17649 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ثنا عبد الواحد ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب قائد كعب حين عمي من بنيه قال سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله A في غزوة تبوك قال كعب بن مالك Y لم أتخلف عن رسول الله A في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني تخلفت عن غزوة بدر ولم يعاتب الله أحدا [ ص 34 ] حين تخلف عنها إنما خرج رسول الله A يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله A ليلة العقبة وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت أذكر في الناس منها كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله A في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما اجتمعت عندي قبلها راحلتان قط حتى جمعتهما تلك الغزوة ولم يكن رسول الله A يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله A في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريده والمسلمون مع رسول الله A كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان قال كعب فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله وغزا رسول الله A تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فتجهز رسول الله A والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ولم أقض شيئا وأقول في نفسي إني قادر على ذلك إذا أردته فلم يزل يتمادى بي حتى استجد بالناس الجد فأصبح رسول الله A والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت أتجهز بعده يوما أو يومين ثم ألحقهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم اقض شيئا ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن ارتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم يقدر لي ذلك فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله A فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء فلم يذكرني رسول الله A حتى بلغ تبوك قال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه ينظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا إلا خيرا فسكت رسول الله A قال كعب فلما بلغني أن رسول الله A قد توجه قافلا من تبوك حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غدا وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي فلما قيل إن رسول الله A قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لا أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه وأصبح رسول الله A قادما وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاء المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله A علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله D فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال ما خلفك ألم تكن ابتعت ظهرك فقلت بلى يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر فإني أعطيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كاذبا ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو عفو الله لا والله ما كان بي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله A أما هذا فقد صدق قم حتى يقضي الله فيك فقمت وسار رجال من بني سلمة فقالوا يا كعب والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله A بما اعتذر إليه المخلفون قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله A لك فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي ثم قلت هل لقي هذا معي أحد قالوا نعم رجلان قالا مثل ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما ونهى رسول الله A عن كلامنا الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما وأما أنا فكنت [ ص 35 ] أشب القوم وأجلدهم وكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق لا يكلمني أحد وآتي رسول الله A فأسلم عليه فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ثم أصلي فأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي فإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال علي ذلك من جفوة المسلمين تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو بن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت له يا أبا قتادة أنشدك الله هل تعلمني أحب الله ورسوله قال فسكت فعدت له فنشدته فسكت قال فعدت له فناشدته الثالثة فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار قال فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان وكنت كاتبا فإذا فيه أما بعد فقد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك فقلت حين قرأتها وهذا أيضا من البلاء فيممت به التنور فسجرته بها حتى إذا مضت لنا أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله A فقال إن رسول الله A يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت أطلقها ماذا أفعل بها فقال لا بل اعتزلها فلا تقربنها وأرسل إلي صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله هذا الأمر قال كعب فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله A فقالت يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليست له خادم فهل تكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربنك قالت إنه والله ما به حركة إلى شيء وإنه ما زال يبكي مذ كان من أمره ما كان إلى يومي هذا فقال لي بعض أهلي لو أستأذنت رسول الله A في امرأتك كما أذن لهلال بن أمية تخدمه فقلت والله لا أستأذن فيها رسول الله A وما يدريني ما يقول لي رسول الله A إن استأذنته فيها وأنا رجل شاب فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله A عن كلامنا فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع يا كعب بن مالك أبشر فخررت ساجدا وعرفت انه قد جاء الفرج وأذن رسول الله A بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروني وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع إلي من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشراه ووالله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله A فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال رسول الله A وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك أمك قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله تبارك وتعالى وكان رسول الله A إذا بشر ببشارة يبرق وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله D وإلى الرسول قال رسول الله A أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر فقلت يا رسول الله إنما نجاني الصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت والله ما أعلم أحدا من المسلمين ابتلاه الله في صدق الحديث مذ حدثت ذلك رسول الله A أحسن مما ابتلاني ما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول الله A إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي فأنزل الله على رسوله { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } فوالله ما أنعم الله علي من نعمة بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله A يومئذ ان لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه فإن الله قال للذين كذبوه حين نزل الوحي شر ما قال لأحد قال الله تبارك وتعالى { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } قال كعب وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله A حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله A أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك قال الله تبارك وتعالى { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } وليس الذي ذكر الله تخلفنا عن الغزو إنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا ممن حلف واعتذر فقبل منه رسول الله A رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير