وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

133 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو زكريا العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ عمرو بن محمد ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس Y في قوله D : .
{ و اذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا } .
قال : كان الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح و صالح و هود و لوط و شعيب و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و محمد صلى الله عليه و سلم .
و لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا إسرائيل و عيسى فإسرائيل يعقوب و عيسى : المسيح .
قال البيهقي ـ C ـ .
و الإيمان برسول الله صلى الله عليه و سلم يتضمن الإيمان له و هو قبول ما جاء به من عند الله عنه و العزم على العمل به لأن تصديقه في أنه رسول الله إلزام لطاعته و هو راجع إلى الإيمان بالله و الإيمان له لأنه من تصديق الرسل و في طاعة الرسول طاعة المرسل لأنه بأمره أطاعه .
قال الله تعالى : .
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله } .
قال : و النبوة اسم مشتق من النبأ و هو الخبر إلا أن المراد .
به في هذا الموضع خبر خاص و هو الذي يكرم الله D به أحدا من عباده فيميزه عن غيره بإلقائه إليه و يوقفه به على شريعته بما فيها من أمر و نهي و وعظ و إرشاد و وعد و وعيد فتكون النبوة على هذا الخبر و المعرفة بالمخبرات الموصوفة فالنبي صلى الله عليه و سلم هو المخبر بها فإن انضاف إلى هذا التوقيف أمر بتبليغه الناس و دعائهم إليه كان نبيا و رسولا .
و إن ألقي إليه ليعمل به في خاصته و لم يؤمر بتبليغه و الدعاء إليه كان نبيا و لم يكن رسولا فكل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا .
قال : و قد أرشد الله تعالى إلى أعلام النبوة في القرآن كما أرشد إلى آيات الحدث الدالة على الخالق و الخلق فقال عز اسمه : .
{ لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } .
و قال : { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } .
و قال : { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى } .
فأخبر تعالى أنه بعث الرسل لقطع حجة العباد .
و قيل في ذلك وجوه : .
أحدها : أن الحجة التي قطعت على العباد هي أن يقولوا أن الله جل ثناؤه إن كان خلقنا لنعبده فقد كان ينبغي أن يبين لنا العبادة التي يريدها منا و يرضاها لنا ما هي ؟ و كيف هي .
فإنه و إن كان في عقولنا الاستجداء له و الشكر على نعمه التي أنعمها علينا فلم يكن فيها أن التذلل و العبودية منا بماذا ينبغي أن تكون و على أي وجه ينبغي أن تظهر فقطعت حجتهم بأن أمروا و نهوا و شرعت لهم الشرائع و نهجت لهم المناهج فعرفوا ما يراد منهم و زالت الشبهة عنهم .
و الآخر : أن الحجة التي قطعت هي ألا يقولوا إنا ركبنا تركيب شهوة و غفلة و سلط علينا الهوى و وضعت فينا الشهوات فلو أمددنا بمن إذا سهونا نبهنا و إذا مال بنا الهوى إلى وجه قومنا لما كان منا إلا الطاعة و لكن لما خلينا و نفوسنا و وكلنا إليها و كانت أحوالنا ما ذكرنا غلبت الأهواء علينا و لم نملك قهرها و كانت المعاصي منا لذلك .
و الثالث : أن الحجة التي قطعت هي أن لا يقولوا قد كان في عقولنا حسن الإيمان و الصدق و العدل و شكر المنعم و قبح الكذب و الكفر و الظلم و لكن لم يكن فيها أن من ترك الحسن إلى القبيح عذب بالنار خالدا مخلدا فيها و أن من ترك القبيح إلى الحسن أثيب بالجنة خالدا مخلدا فيها لأنه إذا كان لا يدرك بالعقل أن لله جل جلاله خلقا هو الجنة أو خلقا هو النار الغائبة .
فكيف يدرك أن أحدهما معد للعصاة و الآخر لأهل طاعته .
و لو علمنا أنا نعذب على معاص و ذنوب متناهية عذابا متناهيا أو غير متناه أو نثاب بالطاعات المتناهية ثوابا غير متناه لما كان منا إلا الطاعة فقطع الله تبارك و تعالى هذه الحجج كلها ببعثة الرسل و بالله التوفيق .
