وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[ 16 ] كان مما وصل إليه علم وتحقيق هؤلاء الشيوخ في موضوع كتابة الحديث النبوى، أن خرجوا على الناس برأى ابتدعوه من عند أنفسهم، لم يقل به أحد. من قبل ! ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قد نهى عن كتابة حديثه في العهد المكى ! ولما انتقل إلى المدينة أباح كتابته، فكتبه أصحابه، وهاك ما جاء في كتيبهم هذا بنص حرفه: " إن موضوع القرآن في هذه الفترة (أي في العهد المكى) كان موضوعا محددا: لقد كان جملة من القضايا تتصل بالغيب، الغيب الالهى، أو - بتعبير آخر - توضيح العقيدة: توحيدا، ورسالة، وبعثا. وكان أسلوب القرآن في ذلك واضحا لا لبس فيه، بينا بيانا سافرا " (1) أي لا يحتاج إل بيان أو تفسير من النبي صلى الله عليه وآله " من أجل ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتابة حديثه، صلوات الله وسلامه عليه " (2)، " ولكن في فترة العهد المدنى تغير الوضع " (3) أي بما نزل من آيات التشريع وغيرها مما يحتاج إلى بيان وشرح، " من أجل ذلك أباح الرسول صلى الله عليه وآله كتابته بعد أن كان قد نهى عنها، وبدأ الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون " (4). هذا ما انتهى إليه تحقيق شيوخنا في أمر كتابة الحديث. وهى مجازفة خطيرة لا تغتفر ! ينبذها العقل الصريح ويأباها النقل الصحيح ! ذلك بأنها تقضى حتما بأن النبي صلى الله عليه وآله قد ظل طوال العهد المكى صامتا لا ينطق بكلمة واحدة، لا في بيان ما ينزل من القرآن، ولا في أي غرض من أغراض الرسالة مما يتصل بشؤون الناس وحياتهم ! وإذا تحدث بشئ، فإنه لا يستحق أن يكتب عنه، ولا يستأهل أن يوثر من بعده ! وهذا ما لا يمكن تصوره أو تصديقه، فضلا ________________________________________ (1) ص 34. (2) ص 35. (3) ص 38. (4) ص 40. (*) ________________________________________