (عليه السلام) إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال: الذين قص الله في كتابه وذكرهم، فقال: إنما يتذكر اولوا الالباب. قال: هم اولوا العقول. وقال علي بن الحسين (عليه السلام)، مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، وأدب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العقل تمام العز، واستتمام المال تمام المروة، وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الاذى من كمال العقل، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا. بيان: أدب العلماء زيادة في العقل أي مجالستهم وتعلم آدابهم، والنظر إلى أفعالهم وأخلاقهم موجبة لزيادة العقل. واستتمام المال وفي الكافي: استثمار المال، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الانسانية وموجب له أيضا. قوله: قضاء لحق النعمة، أي شكر لحق أخيه عليه، حيث جعله موضع مشورته، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم، ولعل الاخير أظهر. يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يعد ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجاءه، ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه يقول: اوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية، والعدل في الرضاء والغضب، والاكتساب في الفقر والغنى، وأن تصلوا من ________________________________________