[ 40 ] بوصفه عملية تفكير لكي يكون الاستدلال صحيحا، كيف نستدل على أن سقراط فان ؟ وكيف نستدل على أن نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ؟ وكيف نستدل على أن مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين ؟ وكيف نستدل على أن الخط الممتد بدون نهاية مستحيل ؟ كل هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامة للاستدلال كالقياس والاستقراء، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقا. و وعلم الاصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية غير أنه يبحث عن نوع خاص من عملية التفكير أي عن عملية التفكير الفقهي في إستنباط الاحكام، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليما، فهو يعلمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ؟ وكيف نستنبط إعتصام ماء الكر ؟ وكيف نستنبط الحكم بإستحباب صلاة العيد أو وجوبها ؟ وذلك بوضع المناهج العامة وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط. وعلى هذا الاساس يصح أن يطلق على علم الاصول إسم منطق علم الفقه لانه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشري بصورة عامة. أهمية علم الاصول في عملية الاستنباط ولسنا بعد ذلك بحاجة إلى التأكيد على أهمية علم الاصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط لانه ما دام يقدم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ويضع لها نظامها العام فهو عصب الحياة فيها، وبدون علم الاصول يواجه الشخص في الفقه ركاما متناثرا من النصوص والادلة دون أن يستطيع إستخدامها والاستفادة منها في الاستنباط، كإنسان يواجه أدوات النجارة ويعطى منشارا وفأسا وما إليها من أدوات دون أن يملك أفكارا عامة عن ________________________________________