[ 59 ] وترفعه وليس هو بعال حقيقة. أما العالي فطلبه يكون أمرا وان لم يكن متظاهرا بالعلو. كل هذا بحكم التبادر وصحة سلب الامر عن طلب غير العالي، ولا يصح اطلاق الامر على الطلب من غير العالي الا بنحو العناية والمجاز وإن استعلى. 3 دلالة لفظ الامر على الوجوب اختلفوا في دلالة لفظ الامر بمعنى (الطلب) على الوجوب، فقيل: انه موضوع لخصوص الطلب الوجوبي. وقيل: للاعم منه ومن الطلب الندبي. وقيل مشترك بينهما اشتراكا لفظيا. وقيل غير ذلك. والحق عندنا انه دال على الوجوب وظاهر فيه، فيما إذا كان مجردا وعاريا عن قرينة على الاستحباب. واحراز هذا الظهور بهذا المقدار كاف في صحة استنباط الوجوب من الدليل الذي يتضمن كلمة (الامر) ولا يحتاج إلى اثبات منشأ هذا الظهور هل هو الوضع أو شئ آخر. ولكن من ناحية علمية صرفة يحسن أن نفهم منشأ هذا الظهور، فقد قيل: ان معنى الوجوب مأخوذ قيدا في الموضوع له لفظ الامر. وقيل: مأخوذ قيدا في المستعمل فيه ان لم يكن مأخوذا في الموضوع له. والحق انه ليس قيدا في الموضوع له ولا في المستعمل فيه. بل منشأ هذا الظهور من جهة حكم العقل بوجوب طاعة الآمر، فان العقل يستقل بلزوم الانبعاث عن بعث المولى والانزجار عن زجره، قضاء لحق المولوية والعبودية، فبمجرد بعث المولى يجد العقل انه لا بد للعبد من الطاعة والانبعاث ما لم يرخص في تركه ويأذن في مخالفته. فليس المدلول للفظ الامر الا الطلب من العالي، ولكن العقل هو الذي يلزم العبد الانبعاث ويوجب عليه الطاعة لامر المولى ما لم يصرح المولى بالترخيص ويأذن بالترك. ________________________________________