وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

190 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف أنا أبو سهل الاسفراييني أنا أبو جعفر الحذاء ثنا علي بن المديني ثنا مروان بن معاوية الفزاري ثنا أبو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال Y قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : .
إن الله خلق كل صانع و صنعته .
و روينا عن أبي موسى الأشعري Bه أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : .
الخير و الشر خليقتان ينصبان للناس يوم القيامة .
و روينا في هذا الباب بين أحاديث كثيرة و هي في كتاب القدر مذكورة من أراد الوقوف عليها رجع إليها إن شاء الله تعالى .
قال أصحابنا و لأن الإنسان لو صح أن يحدث شيئا فيما يصح أن يحدث لم يكن بعض ما يصح أن يحدث بأن يكون محدثه بأولى من بعض كما أن الله سبحانه و تعالى لما صح أن يحدث لم يكن بعض ما يصح أن يحدث بأن يصح منه احداثه بأولى من بعض و لأن الإنسان محدث و المحدث لا يصح أن يحدث كما أن الحركة لا يصح أن تتحرك .
و لأن هذه الحوادث التي هي تقع على وجوه لا يقصدها ككون الكفر قبيحا من الكافر غير واقع على قصده لأن الكافر يقصد أن يقع كفره حسنا غير قبيح و لا يقع إلا قبيحا فدل أن قاصدا قصد إيقاعه قبيحا لأن يستحيل أن يقع كذلك من غير فاعل فعله على ما هو به و كذلك الإيمان يقع متعبا مؤلما و لو قصد المؤمن أن يقع على خلاف هذا الوجه لم يتأت منه ذلك دل أنه وقع كذلك لقصد موقع أوقعه كذلك غير الذي لو جهد لخلافه أن يقع لم يقع .
و لأنا نجد الإنسان غير عالم بحقائق أفعاله كلها و كمياتها و عدد أجزائها و لا يجوز أن يكون مخترعا لها و هو لا يحيط بها علما إذ لو ساغ ذلك لم ينكر أن يكون سائر المخترعين كذلك و أن يكون كذلك حكمة الباري في اختراعه و لا يدخل عليه الكسب لأن الكسب هو اختراع عالم بحقائقه من جميع وجوهه جعله كسبا لنا و نحن مكتسبون له غير مخترعين له و الذي يؤكد هذه الطريقة قوله عز و جل : .
{ وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
و ظاهر هذا إنه خلق الإسرار و الجهر اللذين يكتسبان بالقلب و أنه عليم بهما و كيف لا يعلم و هو خلقهما ؟ فدل أن الخلق يقتضي علم الخالق بالخلق من كل الوجوه .
و لأن الدلالة قد قامت أن كل مقدور فالله قادر عليه لقيام الدلالة على أن القدرة من صفات ذاته كالعلم فوجب أن يقدر كل مقدور كما يعلم كل معلوم و إذا كان كذلك فوجب أن يكون إذا وجد و هو مقدور أن يكون مرادا له أن يكون فعله كما إذا وجد مقدور الإنسان مرادا له لم يكن فعله ؟ .
فإن قيل إذا كان الله خالقا لكسب العباد أفيقولون إن الفعل وقع من فاعلين ؟ .
قيل لا فاعل في الحقيقة إلا الله عز و جل كما أنه لا خالق إلا هو و الإنسان مكتسب على الحقيقة غير فاعل و لا محدث العين عن العدم .
و كان الشيخ أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان يقول : فعل القادر القديم خلق و فعل القادر المحدث كسب فتعالى القديم عن الكسب و جل و صغر المحدث عن الخلق و ذل .
و قال فإن قيل : أفتقولون هو مقدور لقادرين ؟ .
قيل : نعم أحدهما بخلقه و يخترعه و يخرجه عن العدم و هو الله سبحانه و تعالى .
و الثاني يكتسبه و لا يخلقه و هو العبد و الخلق ما تعلقت به قدرة أزلية حادثة و الكسب ما تعلقت به قدرة حادثة فالقدر الأزلية تؤثر في الاختراع و القدرة الحادثة تؤثر في الاكتساب .
فإن قالوا : فإذا كان الله تعالى خلق أعماله كلها أعمالا له فكيف يثيبه و يعاقبه .
و قيل ليس الثواب من الله عز و جل إلا بتفضل عليه و أما العقاب فهو لو ابتلاه في العذاب كان له أن يفعله لأن ملكه و في قبضته و ليس الكفر علة العقاب و لا الإيمان علة الثواب إنما هما اماراتان جعلتا علمين لهما .
فقيل : إن كنت كافرا عذبت في الآخرة و إن كنت مؤمنا عوفيت و أثبت و جميع ذلك من الثواب و العقاب و الكفر و الإيمان خلقه و اختراعه لا لعلة يفعل ما يشاء .
فإن قيل فإذا عاقبه ما خلقه له كان ظالما له .