ثم إن الحليمي ـ C تعالى ـ احتج في صحة بعث الرسل بما عرف من بروج الكواكب و عددها و سيرها ثم بما في الأرض مما يكون قوتا و ما يكون دواء لداء بعينه و ما يكون سما و ما يختص بدفع ضرر السم و ما يختص بجبر الكسر و غير ذلك من المنافع و المضار التي لا تدرك إلا بخير .
ثم بوجود الكلام من الناس فإن من ولد أصم لم ينطق أبدا و من سمع لغة و نشأ عليها تكلم بها فبان بهذا أن أصل الكلام سمع و أن أول من تكلم من البشر تكلم عن تعليم و وحي كما قال الله D : .
{ وعلم آدم الأسماء كلها } .
و قال تعالى : .
{ خلق الإنسان * علمه البيان } .
ثم إن كل رسول أرسله الله تعالى إلى قوم فلم يخله من آية أيده بها و حجة آتاها إياه و جعل تلك الآية مخالفة للعادات إذ كان ما يريد الرسول إثباته بها من رسالة الله D أمرا خارجا عن العادات ليستدل باقتران تلك الآية بدعواه أنه رسول الله .
و بسط الحليمي ـ C تعالى ـ الكلام في ذلك إلى أن قال : و الكذب على الله تعالى و الافتراء عليه بدعوى الرسالة من عنده من أعظم الجنايات فلا يليق بحكمة الله تعالى أن يظهر على من تعاطى ذلك آية ناقضة للعادات فيفتتن العباد به و قد تبرأ الله D من هذا الصنيع نصا في كتابه فقال يعني نبيه صلى الله عليه و سلم : .
{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين } .
قال : و كل آية آتاها الله رسولا فإنه يقرر بها عند الرسول أولا أنه رسوله حقا ثم عند غيره و قد يجوز أن يخصه بآية يعلم بها نبوة نفسه ثم يجعل له على قومه دلالة سواها .
و معجزات الرسل كانت أصنافا كثيرة و قد أخبر الله D أنه أعطى موسى عليه أفضل الصلاة و السلام تسع آيات بينات : العصا و اليد و الدم و الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الطمس و البحر .
فأما العصا فكانت حجته على الملحدين و السحرة جميعا و كان السحر في ذلك الوقت فاشيا فلما انقلبت عصاه حية تسعى و تلقفت حبال السحرة و عصيهم علموا أن حركتها عن حياة حادثة فيها بالحقيقة و ليست من جنس ما يتخيل بالحيل فجمع ذلك الدلالة على الصانع و على نبوته جميعا .
و أما سائر الآيات التي لم يحتج إليها مع السحرة فكانت دلالات على فرعون و قومه القائلين بالدهر فأظهر الله تعالى صحة ما أخبرهم به موسى عليه أفضل الصلاة و السلام من أن له و لهم ربا و خالقا .
و ألان الله D الحديد لداود و سخر له الجبال و الطير و كانت تسبح معه بالعشي و الإشراق .
و أقدر عيسى بن مريم عليه أفضل الصلاة و السلام على الكلام في المهد و كان يتكلم فيه كلام الحكماء و كان يحيي له الموتى و يبرئ ـ بدعائه أو بيده إذا مسح الأكمه و الأبرص و جعل له أن يخرج من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ثم أنه رفعه من بين اليهود لما أن أرادوا قتله و صلبه فعصمه الله تعالى بذلك من أن يخلص ألم القتل و الصلب إلى بدنه و كان الطب عاما غالبا في زمانه فأظهر الله تعالى بما أجراه على يديه و عجز الحذاق من الأطباء عما هو أقل من ذلك بدرجات كثيرة أن التعويل على الطبائع و إمكان ما خرج عنها باطل بأن للعالم خالقا و مدبرا و دل بإظهاره ذلك له و بدعائه على صدقه و بالله التوفيق .
و أما المصطفى نبينا صلى الله عليه و سلم خاتم النبيين صلوات الله عليهم و عليه و على آله الطيبين و صحبه أجمعين فإنه أكثر الرسل آيات بينات و ذكر بعض أهل العلم أن أعلام نبوته تبلغ ألفا فأما العلم الذي اقترن بدعوته و لم يزل يتزايد أيام حياته و دام في أمته بعد وفاته فهو القرآن المعجز المبين و حبل الله المتين الذي كما وصفه به من أنزله فقال : .
{ وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } .
و قال تعالى : .
{ إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين } .
و قال : { بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ } .
و قال : { إن هذا لهو القصص الحق } .
و قال : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون } .
و قال : { كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة } .
