[ 62 ] طالب ومطلوب منه ومطلوب. فقولنا: (اضرب)، يدل على النسبة الطلبية بين الضرب والمتكلم والمخاطب، ومعنى ذلك جعل الضرب على عهدة المخاطب وبعثه نحوه وتحريكه إليه، وجعل الداعي في نفسه للفعل. وعلى هذا فمدلول هيئة الامر ومفادها هو النسبة الطلبية، وان شئت فسمها النسبة البعثية، لغرض ابراز جعل المأمور به - أي المطلوب - في عهدة المخاطب، وجعل الداعي في نفسه وتحريكه وبعثه نحوه. ما شئت فعبر. غير ان هذا الجعل أو الانشاء يختلف فيه الداعي له من قبل المتكلم، (فتارة) يكون الداعي له هو البعث الحقيقي وجعل الداعي في نفس المخاطب لفعل المأمور به، فيكون هذا الانشاء حينئذ مصداقا للبعث والتحريك وجعل الداعي، أو ان شئت فقل يكون مصداقا للطلب، فان المقصود واحد. و (أخرى) يكون الداعي له هو التهديد، فيكون مصداقا للتهديد، ويكون تهديدا بالحمل الشايع. و (ثالثة) يكون الداعي له هو التعجيز فيكون مصداقا للتعجيز وتعجيزا بالحمل الشايع.. وهكذا في باقي المعاني المذكورة وغيرها. والى هنا يتجلى ما نريد ان نوضحه، فانا نريد ان نقول بنص العبارة. ان البعث أو التهديد أو التعجيز أو نحوها ليست هي معاني لهيئة الامر قد استعملت في مفاهيمها - كما ظنه القوم - لا معاني حقيقة ولا مجازية. بل الحق ان المنشأ بها ليس الا النسبة الطلبية الخاصة، وهذا الانشاء يكون مصداقا لاحد هذه الامور باختلاف الدواعي فيكون تارة بعثا بالحمل الشايع وأخرى تهديدا بالحمل الشايع وهكذا. لا أن هذه المفاهيم مدلولة للهيئة ومنشأة بها حتى مفهوم البعث والطلب. والاختلاط في الوهم بين المفهوم والمصداق هو الذي جعل أولئك يظنون ان هذه الامور مفاهيم لهيئة الامر وقد استعملت فيها استعمال اللفظ في معناه، حتى اختلفوا في انه ايها المعنى الحقيقي الموضوع له الهيئة وأيها المعنى المجازي. ________________________________________