قيل : لم قلت ذلك ؟ و ما ينكر أن حقيقة الظلم هو تعدي الحد و الرسم الذي يرسمه الآمر الذي لا آمر فوقه و إن يكون للظلم منه معنى إذ أفعاله كلها تقع على غير وجه التعدي و التحكم فيما لا يملك فلا يستحق اسم الظالم و لو ساغ ما قلته لم ينفصل ممن قال إذ أمكنه من الكفر و علمه أن لا يأتي إلا بالكفر لم يصح أن يعاقبه لأن يكون ظالما له حينئذ و ما الفصل ؟ و كذلك إذا خلق له الآلات و الحياة و القدرة و الشهوة للمعاصي و علم أنه لا يفعل بها إلا كفرا به عرضه للهلاك و العطب فيكون له ظالما و وجب أن يكون في إيلام الأطفال و المجانين و البهائم ظالما و لا معنى لتقدير العوض فيه فإن العوض لا يحسن به القبيح في الشاهد إلا بمرضاه فإذا كان جميع ذلك منه غير منسوب إلى الظلم لأنه المالك على الحقيقة و هو فيما يفعله في ملكه غير متعد ذلك ما قلنا لا فصل بينهما .
فإن قيل : من خلق الكفر كان كافرا و من خلق الظلم كان ظالما .
قيل له ما ينكر على من يقول من خلق النوم كان نائما و من خلق الخوف كان خائفا و من خلق المرض كان مريضا و من خلق الموت كان ميتا ؟ فإذا لم يلزم ذلك في هذه الأشياء لم يلزم في الكفر و الظلم .
فإن قيل أفتقولون إن الله تعالى يشاء الكفر و الظلم ؟ .
قيل له إن أردت بقولك يشاء الكفر نفي الغلبة و العجز و الإكراه على ما يشاء فنعم يشاء أن يكون ما يريد .
و جواب آخر و هو أن يشاء أن يكون موجودا لما لم يزل عالما بأن يكون موجودا فلا يكون خلاف ما علم و الكفر مما لم يزل كان عالما به أن يكون موجودا ألا تراه يقول : .
{ يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة } .
و فيه جواب آخر و هو أنه شاء أن يكون الكفر من الكافر خلاف الإيمان و من المؤمن ألا ترى أن موسى و هارون سألا إضلال فرعون و قومه و السد على قلوبهم فلا يؤمنوا فقال الله تعالى : .
{ قد أجيبت دعوتكما فاستقيما } .
فشاء إضلالهم و السد على قلوبهم فلا يؤمنوا لما أجاب دعوتهما .
و فيه جواب آخر : يشاء أن يكون الكفر قبيحا ضلالا عمى خسارا لا نورا و هدى و حقا و بيانا و إن أردت تقول : يشاء الكفر أي يأمر به فلا تقول ذلك .
فإن قيل : الحكيم من يريد أن يشتم و يذكر بسوء ؟ .
قيل الحكيم من يجري الشتم على لسان النائم و المبرسم و لا فعل لهما الحكيم من يخلق عبدا يعلم إنه لا يزال يشتمه و يجحده ثم يحدث له كل ساعة قوة جديدة .
و قيل : من كان الشتم ينقصه فليس بحكيم و من لم ينقصه فحكيم لأنه يشاء ما لم يكن و لأن من يريد أن يكون شتم الشاتم له خلاف مدح المادح له فحكيم و من أراد أن يكون شتم الشاتم له معصية من الكافر لا طاعة فحكيم لأن من يريد الشيء على ما لا يكون خلافه فحكيم و من أراد أن يكون الشتم موجودا في الوقت الذي لم يزل به عالما أنه يكون فيه موجودا فحكيم لأنه أراد الشيء في الوقت الذي كان يكون فيه و من أراد أن لا يكون مغلوبا مقهورا مكروها على كون ما لا يريد فحكيم و الكلام في هذا يطول .
فإن قيل ما تقولون في استطاعة العبد ؟ .
قيل : نقول هي قدرته و هي مع فعل العبد و هي توفيق من الله تعالى للطاعة و خذلان منه في المعصية قال الله عز و جل : .
{ فضلوا فلا يستطيعون سبيلا } .
و قد كانوا لسبيل الباطل مستطيعين فدل على أنه نفي عنهم استطاعة الحق لأنهم لم يكونوا فاعلين له و قال مخبرا عن صاحب موسى عليه السلام أنه قال : .
{ إنك لن تستطيع معي صبرا } .
فنفى عنه استطاعة الصبر حين أراد أن ينفي عنه الصبر و قال النبي صلى الله عليه و سلم : .
كل ميسر لما خلق له .
فدل أنه في حال كسبه ميسر و تيسيره قدرته و لأن المسلمين يقولون إنه لا يستطيع الخير إلا بالله و هو قبل كونه ليس بخير فدل على أنه استطاعتهم تكون معه و لأن الاستطاعة سبب للفعل يوجد بوجودها و يعدم بعدمها فجرت مع الكسب مجرى العلة مع المعلول ولا يصح تقدم العلة على المعلول فلا يصح تقدم الاستطاعة على الكسب