و قال : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } .
فأبان ـ جل ثناؤه ـ أنه أنزله على وصف مباين لأوصاف كلام البشر لأنه منظوم و ليس بمنثور و نظمه ليس نظم الرسائل و لا نظم الخطب و لا نظم الأشعار و لا هو كأسجاع الكهان و أعلمه أن أحدا لا يستطيع أن يأتي بمثله ثم أمره أن يتحداهم على الإتيان بمثله إن ادعوا أنهم يقدرون عليه أو ظنوه فقال تعالى : .
{ قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات } .
ثم نقصهم تسعا فقال : .
{ فاتوا بسورة من مثله } .
فكان من الأمر ما نصفه غير أن من قبل ذلك دلالة : و هي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان غير مدفوع عند الموافق و المخالف عن الحصافة و المتانة و قوة العقل و الرأي .
و من كان بهذه المنزلة و كان مع ذلك قد انتصب لدعوة الناس إلى دينه لم يجز بوجه من الوجوه أن يقول للناس : أن ائتوا بسورة من مثل ما جئتكم به من القرآن و لن تستطيعوه إن أتيتم به فأنا كاذب و هو يعلم من نفسه أن القرآن لم ينزل عليه و لا يأمن أن يكون في قومه من يعارضه و إن ذلك إن كان بطلت دعواه فهذا إلى أن يذكر ما بعده دليل قاطع على أنه لم يقل للعرب : أن ائتوا بمثله إن استطعتموه و لن تستطيعوه إلا و هو واثق متحقق أنهم لا يستطيعونه و لا يجوز أن يكون هذا اليقين وقع له إلا من قبل ربه الذي أوحى إليه به فوثق بخبره ـ و بالله التوفيق .
و أما ما بعد هذا فهو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم ائتوا بسورة من مثله إن كنتم صادقين فطالت المهلة و النظرة لهم في ذلك و تواترت الوقائع و الحروب بينه و بينهم فقتلت صناديدهم و سيبت ذراريهم و نساؤهم و انتهبت أموالهم و لم يتعرض أحد لمعارضته فلو قدروا عليها لافتدوا بها أنفسهم و أولادهم و أهاليهم و أموالهم و لكان الأمر في ذلك قريبا سهلا عليهم إذ كانوا أهل لسان و فصاحة و شعر و خطابة فلما لم يأتوا بذلك و لا ادعوا صح أنهم كانوا عاجزين عنه و في ظهور عجزهم بيان أنه في العجز مثلهم إذ كان بشرا مثلهم لسانه لسانهم و عادته عادتهم و طباعه طباعهم و زمانه زمانهم و إذا كان كذلك و قد جاء القرآن فوجب القطع بأنه من عند الله تعالى جده لا من عنده و بالله التوفيق .
فإن ذكروا سجع مسيلمة فكل ما جاء به مسيلمة لا يعدو أن يكون بعضه محاكاة و سرقة و بعضه كأساجيع الكهان و أراجيز العرب و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول ما هو أحسن لفظا و أقوم معنى و أبين فائدة ثم لم تقل له العرب ها أنت تتحدانا على الإتيان بمثل القرآن و تزعم أن الإنس و الجن لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثله لم يقدروا عليه ثم قد جئت يمثله مفترى بأنه ليس من عند الله و ذلك قوله : .
( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) .
و قوله : .
( تالله لولا الله ما اهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا ) .
( فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام إن لاقينا ) .
و قوله : .
( إن العيش عيش الآخره فارحم الأنصار و المهاجره ) .
و قوله : .
تعس عبد الدينار و الدرهم و عبد الخميصة إن أعطي منها رضي و إن لم يعط سخط تعس و انتكس و إن شيك فلا انتقش .
فلم يدع أحد من العرب أن شيئا من هذا يشبه القرآن و أن فيه كثيرا كقوله .
و حكى الأستاذ أبو منصور الأشعري ـ C ـ فيما كتب إلي عن بعض أصحابنا أنه قال : يجوز أن يكون هذا النظم قد كان فيما بينهم فعجزوا عنه عند التحدي فصار معجزة لأن إخراج ما في العادة عن العادة نقض للعادة كما أن إدخال ما ليس في العادة في الفعل نقض للعادة .
و بسط الكلام في شرحه .
و أيهما كان فقد ظهرت بذلك معجزته و اعترفت العرب بقصورهم عنه و عجزهم عن الإتيان بمثله